الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعب ثائر وحكومة مرتعشة

مصطفى مجدي الجمال

2013 / 8 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


فعل الشعب المصري ما لا تستطيع أن تفعله بالضرورة شعوب أخرى.. فمنذ 25 يناير 2011 وموجاته الثورية تتكرر على نحو ضخم ومذهل، وبرغم التعرض للانتكاسات والمؤامرات والتدخلات الخارجية، فإن تحركات الشعب كشفت عن وعي ثوري متأصل وأهداف جذرية ووعي بقوة الجموع ضد كل القوى المناوئة..

إلا أن هذه الموجات الثورية افتقدت دائمًا الطليعة الثورية الموحدة التي لا تتنازل عن الخط الثوري الاستراتيجي، وتستطيع في الوقت نفسه أن تتعامل مع المواقف المتجددة بمرونة تكتيكية مبدئية.. لذا أمكن أن تتأرجح السلطة والهيمنة بين قوى أقل ما يقال عنها أنها غير ثورية.. فتارة وقعت الأمور في أيدي المجلس العسكري لعهد مبارك، ثم في أيدي الحلف الظلامي العميل، وأخيرًا في أيدي تحالف هش لنخبة ليبرالية مع قيادة للجيش تعطي إيحاءات جديدة لم يثبت بعد أمام الجماهير طابعها "النهائي". وهو ما يعني أن الثورة لم تقع أبدًا في أيدٍ "أمينة".

بعد الزحف الجماهيري الهائل في 30 يونيو و3 يوليو و26 يوليو تحولت قوى الثورة المضادة الظلامية المتاجرة بالدين إلى الهجوم، بعدما أفاقت من ذهول اللحظة الثورية التي أشعلها الشعب. فكانت الاعتصامات غير السلمية ثم المسيرات الهادفة إلى إثارة الفوضى وإرباك الحكام واستقطاب الدعم الغربي.. وكان التصعيد الإرهابي الخطير في سيناء لتشتيت القوات المسلحة وإهانتها في نظر الرأي العام، على أمل إثارة التناقضات داخلها، وتجديد المخاوف داخل جهاز الشرطة حتى لا يتصدى لتحركات اليمين الديني خوفًا من مساءلة في مستقبل مجهول.

إلى جانب ذلك، ونتيجة له، كانت المبادرات المريبة الصادرة من أطراف على حواف تيار اليمين الديني، وساندتها تحركات محمومة من الدول الغربية لإنقاذ المشروع الإقليمي لتفتيت الدول والمجتمعات لضمان أمن إسرائيل وتدفق النفط واستمرار السياسات الاقتصادية- الاجتماعية المملاة من المؤسسات المالية الدولية، وغيرها من المصالح الاستراتيجية للدول الرأسمالية..

وقد آلت الأمور بعد تنحية مرسي وجماعة الإخوان إلى أيدي حكومة ليبرالية بالأساس.. وهو تناقض فج بين الفعل الثوري ونتائجه، سببه كما أسلفنا هو غياب الطليعة الثورية. ومن الطبيعي لحكومة كهذه أن تميل إلى تسويات مع الإخوان والسلفيين، وأن ترضخ للضغوط الدولية، خشية حدوث تحول جذري في السلطة أو السياسات يؤدي إلى المطالبة أو تنفيذ إجراءات اجتماعية جذرية. وتتوهم الحكومة الليبرالية أنه يمكن الاحتفاظ بطابع مدني للدولة في ذات الوقت مع عملية للمصالحة مع تيارات الاتجار بالدين. والأخطر أنها في طريق تلك المصالحة تنزع أكثر نحو التفريط في السيادة الوطنية وامتلاك القرار الوطني، والسماح بالتدخلات الأجنبية الفظة.

ثمة جانب آخر في المشهد لا بد من الالتفات إليه، خاصة أنه يثير المزيد من التناقضات، ألا وهو انتعاش وابتعاث قطاعات النخبة المباركية التي سبق أن أزاحتها ثورة 25 يناير، وهي آخذة في التجمع والتأثير المتزايد مستفيدة مما تملكه من موارد مالية ونفوذ في جهاز الحكم وقاعدة واسعة من المستفيدين السابقين من نظام مبارك..

هكذا أصبحت القوى الثورية في مشهد بالغ الصعوبة.. كما باتت العملية الثورية معرضة للسرقة من جديد، إن لم تكن تسرق بالفعل الآن.. وباختصار شديد لا بديل أمام هذه القوى عن الاتحاد حول مطلب ملح بتكوين حكومة ثورية حقيقية بدلاً من الحكومة الليبرالية المرتعشة، وتضع في مقدمة مهامها تنفيذ برنامج متكامل لمدنية الدولة والمواطنة، ومنع الخلط بين الطائفية والسياسة، والحفاظ على الاستقلال الوطني، وتحقيق المطالب الاقتصادية والاجتماعية الملحة للجماهير (مثل الحد الأدنى العادل للأجور، ومواجهة التضخم والبطالة والاستغلال وتردي الخدمات الاجتماعية، وإعادة الأمن للشارع..).

لم تعد اللحظة الحالية هي لحظة جبهة الإنقاذ.. وإنما لحظة تحالف اجتماعي ثوري واسع، يستطيع أن يفرض نفسه على جميع القوى المضادة التي تتلاعب بالعملية الثورية وتحاول إعادتها إلى مربع الصفر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النتيجه الطبيعيه للارتكان علي العسكر
عاصم الرفاعي ( 2013 / 8 / 4 - 00:55 )
وما ذا ينتظر الكاتب بعد الاستغاثه بالعسكر
ومن (ثوره)ختم العسكر باياديهم البيضاء عليها للمره الثانيه
واين هو هذا الشعب ذو الوعي الثوري المتاصل بعد فضيحه مليونيه 26 يوليو وحشود خرجت
تحمل صورا لقائد مؤسسه عسكريه مصنفه دوليه علي انها حليف استراتيجي للولايات المتحده


(الامبريالبه ولا مؤاخذه
لدينا الان مشهد فكاهي لمؤسسه عسكريه حليفه لامريكا تتدخل لنصره اراده ثوريه ذات اهداف تتعارض مع المحطط الاسترا تيجي الكوني لامريكا
ويتصور السذج ان قائدها الحالي نبت شيطاني غريب عن هويه المؤسسه وسوف يعمل بالضد من توجهاتها
ويخدعون انفسهم بان ماحدث ليس انقلابا عسكريا

اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ