الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كمشة ياسمين تحت أقدام التعب

سوزان خواتمي

2005 / 5 / 11
الادب والفن


تدافعت مسعورة اللعنات، بصقت ألسنتها وشِعرها ومجازاتها، وبقي المرار صمتاً لكبرياء..
.
.
.

قدماي يا لعنة المنافي.. عينان تتربصان الحزن في مجامر العشاق.
أتنهد الفراق منهكة كرئة أفسدتها أنفاس العزلة، كوجه شوهه البرص.
أمسح غبش مرآتي، وأقطب..
حذرة ووجلة أمشيه على رؤوس أصابعي .. وبكاؤه كنواح أرملة تتقدم الجنازة...
أهدهده ، أضمه، أسترضيه، أكوّر له الأحلام، أزيف ابتسامة واسعة اشحذها من فم مهرج مرق سريعاً تحت نافذتي، ولم يلتفت ..
أشد الخيط كثيراً..
يرتفع نجماً في السماء..
يأخذه الذبول رويداً .. رويداً.
يهمد.
أخيراً ينام .
أحكم الأغطية حول فتاته.. ألفه / طفلي الرضيع / كما الضمادات فوق الجرح..
أهدأ.
.
.
.

وتتأجل لمواعيد الغيب الصباحات .
.
.
.
أنام متدثرة بالنسيان..
لاشيء أذكره عن الخذلان
عن حرج المرايا
عن جذر ضارب في الروح
وعاشق شرّع لصبواته مراكب الرحيل
وعن رضيع نهنهه البكاء حتى غفا
ملعونة وكالحة تفاصيله العتيقة خبأتها في عتمة الأدراج..
وألقيت المفاتيح في غياهب الجب حيث الزرقة عمياء شاردة .. تماطل العطش.
.
.
.
هكذا كان يمكن لعمر آخر أن ينقضي دون أن يخلّف الغبار أو يعيث الفوضى..

وهكذا أيضاً كان يمكن لفصلي الأنيق أن لا يجازف- ثانية- بالبكاء، فما من نوافذ تطل، وما من ريح تملأ القمصان الواسعة، والزمن يلّوح بمنديله الأبيض، يبعثر الحنان بين حيطان الصدى..
.
.
.
لهذا سأتهمك بالكثير
سأتهمك بأنك جئت ترفل بالبياض.. رفعت وجهي إليك عالياً
سمعت خشخشة الودع وخلاخيل عرافة تسحب قدميها.. كان الرمل طرياً..
ولا حائل بيننا إلا ظهراً محنياً يغيم مبتعداً ...
كنت أغلي قهوتي جيداً، حين قامت الزوابع في قعر فنجاني..
لمحتك تركب الموجة الأعلى، وتترك في رغوة البن فألك ورائحة الهيل..
حسبتك وهماً يطل مثل برق خاطف سرعان ما يغيب.
لكنك طرقت الخشب المهجور بإلحاح، وتربعت عند المصطبة ..
هل كان إصرارك..
أم كانت لهفتي ..
أم كلاهما ..؟
كي أرفع المزلاج وأفتح البوابة على مصراعيها ؟..

جعلت تخمِّر الكلام، توزعه خبزاً ووعوداً على الجائعين ..
- قهوتي تكفيني في الصباح .....
لم تسمعني ..
حشوت فمي بقضمة من رغيفك الساخن، وضاع في الإفراط مجداف الكلام..
ضحكتُ ..
يا إلهي كم ضحكت لك..
ضجّت لصبحك المشاكس جوقة عصافير غردتك في وقت واحد ..
نقرت مطارح الهوى .. تركت الستائر دائخة .. وطوحت كمشة ياسمين تحت أقدام التعب .

كم ستعاتبني ضحكتي بعد ذلك ! كم ستتصمغ شفاهي !
مازال الوقت مبكراً كي أقول ذلك.
دعني الآن أخبرك عن ضوء غافل العتمة ..
عن مطرك الذي راود الرمل
عن ثريات البهجة التي علقتها
عن سماء شددتها من شعرها
فدنت .
قلت لك وكنت أتنشف بلون عينيك :
- أعرني جناحيك يا فضاء

سبّحت بشمسي مغازلاً:
- ليس أشهى من ابتسامة طازجة.. ليس أجمل من إيقاظ النيام.

دفنت وجهي في عالم غيبك، رسمتك متشابكاً بين ظل وحنان.
غمزتني الريح، هبت لأمجادها العواصف، طار ثوبي عرياناً من وجّله
علّقتُ في الكوخ الصغير قندلي فرح ، ما عدت أشبهني تماماً.
فاق الصغير.
صفق جزلاناً .
كنس ما بقي من خدر النوم وبقايا الوسن.
...
...
...
...
...

ياااااااااااااااااااااااااااااااه كم كان قاسياً حين دب بالوعد التعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر