الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوادث لا نحب ان نتذكرها

جمال الهنداوي

2013 / 8 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


هناك من الاحداث ما نتذكره بفخر واعتزاز, واخرى بحنين, وثالثة بألم وحرقة وندم ..وهناك ما لا نحاول تذكرها ونتمنى انها لم تحدث اصلا, ورغم اكتناز تاريخ العراق المعاصر بالفواجع التي يتكثف عنها الالم والبؤس والاحباط, تظل ذكرى احتلال قوات النظام السابق للكويت اكثر تلك الاحداث كارثية واعظمها تاثيرا على امن وحياة ومقدرات شعوب المنطقة واثقلها على ضمائر العراقيين واشدها وطأة على مجمل القضايا المفصلية لبلدان المنطقة ومستقبل شعوبها..
بصمت اقرب الى التجاهل مرت علينا تلك الذكرى الاليمة التي استيقظت المنطقة فيها على صوت الدبابات والمدافع العراقية التي توغلت في عمق الاراضي الكويتية ، لتعلن بداية سنوات طويلة عجاف تسببت بالعديد من الويلات للشعبين العراقي والكويتي على حد سواء وفتحت الباب على مصراعيه لتدخل القوى الكبرى في شؤون جميع بلدان المنطقة ووضعت مقدرات العراقيين واحلام اطفالهم تحت طائل العقوبات الدولية والحصار الذي تمدد ليصل الى لقمة العيش وحبة الدواء..
ان ما يجعل هذه الحادثة هي الاكثر ايلاما هي انها كانت نتاج العوج القاتل في التفكير والرعونة المرضية لعقلية غير سوية أدمنت الاستبداد واستحلَتْ التفرد بالرأي والقرار, وقدر لها في لحظة غبن تاريخي محض ان تهيمن على مقدرات بلد كبير ومؤثر كالعراق بغناه وعمقه الحضاري وقدراته الطبيعية والبشرية الكفيلة ببناء دولة متقدمة ورائدة في جميع المجالات لو توفرت له الادارة السليمة والعقلانية والواعية.
فجميع الوقائع والشهادات التاريخية لكبار قادة الجيش العراقي تشير الى ان قرارا بهذه الوطأة اتخذ من الدكتاتور منفردا وابلغ الى الحلقة الاقرب دون ان يأخذ حظه من البحث والدراسة, حتى ان بعض التقارير تشير الى عدم معرفة وزير الدفاع ورئيس اركان الجيش بهذا القرار الا بعد الاستيلاء على المفاصل الرئيسية في الكويت, يقول نزار الخزرجي في معرض مقابلة صحفية مع غسان شربل ضمنها في كتابه "صدام مر من هنا" " كان عبدالجبار شنشل وزيرا للدفاع وكنت رئيسا للأركان، ولم نفاتح من قريب ولا من بعيد بموضوع اجتياح الكويت".
بل ان الجدل يدور حتى عن الوقت الذي وردت فيه فكرة غزو الكويت في ذهن الرئيس صدام وهل كانت وليدة الأسابيع القليلة التي سبقتها أم كانت مبيتة لفترة من الزمن.
فاكثر التقارير ادعاءً بمعرفة بواطن الامور تشير الى "انعقاد اجتماع ضم حلقة مصغرة قريبة من الرئيس ,قبل اسابيع قليلة من الغزو, ضمت حسين كامل وعلي حسن المجيد وصابر الدوري مدير الأستخبارات العسكرية انذاك نوقش فيه عملية غزو الكويت"ولا توجد أي وثائق تثبت ان قرارا بمستوى التدخل العسكري المباشر في دولة جارة قد نوقش على أي من المستويات الرسمية للدولة,بل ان الباحث"كيفن وودز " الذي استطاع الاطلاع على الارشيف الرسمي العراقي بعد نقله الى الولايات المتحدة اعلن "أنه لم يعثر على أي محضر لاجتماع نوقش فيه تخطيط الغزو".
ان تدبر هذا الحدث التاريخي الجلل يشي بوضوح الى ان هذه الممارسة الطائشة وكل ما ترتب عنها من مآس كانت نتيجة لتفرد صانع هذا القرار الكارثي ومن شاركه أو شجعه عليه من الحلقة الضيقة من المقربين, مما يفرض علينا الان ان تكون اولوية العراق الجديد هي ارساء القطيعة مع التفرد والدكتاتورية. وان يكون هاجسنا الاول هو منع عودة أيّ شكل من أشكال الاستبداد, وعدم المغامرة بعودة أي صيغة من صيغ الحكم التسلطي التي تتخذ الشعب العراقي رهينة لاهواء ومغامرات وقسوة وجبروت عقليات جبلت على التفرد والاقصاء والاستئثار بالقرار.
ان هذه الذكرى تمر علينا هذا العام وقد تحرر العراق من احكام الفصل السابع الذي رزح العراق تحت طائلته لسنوات طويلة.ووسط افاق جديدة من العلاقات بين البلدين الجارين والتي بلغت مستويات متقدمة من التعاون والتنسيق والعمل على تسوية الخلافات الثنائية بما تقتضيه المصالح المشتركة وعلاقات حسن الجوار, ولكن سنوات الجمر التي خلفتها تلك الحادثة الاليمة تفرض علينا تحصين اجيالنا القادمة من المنزلقات التي قد تدفعهم والوطن اليها القيادات المتفردة والمستبدة ولن يكون ذلك الا من خلال ترسيخ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والتأكيد على مبدأ الفصل بين السلطات، واستقلالية القضاء وإعادة التوازن ،وتقاسم المسؤوليات التنفيذية واعلاء حرية الصحافة وحق التجمع والتنظيم الحرّ، والدفع بالمجتمع المدني ليكون أداة فاعلة في ضبط التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.لنستطيع ان ندرأ عن بلادنا ومجتمعاتنا وقوانا الامنية الاذلال الذي تعرضت له لسنوات طوال مقابل تلك الممارسة الاقرب الى النزوة غير المحسوبة والتي عبر عنها-بعد فوات الاوان -احد قادة الحرس الجمهوري قائلا:أن سمعتنا كحرس جمهوري وجيش عراقي قد لوثتها تلك القلة المجرمة التي لم ترع حقوق الله ، والعباد ، وشرف المسؤولية ، والشرف العسكري وستظل صفحة سوداء في تاريخنا يصعب على أي منا تبرئة نفسه منها ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا