الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس : نظرة ماوية للنضالات الشعبية .

ناظم الماوي

2013 / 8 / 2
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تونس : نظرة ماوية للنضالات الشعبية .

من حقّنا أن نثور ضد الرجعية ! ماو تسى تونغ
قبل 25 جويلية 2013 ، كانت الساحة السياسية فى تونس تشهد غليانا و توحي بتفاقم أزمة الترويكا الحاكمة و جاء إغتيال محمّد البراهيمي ليمثّل القطرة التى أفاضت الكأس و كان الردّ الشعبي العفوي فوري و عمّ تقريبا غالبية الولايات . و إنطلقت سيرورة ما إنفكّت القوى السياسية و الطبقية تسعى للتأثير فيها و عليها ، بهدف تعميقها ثوريّا أو تسطيحها إصلاحيا أو إجهاضها رجعيّا . و فى الأيام الأخيرة جدّت بعض الأحداث التى تستحق شيئا من التعليق من وجهة نظر ماركسية – لينينية – ماوية .
1- القمع منظّم و مستمرّ :
رغم إتساع رقعة معارضة الترويكا و زخم التحركات التى قلّما شكّك فى شرعيتها عدا أنصار الأحزاب الحاكمة و توابعها وأنصارها ، فإن النهضة وميليشياتها تتمادي فى عنفها المنظّم ضد معارضيها و قوّات القمع عامة – كجهاز لا كأفراد منعزلين - التى لطالما خرجت علينا فى المدّة الأخيرة بفصول المسرحية تلو المسرحية عن الأمن الجمهوري قمعت و بشدّة عديد التحرّكات و بلغ القمع حدّ القتل المتعمّد على غرار ما حدث فى قفصة .
و هذا لمن يفهم حق الفهم العلمي طبيعة قوات القمع ووظيفتها كركيزة من ركائز دولة الإستعمار الجديد ( و من ركائزه الأساسية الأخرى الجيش إضافة إلى الدواوينية إلخ ) ليس بالأمر الغريب فهي تطبّق سياسات القوى السياسية الرجعيةالمهيمنة . والحديث عن إستثناءات أفراد محدودين يرغبون " فى تطبيق القوانين فوق كلّ شيء " يأكّد القاعدة إيّاها و يعكس نسبيّا الإستقطاب السياسي داخل مجموعة صغيرة أفراد قوات القمع التى تظلّ فى النهاية جهازا من أجهزة الدولة كأداة قمع طبقية كما تفهمها عن حقّ الماركسية .
لذا لا ينبغى على الثوريات و الثوريين أن ينخدعوا بخطاب الأمن الجمهوري و يدعوا الجماهير تنخدع به فالجمهورية القائمة هي جوهريا جمهورية دولة الإستعمار الجديد لا أكثر و لا أقلّ . و مقولة " الأمن الجمهوري " لا تعنى وقوف قوات القمع فى غالبيتها إلى جانب الشعب و التاريخ و الواقع العالميين يثبتان ذلك بما لا يدع مجالا للشكّ .
و ليعلم الرفاق و الرفيقات و الثوريات و الثوريون أن يستوعبوا جيدا هذه الحقيقة من آلاف الحقائق الماركسية و لنبذل جميعا جهدنا لإدراك و جعل الجماهير الشعبية تدرك أن القوى السياسية التى تلوك خطاب الأمن الجمهوري قوى إصلاحية تريد بلوغ السلطة أو المشاركة فيها ضمن دولة الإستعمار الجديد بأهمّ مكوّناتها و ليس على أنقاضها أي بالإطاحة بهذه الدولة و تشييد دولة جديدة ثورية .
2- إفتكاك الإصلاحيين لزمام المبادرة :
ببسالة واجه المحتجون لساعات و ساعات ( فى العاصمةو فى أماكن أخرى ) القمع البوليسي لفرض مؤقّت مرارا و تكرارا للإعتصام الذى أطلقت قيادات الداخلية و الوزير ذاته وعودا معسولة مسمومة بتوفير الحماية له .الإعتصام فرض و يفرض يوميّا فرضا و لم تكفّ قوات القمع تناور إذ تروّج لخطاب " إحترام القانون " و تكرّس على أرض الواقع ما يخدم مصلحة السلطة القائمة و الحكومة و الأحزاب الواقفة وراءها .
و للإلتفاف على تشبّث الجماهير العريضة القاعدية أساسا بالإعتصام و خوفا من خروجه على نطاق السيطرة و إستفادة القوى الثورية منه ، لجأ الإصلاحيون من نواب المجلس التأسيسي و المنضوين تحت راية جبهة الإنقاذ و وزير الداخلية بالتأكيد بالتشاور مع الحكومة ، إلى وضع التحرّك الجماهيري ضمن الحدود المقبولة لديهم جميعا ، أصبغوا عليه صبغة القانونية الشكلية و نصّبوا مشرفين عليه و بذلك ، على الأقّل فى تونس العاصمة ، و كخطوة مدروسة وضعوا القيادة و زمام المبادرة بين أيدى الإصلاحيين فى إطار و حدود اللعبة المرسومة ،مستبعدين هكذا و إلى حدود معتبرة إمكانيات تأثير الثوريين و الثوريات فى التحركات وشعاراتها وتأطيرها .
و هذا فى جانب منه يعكس ميزان القوى الحالي بين القوى الإصلاحية التى تمثّل الغالبية الغالبة و القوى الثورية الأقلية التى لم تتوصّل حتى إلى وحدة مواقف جماعية دنيا و فى جانب آخر ينمّ عن إستخلاص الإصلاحيين الدروس من التحرّكات و النضالات الجماهيرية السابقة و سعيهم الدائب إلى عزل القوى الثورية مهما كانت صغيرة مع إستخدامها إنأمكن لهم ضمن خططهم.
و هكذا تحاصر القوى الثورية ( على الأقلّ فى باردو ) و يتوفّر للإصلاحيين مجالا أوسع للمناورة و حتى إمكانية الإنقلاب على المطالب الجماهيرية و القبول بالأدنى .
3- خفض سقف المطالب :
عقب نجاح الحكومة و الإصلاحيين فى وضع إطار مقبول لكليهما ( فى العاصمة على الأقلّ ) قطعت آلة حبك المؤامرات السياسية شوطا آخر قصد خفض سقف المطالب إعتمادا على أسلوب العصا و الجزرة . فقد سعت الدوائر الحاكمة إلى شراء ضمائر بعض النواب بالتأسيسي ونجحت فى جعل قيادات اتحاد الشغل المركزية كالعادة تنهض بدور رجال المطافئ و " الوسيط " بين الحكومة و معارضيها من أجل " حوار وطني " . و كالعادة طلعت علينا الهيئة الإدارية لإتحاد الشغل بخفض رهيب لسقف المطالب الجماهيرية لتحصرها فى الأساس فى حلّ الحكومة متخلّية عن حلّ المجلس التأسيسي طاعنة الشعب فى ظهره . و هذا منها لا يستغربه سوى الذين لا يفقهون الدور الرجعي الموكل للبيروقراطية النقابية فى الصراع السياسي فى البلاد منذ عقود الآن.
بخفض المطالب إلى حلّ الحكومة ، تسبغ البيروقراطية النقابية الموتي من جديد "الشرعية" على المجلس التأسيسي المرفوض شعبيّا و منذ أشهر فيلتحق إتحاد الشغل "بالشرعية النهضوية " التى ماتت و شبعت موتا. بهكذا فعلة شنيعة ينقذ - إلى حين - مرّة أخرى سلطة النهضة و الترويكا و يطلق لها اليد فى مواصلة التحكّم بقدر كبير فى مضامين الدستور والإنتخابات القادمة و الخيارات الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية مقابل تغيير شكلي آخر. أمّا ما سوى ذلك من الوعود و المطالب الجزئية الأخرى فكلام فارغ حيث الإتحاد ذاته خضع للحكومة خضوعا مهينا حتى فى ملفّ الإعتداء عليه.
ذليلة هي البيروقراطية غالبا فى علاقتها بالحكومات رغم خطابها التهييجي التضليلي خاصة فى اللحظات الحرجة التى تقف فيها فى الغالب ضد الجماهير الشعبية و القوى الثورية إلى جانب القوى السياسية الحاكمة . و محطّات تاريخية عدّة لا حاجة إلى ذكرها تنهض دليلا على ذلك .
ولنكن فى منتهى الوضوح : حديثنا يتعلّق بالقيادات و الهياكل المركزية أو الجهازالمركزي أساسا و الإتجاه السائد أو المظهر الرئيسي لها الذى يصنع القرار بإسم الإتحاد ككلّ و لا يشمل بعض الإتحادات المحلّية أو الجهوية التى تفاعلت و تتفاعل إيجابيّا مع المطالب الشعبية .
هذا وجه من المسألة و الوجه الاخر هو التهديدات الحكومية للجماهير و المناضلات و المناضلين و العنف المنظّم للمليشيات و قوات القمع . و مثلما صار دارجا ،كلمّا تعرّضت الحكومة للضغط الشعبي تطلق العنان لعنف جناح الإسلام السياسي المسلّح لتبتزّ خصومها السياسيين و ترهب الشعب . و لكن ما كلّ مرّة تسلم الجرّة ! فإلى حدّ الآن يبدو أنّ هذه الورقة حرقتها نسبيّا ردود الفعل الجماهيرية .
4- ما العمل ؟
نظرا لإختلاف الأوضاع من جهة إلى أخرى و من معتمدية إلى أخرى ، و بناء على ما تقدّم ، نقترح بعض النقاط التكتيكية العملية التى قد تساعد على رفع الوعي الثوري و تأثير الثوريات و الثوريين و التقدميين و التقدميات فى مجرى الأحداث :
1- يترتّب على القوى الثورية و التقدمية ، أحزابا و منظّمات و أشخاص أو يوجدوا أرضية تحالف دنيا و تنسيق أدنى للمواقف للتمايز مع للأحزاب و الجبهات الإنتهازية و الرجعية و لتكون بصمتهم أوضح و أقوى على مجرى الأحداث.

2- لا بدّ من توجيه نقد صريح و قوي ولاذع لموقف إتحاد الشغل- الهيئة الإدارية و من يدافع عنه بصفة مباشرة أو غير مباشرة لمحاصرته و الضغط عليه و على من يتلكأ فى معارضته بوضوح مثل الحزب الوطني الإشتراكي الثوري الذى يحذّر فى بيانه الأخير من المؤامرات و لإنتهازيته لا ينبس ببنت شفة عن موقف إتحاد الشغل .

3- و من الضروري تنظيم حملة وسط التحركات الشعبية للتأكيد على مطلب حلّ المجلس و مدى حيويته ووضعه فى الصدارة نسبة لمطلب حلّ الحكومة .
4- تشريك أوسع الجماهير فى التعبير عن تبنّى مطلب حلّ المجلس التأسيسي و التشبّث به إلى النهاية و كمحك لمدى جديّة معارضة جلادي الشعب .

5- فى غاية الأهميّة هو توسيع نطاق التحركات الشعبية لا سيما فى تونس الكبرى( أربع ولايات) فمن البلاهة التكتيكية تركيز نضالات هذه الولايات الأربع فى مكان واحد بباردو و نسيان أو تجاهل بقية المناطق و مشاكل النقل لدي الكثيرين . و صارخة هي الحاجة إلى تشريك جماهير الولايات و المعتمديات جميعها – إن أمكن – و إن لزم الأمر فلتنظّم مجموعات من 20 إلى 30 فرد تنتقل بالتنسيق مع مناضلين و مناضلات بالمعتمدية أو الولاية المعنية لتبادر بتنظيم التحركات و إستنهاض الجماهير الواسعة فى عملية جدلية بين باردو كمركز و بقية تونس الكبرى حوله . و لا يفوتنا أن نقنع و نضغط من أجل أن تتحمّل الأحزاب و الجمعيات مسؤولياتها فى منوبة و أريانة و بن عروس ووسط العاصمة و فى ضواحيها بما يزيد فى العزلة الرجعية من جهة و يوسّع رقعة الإحتجاجات و يعدّ إلى تسهيل و تسريع حرق أوراق الإنتهازيين و مناوراتهم الخبيثة .
6- و من الغباء بمكان تصوّر نضالات هذه المرحلة منفصلة عن المرحلة اللاحقة و الدعوة إلى الإكتفاء بالمشترك بين معارضي الترويكا عامة و النهضة خاصة . من لم يعدّ نفسه و الجماهير إلى معظم الإمكانيات – إن أمكن – سيجد نفسه فاقدا لا فقط للمبادرة بل متذيّلا للإنتهازيين و الإصلاحيين . لذا من الضروري تخطى الإنتظارية و الحدّ من الآفاق، و تنظيم نقاشات و نشر الأفكار الثورية و التقدّمية على أوسع نطاق ممكن و إلاّ ستظلّ الأفكار السائدة فى المجتمع هي أفكار الطبقات السائدة مثلما قال ماركس و لن يتقدّم العمل الثوري كما يجب .

7- و ليس أقلّ عباء إيديولوجيا و سياسيا الدعوة إلى ـاجيل الصراعات الإيديولوجية و السياسية إلى يوم يبعثون . أفضل أوقات تعلّم الجماهير كما أكّد ذلك لينين هي أوقات النهوض الشعبي و التمرّد فحينها أكثر من أي وقت مضي تبحث الجماهير الشعبية عن التغيير و فلسفة للتغيير و تكون أكثر إستعدادا لتقبل الأفكار الثورية و التقدّمية .

إنّ من يرهن الإستقلالية الفكرية و السياسية و التنظيمية للبروليتاريا بتحالف أو جبهة سياسية يطعن الشيوعية فى الصميم و يقدّم أجلّ الخدمات لأعدائها . فالبديل الحقيقي ، العالم الآخر الضروري و الممكن لتحرير الإنسانية هو العالم الشيوعي و إن لم نزرع بذوره لن نحصد شيئا و حتى نقاط حلّ التأسيسي و الحكومة لا تعدو أن تكون مطلبا إصلاحيّا لن يغيّر جوهريّا لا طبيعة المجتمع و الطبقات الحاكمة و لا طبيعة الدولة و خياراتها الأساسية ،مطلبا نساهم فى النضال من أجل تحقيقه لكن لا بدّ على الثورياتو الثوريين أن يربطوه بما هو تكتيك بالإستراتيجيا الثورية الشيوعية و إلاّ لن يمارسوا سياسة شيوعية !

8- تكرّرت على ألسنة الجماهير الشعبية و ليس ألسنة المناضلات و المناضلين فحسب أنّه يجب إسقاط الترويكا . و لأنّ الواقع الراهن يوفّر فرصة تاريخية لألحاق هزيمة نوعية و إن كانت جزئية و مؤقتة بالإسلام السياسي ، من أوكد واجباتنا النضالية أن نبذل قصاري الجهد لتحقيق هذا الهدف الجزئي الإصلاحي الذى لا يمثّل خطوة نحو الثورة الوطنية الديمقراطية – الديمقراطية الجديدة كما يتخيّل " الوطد الثوري " فما تعطيه دولة الإستعمار الجديد باليد اليمنى قد تستعيده باليد اليسرى و إن فرض عليها فى وقت ما التخلّي عن الإخوان مؤقتا فقد تشركهم لاحقا بشكل أو آخر فى السلطة أو تبقيهم قوّة إحتياطية لحين تحتاجهم مجدّدا .

ختاما ، لا يحتاج المناضلون و المناضلات الثوريون فقط إلى النظرية الثورية بل تحتاجها أيضا و بصورة أكيدة جماهير الشعب لتوجد حركة ثورية و ليصنع الشعب التاريخ بقيادة الحزب الطليعي المسترشد بعلم الثورة البروليتارية العالمية و من لا ينهض بمهمّة تسليح المناضلين و المناضلات و الجماهير الشعبية بالنظرية الثورية حسب الوضع الذاتي و الموضوعي و لكن بشكل دائم لا يمكن أن ننعته بالثوري فكرا و ممارسة .

لا حركة ثورية دون نظرية ثورية – لينين؛ " ما العمل؟ ".
إن الشعب ، و الشعب وحده ، هو القوة المحركة فى خلق تاريخ العالم – ماوتسى تونغ " الحكومة الإئتلافية " 1945.
---------------------------------2 أوت 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استطلاعات للرأي تظهر أن حزب العمال حقق فوزا كبيرا في الانتخا


.. استطلاعات رأي تكشف عن انتصار ساحق لحزب العمال في الانتخابات




.. كلمة الأستاذ محمد سعيد بناني في تأبين الراحل عبد العزيز بنزا


.. نتائج غير رسمية تشير إلى فوز حزب العمال البريطاني في الانتخا




.. كلمة الأستاذ محمد صديقي في تأبين الراحل عبد العزيز بنزاكور