الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهدات من المانيا - الجزء الثاني

فارس حميد أمانة

2013 / 8 / 6
كتابات ساخرة


المانيا بلد جميل جدا .. لا شك في ذلك .. وأجمل ما فيه جنوبه الجبلي ولاسيما بافاريا .. وأجمل ما في بافاريا عاصمتها ميونخ .. حيث أسعدني الحظ بزيارتها ثلاث مرات كانت المرة الأولى خريف عام 1982 حيث بقيت لأكثر من شهر .. وعندما عدت مرة آخرى شتاء عام 1990 كان أول مكان أهرع اليه هو Englischer Garten أي الحديقة الانكليزية تلك البقعة الرائعة التي أنشأها بنيامين ثومبسون عام 1789 .. حيث الاسترخاء والاستمتاع بالعشب الممتد على مساحة واسعة جدا والغابات التي لا أثر لخيط من شعاع شمس يصلها لتشابك أشجارها والجداول الصغيرة المنسابة بخرير هاديء يتملك الروح .. ويخيل اليك وانت تصغي لصوت الخرير المختلط بزقزقات طيور كأنك في حلم لا تود أن تفيق منه .. وعند تسلقك لتل صغير وجلوسك عند حافة نصب المونوبتيروس الذي أنشيء عام 1832 تسرح بصرك في أرجاء الغابة الخضراء صيفا أو المكسوة بثلج ناصع البياض شتاءا فتشعر براحة عميقة لا تدانيها راحة ..
أما ان جلست على حافة البحيرة الصغيرة التي لا يتجاوز طولها بضع مئات من الأمتار فستكون أمام منظر البحيرة الرائع التي تتوسطها جزيرة خلابة لا تتجاوز بضع عشرات الأمتار طولا مع المئات من الطيور المختلفة التي تسبح أمامك .. وما ان تمد يدك بفتات الخبز حتى تخرج بعضها لتلتقط من يدك تلك الفتات دون خوف .. حدثت أحد الالمان الذي كان يطعم الطيور مثلي بأن أول شيء نفكر به في العراق هو اصطياد تلك الطيور لتكون طعاما لبطوننا لا أن نطعمها بأنفسنا.. أجابني بجد الألمان وتجهمهم بأن الطيور وكل أشكال الحياة في هذه الحديقة محمية ولا أحد يجروء على اصطيادها .. فأجبته مبتسما بأن الطيور محظوظة بكم وبأنني أود أن أكون طير بجع حتى أحظى بالحماية ..فابتسم ابتسامة باهتة باردة ثم واصل اطعام الطيور ..
في صباح أحد مثلج مشمس تمشيت قرب البحيرة متسلحا بكاميرتي التي لا تفارقني أقتنص لقطات أعتقد انها لا يجب أن تمر دون اقتناصها بصورة حيث صورت الكثير من اللقطات دون أن أظهر بأحداها وأعجبني ان تلتقط لي صورة قرب البحيرة فتقدمت من سيدة كانت تنزه كلبها في نفس المكان .. سألتها بلطف وباللغة الانكليزية طبعا ان كانت تسمح لي بالقاطها صورتي قرب البحيرة ولشدة دهشتي أجابتني بالألمانية وبصوت زاعق : Nein, Nein ….Nein bitte.
ويعني ذلك : كلا .. كلا .....كلا رجاءا ..
استجمعت أفكاري حيث كنت أحاول معرفة الخطأ الذي ارتكبته مع تلك السيدة التي أجابتني بذلك الجواب القاسي .. راجعت معرفتي بالألمان وتذكرت شدة تجنبهم للغرباء من غير الناطقين بالألمانية .. انحنيت معتذرا وأنا أجيبها : أعتذر سيدتي ان كان طلبي قد أزعجك ..ثم استدرت راجعا دون انتظاري لاجابة منها ..وما ان سرت بضع أمتار حتى سمعت وقع خطوات مسرعة خلفي وصوتها وهو ينادي خلفي :
Warten sie. Warten Sie, bitte, ..
ولم أكن أجيد الألمانية بل كنت أعرف الجمل والكلمات التي تساعدني أحيانا عند تعثر الاتصال الكلامي .. وكانت عبارتها تعني : انتظر رجاءا .. انتظر ..
قالت لي بالانكليزية هذه المرة : أعتقد انك لم تكن تقصد ان تلتقط لي صورة ؟ اليس كذلك ..فأجبتها : بالتأكيد سيدتي ..
فقالت : حسنا : ان كنت تريد التقاط صورة لك فلا بأس بذلك .. ثم التقطت لي بعض الصور فشكرتها وعندما هممت بالابتعاد قالت : انا أنتظر زوجي وسيأتي بعد حوالي خمس واربعين دقيقة ويمكن لك ان تتمشى معي قليلا لحين وصوله وافقت .. وتمشينا بعد تعارف سريع وسألتها لماذا كانت اجابتها بهذه الشدة غير المتوقعة ولماذا لدى الألمان نفور من الغرباء ولا سيما من لا يتحدث معهم بالألمانية .. اعتذرت عن سلوكها معي وبررت ذلك بأن بعض الغرباء يتعرف على سيدة أو فتاة ثم يبتزها بالصور .. أجبتها بأن الجواب غير مقنع وان ذلك يعود لشخصية الفرد الألماني الذي يعتقد انه أفضل من الجميع .. ابتسمت قائلة : حسنا .. انت تعرف السبب الحقيقي فدعنا نقضي تلك الدقائق بدون خصام .. ثم وافقت بعد ذلك على التقاط صورة معها ..
بعد انقضاء الدقائق الخمس والأربعون أطل الزوج علينا فعرفتني عليه وشكرني لأنني وافقت على مصاحبة زوجته ريثما يصل ..
ودعتهما وأنا أقول لنفسي لو حدث ذلك ببلدي لسقط بعض القتلى من عشيرتين ..
يا لألمانيا .. ويا لشعبها الصعب السهل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا


.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟




.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا


.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال




.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا