الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس: على النهضة أن تغير اسمها أو أن تتحول إلى جمعية

محمد الحمّار

2013 / 8 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


إنّ إمكانية تحالف حزب النهضة مع أحزاب غير إسلامية، كما حسب بعض المقترحات، لكي ترفع رصيدها الشعبي بعدما انهار مؤخرا لأسباب عدة، أمر صعب المنال إن لم نقل مستحيل. فكيف نعلل ذلك وما هي الخيارات أمام هذا الحزب وأمام الطبقة السياسية عموما؟

هنالك سببان هامان اثنان في احتقان حزب حركة النهضة وفي احتقان الحياة السياسية في تونس تباعا، واحد تاريخي خارج عن نطاق حزب النهضة وعن إرادته، وواحد داخلي بنيوي.

من الناحية التاريخية نسجل أنّ تاريخ تونس تعطل عن السير نحو الأفضل بسبب خطأ فادح. فبعد أن فُتحت الأبواب على مصراعيها في ثورة 14 ديسمبر- 14 جانفي أمام تونس و بفضل طبقاتها الكادحة والمتوسطة، لكي تدشن عهد النجاحات على الأصعدة كافة، ما راعنا إلا أن وقع التنكر للتاريخ المعاصر للبلاد وتم الترخيص للحزب ذي الخلفية الدينية، وذلك ضد كل الأعراف المحلية بما فيها قانون الأحزاب، بأن ينشط بصفة قانونية. وكان الخطأ خطأين نظرا لأن حزب حركة النهضة، وهو المستفيد من هذا القرار، لم يعد له إلى حد ذلك الحين أي إشعاع يذكر في المجتمع السياسي ولدى الشعب كافة. ولا يعدو أن تكون النهضة آنذاك سوى ذكرى للتونسيين وكيانا قد استهلك كل موارده.

أما الدليل على أنّ القراءة التي أدت إلى تفعيل هذا الحزب كانت مجانبة للتاريخ هو أنّ الثورة التونسية كانت نتاجا لتراكمات كان حزب النهضة مساهما فيها على مر العقود من دون أدنى شك، لكنّه كان مشاركا فيها بصفته حزب محظور لا بصفته حزب مرخص فيه. وهنا يكمن الخلل: من أدرَى الجهات التي تدخلت لتوضيب دخول النهضة معترك النشاط السياسي من الباب العلني أنّ طبيعة هذا الحزب، تبعا لظروف نشأته ولرسالته، تخوّل له العمل علانية وأداء وظيفةٍ أجوَد وأجدى وأنفع من تلك التي أداها وهو يعمل في السر؟

لمّا نعلم أنّ جهات أجنبية مهيمنة كانت ضالعة في التشخيص حول مسألة عودة الحزب إلى النشاط من عدمه ثم في تهيئته لـ"يوم الفصل" ثم اقتراحه لدى الدوائر التونسية (الحكومة الانتقالية برئاسة الباجي قائد السبسي) كمكوّن أساس للخارطة السياسية في تونس، لا نعجب للخطأ. زد على ذلك فإنّ النهضة "دخلت" تونس (شهر مارس 2011) عبر تدخل أجنبي وأجندة أعِدت في الخفاء، وهذه حجة كافية على أنّ التصوّر الذي أعدته الأطراف الأجنبية والذي ستكون النهضة فاعلا أساسا فيه لا يمكن أن يكون صائبا. بعد هذا، ألم يعتذر الباجي قائد السبسي للشعب عن قبوله بمأسسة حزب حركة النهضة في إحدى خطبه لمّا كان خارج السلطة وعلى إثر تعثر حكومة حمادي الجبالي الإسلامية معللا قراره بالترخيص للحزب بأنه كان يظن أنهم (النهضويين) تغيروا؟

على الصعيد الداخلي نلاحظ أنّ البنية النهضوية عموما ودون اعتبار الشخصيات المنفتحة المنخرطة في هذا الحزب غير قادرة على الإصغاء، ناهيك أن تتحالف مع قوى إصلاحية أو ثورية. فلو حصل ذلك فلن تبق النهضة هي النهضة.

لذا ما نضيفه إلى مقترحات بعض الأطراف الرامية إلى تعديل العلاقة بين حزب النهضة من جهة وسائر المكونات السياسية للمشهد التونسي هو: إما أن تراجع عقيدتها السياسية ومرتكزاتها الإيديولوجية ومن ثمة أن تُغيّر اسمها ومن ثمة، وهذا مما سيفتح الأبواب أمامها لخوض غمار الانتخابات كحزب ذي هوية سياسية جديدة؛ وإما أن تتحول إلى جمعية تنزل، بأي ثقل شاءت وبأي وزن ممكن، على مدارات الحياة الفكرية والسياسية في البلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية