الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيد.. ودموع في المآقي

أماني فؤاد

2013 / 8 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


العيد.. ودموع في المآقي
تشدو الخالدة أم كلثوم:" يا ليلة العيد أنستينا وجددتي الأمل فينا"، لأشعر وقتها أن العيد قد حان ،... لكنه أتي حييا، يُلقي بسحبه المبحرة مع الرياح العنيدة علي مصر، وهناك جُرح مفتوح وغائر، جُرح يخشاه الجميع.
ظل المصريون طيلة تاريخهم الممتد في عمق الزمان صُناع فرحة واحتفالات، الأن يهل عيد الفطر و في البلاد بعض مناطق توتر واحتقان ، ففي مدينتي الصغيرة التي ترسو علي شطآن أطراف اليابسة، وتحتضن البحر بأذرع أُناس مسالمة، خرج شقيقان من أسرة واحدة، أحدهما توجه إلي التحرير؛ ليشترك في مظاهرات 30 يونيو؛ لإسقاط الرئيس الذي فقد شرعيته نتيجة ما فعله، ونتيجة ما لم يفعله، والآخر ذهبت به مقولات من لقنوه أوهامهم الرجعية إلي اعتصام رابعة العدوية ، ثم مرت أيام عاد في بدايتها الأخ الأصغر، وفرحة مصر الغامرة بالتحرر ممن استلبوا السلطة في البلاد تكسو ملامحة بالأمل، ثم انمحت البهجة سريعا ، و ما لبثت أن تحولت إلي دموع تحجرت في المآقي، ومرارة مقيمة في قلوب أسرتهما، لم يعد الأخ الأكبر، أخبرت قيادات الاعتصام الأب: أن ابنه قد استشهد في مواجهة المنصة، وأنهم ماضون في اعتصامهم لحين تحقيق مطالبهم.
لا يكترث قيادات الأخوان بمن يموت ، بل يستهدفون أحيانا استفزاز الجيش والشرطة ، فتسقط الضحايا من صفوف أنصارهم، فيشرعون بالمتاجرة بدم من سقطوا، يلعبون دور الضحية أمام الرأي العام العالمي، وتنظيمهم الدولي، والمتعاطفين معهم.
لن يستطيع منصف أن يدعي أن البلاد في حالة انقسام ، منزه الهوي لا يمكن أن يصنف حشد رابعة والنهضة تحت مسمي اعتصام سلمي يقسّم البلاد، حتي المؤيدون لهذا الاعتصام من الشعب، لا تحركهم سوي إيدولوجية دينية لا علاقة لها بالشأن السياسي.
المشهد كما يتبدي للجميع جموع من النساء والأطفال في صدارة الحشد ، يُقدمهم الأخوان دروعا بشرية ، يتواري من خلفهم قيادات التكفيريين والمحرضين علي القتل، يديرون وكرا من البلطجية والمهمشين في الحياة، مسلحين بأعداد لا حصر لها من الأسلحة الثقيلة والبيضاء، من أجل تحقيق أهداف فردية واستحواذية رجعية، لا تمت للوطنية الحقيقية بصلة.
هل يمكن والأمر علي هذا النحو النظر لاعتصام رابعة كاعتصام سلمي، هل يمكن التعاطف مع حشوده ؟ اللهم بعض الأفراد المغرر بأذهانهم و يتصورون أنهم يدافعون عن عقيدة وشرعية، وحلم تتبدي طيوفه من أزمنة الجاهلية ، هؤلاء فقط الذين أشعر بتعاطف معهم؛ إحتراما لمعتقد الأخر ولو علي يقين من خطأه، فمازال يراودني أمل أن تخرج هذه الجموع سالمة أولا، ثم تبدأ المراجعات الفكرية علي أرضية من تفعيل دولة القانون، دون تغاضي أو عفو عن كل من يثبت تورطه في التحريض علي القتل، أو الإخلال بأمن البلاد.
جسد المصريون دائما اعتقاداتهم ومشاعرهم فرحا وكراهية نحتا وتشكيلا وإبداعا ، صنعوا للأعياد منذ الفراعنة مذاقها، وحشدوا لها التفاصيل التي تضفي البهجة علي اللحظات ، يستقطرون جمال الوقت والأعياد فيبتكرون جسور المتعة و التذوق: الفانوس والتواشيح وأغاني السحور، عروسة المولد والفارس وجواده ، رسم الكعبة ورحلة الحج علي جدران منزل الحاج، يستنطقون طاقة الأشياء التي يبدعونها علي الإسعاد، وبأقل الإمكانات المادية، يتحدون الكآبة والموت بابتكار التفاصيل وبث الحميمية بينهم وبين الأخرين والأشياء، دون تكلف وبفطرة رائقة.
نحن صناع جمال وبهجة لا دعاة قبح وكآبة، نقدس الحياة، حتي أننا تحدينا الموت وجسدنا للماوراء حياة.
أخواننا في الوطن دعونا نحتفل بالعيد، الحياة لا تحلو دون أمنكم، فانتصروا لها وللتوافق....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟


.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د




.. مطالبات بايدن بالتراجع ليست الأولى.. 3 رؤساء سابقين اختاروا


.. أوربان يثير قلق الغرب.. الاتحاد الأوروبي في -عُهدة صديق روسي




.. لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.. فرنسا لسيناريو غير مسب