الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناضلو التقاعد المبكر

رزاق عبود

2005 / 5 / 11
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


بصراحة ابن عبود

نماذج من المنفى:


حاولت جهدي ان اتجنب هذا الموضوع لحساسيته. ناقشته مع بعض من اقصدهم فدافعوا بحجج واهيه.
حاورت مع، اخرين، فعلقوا: انها مسأله شخصيه. ولكن تصرفاتهم، وتصريحاتهم، وصورهم التي تلمع على صفحات ألأنترنيت، والمواقع العراقيه، و "الصديقه" بشواربهم المحلوقه، وشعورهم المصبوغه، ليبدون؛ اصغر عمرا، مما هم عليه " مراهقون مابعد ألأربعين" . خطاباتهم الرنانه، ووعظهم الحماسي، عن الصدق، والصراحه، وألأمانه، والثوريه، والوطنيه و..و.. تثير الحنق. أستفزتني لعدم الصمت، لأنها ظاهره مريضه، لا تليق بمن يسعى الى ألأفضل.

التقيت احدهم، وانا ارافق صديق مولع بالتعرف على كل من ينشر حتى ولو "خرط" . ذهبت مضطرا فهو ضيفي. بادرني "الكاتب الغزير" بالسؤال عن عدد الكتب التي نشرت لي. اجبت لم اطبع عدا اطروحتي بثلاث نسخ . ولا افكر في غيرها. فرد بتباهي مفرط: اما انا فقد نشرت ثمانيه كتب، واثنين تحت الطبع. ولكن عمرك لا يسمح! ثم ماذا تعمل؟ وكيف اسعفك الوقت؟ تسائلت. فرد بتعالي: انا لا اعمل. انا متقاعد لاسباب صحيه. اعرف طبيبآ دبر لي ألأمر فهنا كل شي "كلاوات"! ولكن مع هذا فعشرة كتب خلال سنتين؛ رقم قياسي. فرد بأن ألأمر لا يتطلب وقتآ طويلآ. صفحات ألأنترنيت تفيض بالمواضيع، والمعطيات، وألأحصائيات. فأعترضت بأدب؛ بأن هذا تجميع. وكان بودي ان اقول سرقه. اجاب بسرعه: التجميع نوع من انواع التأليف. فمازحته بخباثه : يعني كلاوات. لم يرد. تجاهلني، وفتح موضوعا اخر مع صديق اخر.

في طريق العوده عاتبت صديقي لماذا تضيع وقتنا مع هكذا نماذج؟ فسأل باستحياء. ما ذا تقصد؟ اجبت بعصبيه ان اول ماتعلمناه هو الصدق، وألأمانه في تعاملنا مع ألأخر. ان الذي لا يصدق مع بلد استضافه، وحماه، وقدم له المأوى، والملجأ، وضمن مستقبله، ومستقبل ابنائه، لا يمكنه ان يصدق مع اهله، او زوجته، او اصدقائه، او حزبه، او منظمته، اوبلده العراق. فألأخلاق لا تتجزأ. تلعثم صاحبي وهو يبرر: انهم... يعني... تدري... ان الظروف هي التي تدفع الشخص الى هذا . قلت له بعصبيه: انك كمن يبرر قمع صدام. اهكذا يرد الجميل؟ هل نسرق لأن ألأخرين سراق؟؟!

اخر التقيته صدفه، وهو يعمل عند احدهم بشكل غير شرعي. "بألأسود" كما يسمى هنا. مع احتفاظه بالمعونه ألأجتماعيه . سالته عن قريبته الكاتبه المعروفه. فرد بوقاحه غير معهوده : دعك من هذه العاهره. انها تتضاجع مع زوحها الخنيث في الخارج، ونحن اكلناها في العراق. سألته، ومتى خرجت من العراق؟ منذ فتره قريبه.اجاب باقتضاب. تربية صدام! رددت مع نفسي. لم افتح معه حديث سياسي، او ثقافي بعد ذلك، وكلما التقيته صدفه اراه يحمل قنينه "البيره"، اوقدح الخمر، ويوزع شتائمه، يمينا وشمالا، ضد قوى المعارضه العراقيه التي ادعى ألأنتماء لها عند طلبه اللجوء.

بعد القبض على صدام شاهدته في التلفزيون، وهو يدعي النضال، والمقاومه، وانه تعرض للأضطهاد، والتعذيب، واخذ يشير الى اثار الخدوش القديمه، التي يحملها كل عراقي كان يلعب كرة القدم في الشوارع المعبده بالاسفلت(الجير) او في درابين المحلات الشعبيه المليئه بألأحجار، وقطع الزجاج المتناثر. ثم اشار بوقاحه الى اعلى ذراعه حيث اثار التلقيح، التي بقيت عند كل من تلقح بتلك الطريقه. فسارع ابني الصغير،الذي يشاهد التلفزيون معي، الى موضع ألأثر في ذراعي متسائلا بذعر: وهل عذبوك مثله؟! لا هذه اثار اللقاح ضد الجدري!!! وهنا، ومن فرط تباهيه لم ينتبه لسؤال الصحفي الماكرساخرآ: الهذا السبب تقاعدت مبكرآ؟؟!! يالها من مهزله . صاحبنا هذا سمعت انه يدعي ان له الحق في تولي وزارة ما. كما عرض نفسه ان يكون سفيرا. اي وقاحة؟

شخص اخر، كنت اصادفه في الطريق، وخاصة عند دائرة الضمان ألأجتماعي، وهو يسير بصعوبه على عكازته متكئا عليها، وكأنه لايقوى على السير بدونها. الغريب انني اراه في المناسبات، والحفلات وألمظاهرات، وألأحتفالات يسير، ويركض، ويرفع الكراسي، ويساعد في صف الموائد كأي" قائد شعبي" دون عناء، ولا حاجه لعكازته المعلقه عند باب النادي. مرت فتره لم اعد اصادفه في الشارع، ولا في المناسبات. سألت عنه، فقالوا لقد حصل على التقاعد المرضي. طيب واين هو ألأن؟ في بغداد ويعتقد انه يعمل في احدى دوائر مجلس الحكم السابق، وربما في الأحصاء السكاني ألذي سيتم قريبآ. ذهلت من وقع الخبر فسألت محدثي: وقدمه؟ ألا تحتاج لعلاج؟ فرد صاحبي غامزآ: وهل صدقت؟ القضيه كلها تمثيل.

يومها تذكرت المشهد ألأخير من الروايه الروسيه(نسيت اسمها) والتي عربت، واعدت، وقدمتها فرقة المسرح الفني الحديث في بغداد في السبعينات بأسم "نفوس" . وهي تتحدث عن اناس يجمعهم منع التجول بسبب ألأحصاء السكاني، فتتكشف النفسيات، والطباع، وألأخلاق على حقيقتها . في النهايه لا تتحمل الشخصيه الشعبيه التي يؤديها الفنان القدير يوسف العاني فيخرج، ساخطا، ضاربآ عرض الحائط منع التجول، وألأحصاء السكاني. فيصادف خروجه قدوم الشخص المكلف بتعداد "النفوس" فيصرخ في وجهه ساخرا:

ـ فوت... فوت سجل... شلون نفوس؟؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما رصدته كاميرا شبكتنا داخل مستشفى إماراتي عائم مخصص لع


.. تساؤلات عن المسار الذي سيسلكه الرئيس الإيراني الجديد في العل




.. وفود إسرائيلية وأميركية في مصر.. هل الاتفاق بشأن هدنة غزة با


.. مراسلتنا: قصف مدفعي إسرائيلي على أطراف بلدتي حانين وعيترون ج




.. 5 مرشحين يدعمون القضية الفلسطينية فازوا بمقاعد في مجلس العمو