الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحية إلى المؤتمر السادس لحزب الشعب الديمقراطي السوري

صبحي حديدي

2005 / 5 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ينبغي أن يسجّل انعقاد المؤتمر السادس لـ "حزب الشعب الديمقراطي السوري"، نقلة نوعية على أكثر من مستوى.
فعلى صعيد قوى المعارضة، داخل "التجمع" أو خارجه، هذا هو المؤتمر الأوّل الذي يعقده فصيل أساسي يتّسم بأنه:
ـ ذو تاريخ في معارضة النظام يمتدّ عقوداً، ولعله يبدأ عملياً منذ انشقاق الحزب الشيوعي السوري في 2 نيسان 1972؛
ـ وذو تجربة نضالية مشهود لها، انطوت على تضحيات تبدأ من الاستشهاد تحت التعذيب، ولا تنتهي عند هذه أو تلك من مشاقّ الحياة السرّية والملاحقة والنفي؛
ـ وذو تراث في التفكير النظري المستقلّ عن الجمود العقائدي، سواء في ما يخصّ الماركسية المعاصرة وطبائع اعتناقها في المراحل المعاصرة، أو تسخير المنهجيات الجبّارة التي توفّرها هذه النظرية الفريدة في تأمّل مسائل جوهرية مثل الديمقراطية والحرّية وحقوق الإنسان، فضلاً عن قراءة الوضع الداخي في سورية، وتطورات العالم المعاصر، وقضايا العولمة ومحاصصات القوّة والاقتصاد الكوني والبيئة، وما إليها.
واستطراداً، وعلى صعيد العمل الوطني في سورية إجمالاً، هذا المؤتمر يصلح اختباراً لقدرة أحزاب المعارضة على التطوير والتطوّر، سواء في ما يخصّ حياتها التنظيمية الداخلية، أو في ما يخصّ ربط تلك الحياة بإيقاع العمل العامّ الذي تنخرط فيه مختلف القوى والمنظمات الداعية إلى سورية ديمقراطية لكلّ ابنائها. هو، في عبارة أخرى، محكّ ومعيار: إذا نجح المؤتمر في تدشين خطوات أولى ملموسة على طريق تلك النقلة النوعية، فإنه إنما يكون قد نجح في تعبيد أولى المسافات على درب التطوير الذي تسير فيه أصلاً ـ أو سوف تسير فيه عاجلاً أم آجلاً ـ كلّ القوى الوطنية الديمقراطية الداعية إلى التغيير، بصرف النظر عن عقائدها وخطوطها السياسية.
وعلى صعيد الحزب ذاته، ينبغي لهذا المؤتمر أن يستأنف روحية المؤتمر الخامس، 1979، من حيث استشراف خطّ نظري وسياسي وتنظيمي أرفع وأرقى (تمثّل آنذاك في "الموضوعات"، وينبغي أن يتمثّل اليوم في مختلف الوثائق التي ناقشها الحزب وأصدقاؤه والرأي العامّ إجمالاً، وأقرّها المؤتمر اليوم)، والنهوض بطرائق عمل المنظمات في جوانب عديدة أبرزها تطوير حياة داخلية ديمقراطية حقاً، واعتماد جرعة أعلى من العلانية، وتقديم الكوادر الشابة، والانفتاح الأوسع والأكثر مرونة على المجتمع بمختلف تمثيلاته.
وحتى يستكمل الحزب نشر وثائقه، فيستكمل بذلك وضع نفسه تحت المحكّ في عبارة أخرى، أنحني شخصياً ـ بتقدير كبير واحترام شديد وبهجة شخصية غامرة ـ أمام إجرائين اثنين كشفت عنهما قرارات المؤتمر:
1 ـ وفاء المناضل الكبير رياض الترك، الأمين الأول للحزب، بوعده الذي أعلنه للشعب وللحزب، حول نيّته عدم الترشيح لموقع الأمين الأول، وذلك رغم أنّ ولايته تضمنت قرابة 20 سنة في سجون النظام، ورغم أن أياً من أعضاء الحزب وأنصاره لا يتخيّله في موقع آخر سوى القائد الأول. لقد ضرب مثلاً، وكان قدوة، وهكذا سوف يظلّ لأنه لم يتقاعد ولم يعتزل ولم ينعزل. والأرجح أن النزول عند رغبة الترك كان بين القرارات الأصعب التي توجّب على مندوبي المؤتمر التصويت عليها؛ والأغلب أنّ بين أبرز العوامل التي يسّرت اتخاذه أنّ "إبن العمّ" سوف يواصل مسؤولياته داخل اللجنة المركزية من جهة، ولسوف يمتلك هامش حركة أوسع بوصفه احد أبرز قادة المعارضة السورية، وليس قائد حزب واحد فقط، على أهميته.
2 ـ تغيير اسم الحزب الذي عُرف به تاريخياً، "الحزب الشيوعي السوري ـ المكتب السياسي"، إلى "حزب الشعب الديمقراطي السوري"، استناداً إلى تعليل يلوح نزيهاً وصادقاً بالفعل: "بعد التجربة التي مرّ فيها الحزب في العقود الماضية من النواحي الفكرية والسياسية والتنظيمية، وبعد المتغيّرات الكبرى التي مرّت على العالم، وحتى نتمكّن من تمييز أنفسنا في زحمة التسميات الجامدة التي تهيمن على العمل السياسي في بلادنا، ومن دون أي تخلّ عن تاريخنا الذي نعتزّ به بجميع مكوّناته النضالية، والذي قدم فيه حزبنا وأعضاؤه التضحيات الجسام من أجل الحرية والديموقراطية والتقدم". ومناضلو الحزب، والمخضرمون منهم بصفة خاصة، يعلمون حجم المشقة ـ العاطفية خصوصاً، ولكن ذات الصلة بحصّة الذاكرة الشخصية والجمعية أيضاً ـ التي اكتنفت قرار تغيير اسم الحزب من جهة، وضرورات ذلك القرار من جهة أخرى. ولقد أبهجني، شخصياً أيضاً، أن الحزب لم يستقرّ على اسم "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" واختار "حزب الشعب الديمقراطي السوري"، ليس انحيازاً لمفردة "الشعب" فحسب، بل أيضاً إنصافاً لذاكرة سورية التي تقول إنّ "حزب الشعب" كان أوّل تسمية للحزب الشيوعي في سورية ولبنان.
تحية، إذاً، لـ "حزب الشعب الديمقراطي السوري"، وتهنئة حارة إلى الرفاق أعضاء الحزب وأنصاره وأصدقائه، وإلى قيادات الحزب في لجنة التحكيم الوطنية ولجنة الرقابة المالية واللجنة المركزية وأمانتها، وإلى الأمين الأول الجديد الرفيق عبد الله هوشة، وإلى "إبن العمّ" المناضل الوطني والديمقراطي الأبرز والرفيق والصديق والأخ الكبير رياض الترك.
النجاح في عقد المؤتمر كان الخطوة الأولى الضرورية على درب طويل، لكنّ التحديات الكبرى تنتظر، وليست أقلّها تلك النقلة النوعية. وكذلك تنتظر أعباء المحكّ والمعيار والمقياس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود إيجاد -بديل- لحماس في غزة.. إلى أين وصلت؟| المسائية


.. السباق الرئاسي الأميركي.. تاريخ المناظرات منذ عام 1960




.. مع اشتعال جبهة الشمال.. إلى أين سيصل التصعيد بين حزب الله وإ


.. سرايا القدس: استهداف التمركزات الإسرائيلية في محيط معبر رفح




.. اندلاع حريق قرب قاعدة عوفريت الإسرائيلية في القدس