الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في عهد تحطيم المسلمات (2)

محمد هالي

2013 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في غمرة القيم هذه، تتصارع قيمتي الصبر و الفرج، لهذا فالصبر لا يحبد الفرج، إذا حضر أحدهما غاب الآخر، حتى من ناحية الإنتماء، فطبقة الصبر، ليست هي طبقة الفرج، يتدخل الفرج في كل محطات الحزن، في حين يتدخل الفرج في محطات الفرح، لهذا يحيل الصبر في كثير من معانيه: الحزن، و الموت، و القلق، و وقوع مكروه، في حين يحيل الفرج: الى الضحك، و السرور، و الفرح، قد يكون البكاء حالة من حالات الصبر، و يكون الفرح حالة من حالات الفرج، يحضر الصبر، و يبقى الفرج في حالة انتظار، و قد لا يحضر بتاتا، لكنه أمنية تترك للصبر مكانة في نفوس الصابرين، لهذا يعد الصبر ضيفا ثقيلا يقبل على مضض، في حين يعد الفرج جنة الخلد التي ستحول الصبر الى صالحه، و لتحديد المسألة أكثر، إن الصبر دواء مهدئ للاعصاب، يوصف لقوة جبروتية لا تقهر، و يوصف بدون مقابل، فهو يدخل في مواجهة للموت، أو نهب، او سرقة ، و عرف في كثير من الاحيان، أنه ضد الغضب، و الفوران، كما أنه صديق للسكينة، و الهدوء، يساعد على تقبل ما هو مرفوض، و يحطك امام الضعف، لا القوة، لانه يميل الى الأول، و يرفض الثانية، لهذا يصبح الصبر دريعة لرفض العنف، و التمرد، و الثورة، من هنا يعد الصبر اداة قابلة للترحاب من كلا طبقات المجتمع، فالطبقة الكادحة ترى فيه دريعة لتقبل الهزائم، و قبول الذل، و الهوان، في حين ترى فيه الطبقة البورجوازية اداة لتأخير التمرد، و يساعد على المزيد من الاستغلال، و الاضطهاد، و النهب، و السرقة، بدون حسيب ، فكلما احست بتغير في طبقة المستغلين نصحتهم بسكينة "الصبر مفتاح الفرج"، و حتي ان الطبقة الكادحة تقبلت هذه المسلمة، و اقتنعت بها، من هنا أصبح الصبر ممثلا للنوايا الحسنة، يقتحم البيوت ليدخل فيما لا يعنيه، و اصبح الفرج اكذوبة كبرى لإلهاء الفقراء، بعدما جعلوه أملا للصبر، يطول مجيء الفرج، و قد لا يأتي، لكن الصبر يبقى جاثما في مكانه لا يجد الانسان العربي الكادح مخرجا له، لأنه هو المتنفس الوحيد الذي يبقيه متشبتا بهموم الحياة.
و كانت هذه المسلمة "الصبر مفتاح الفرج " يلقنها الآباء لأبنائهم، و نعم الطغاة بهذه الفكرة، بل يتداولونها في مؤتمراتهم المختلفة، بل هناك من يفتخر بها، إذ يردد بعضهم أمام مؤيديهم:
- إن شعبي رغم الجفاف و القحط فهو صبور،
- اما شعبي رغم الفقر و العوز فهو صبور،
- حتى أن هناك من لم يجد ما يأكل فهو يحطم أمنياته بالصبر، لهذا عليكم يا أصحاب السمو و المهابة أن تجازوا الصبر على مهمته هذه، بدل مجازاة شعوبنا.
فتعج قاعاتهم بالتصفيق و الترحيب بفكرة "الصبر مفتاح الفرج"، إلى ان حدث ذلك اليوم الذي رفض فيه الصبر، و التمسك بأمل البوعزيزي، الذي أصبح فرج الشعوب في كل بقاع العالم العربي، و بعدما تمتعت الشعوب بحلاوة الفرج، أصبح من الصعب قبول الصبر، فالتصق الفرج في الافواه الثائرة في كل الساحات، و الميادين، و الأزقة، و الشوارع،... و تدخلت قوى خارجية و داخلية لاسترجاع الصبر إلى مكانه الصحيح، لكن الفرج ترسخ في المكان الجديد ، فاصبح الصبر منبوذا أمام فرج " عيش، حرية، عدالة اجتماعية ...
فانهارت بذلك مسلمة "الصبر مفتاح الفرج"، و انزاحت عروش نعمت بالفرج طويلا، و عليها الآن ان تجرب الصبر ليكون مفتاح فرجها، من محاكم الشعوب، و سجونها، و منافيها، و ما خفي أعظم
- كيف؟
- لأن فرج بعض العروش ستتحول إلى صبر في أية لحظة...؟ !...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل


.. إيران.. تعرف على مواقف جليلي وبزشكيان في ملفات السياسة الخار




.. مقابلة خاصة مع نائب وزير الخارجية التركي ياسين أكرم سرم


.. أوضاع الشرق الأوسط وحرب غزة تحظى باهتمام كبير في قمة شانغهاي




.. نتنياهو بين ضغط عائلات المحتجزين وتهديدات ائتلافه اليميني