الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الادب والسياسة

ميعاد العباسي

2013 / 8 / 6
كتابات ساخرة



سالني زميل وصديق عزيز ان لا اضيع وقتي في السياسة والخوض في مواضيعها الباعثة على القلق والتشاؤم وان اعود للفن والشعر كما كنت من قبل، لان السياسة "عاهرة " على حد قوله ولان الشعر والادب مكونان ادبيان لا تشوبهما شائبة و لا تعيبهما عائبة..!. وبصراحة رغم اني قد احبطت بعضا من اساتذتي باعتزالي مجال الادب والاتجاه الى دراسة السياسة، الا انني لم اشعر يوما باني اعتزلت الادب لان ببساطة السياسة تحتاج الى قاعدة ادبية و لغوية رصينة ومنظور آخر الى جانبها كي لا تصبح "عاهرة" كما وصفها الصديق.

"يا عيني"، بهذه اللجهة يخاطبني الصديق الشاعر. تأملت حديثه وانا استرجع بعض الاحداث في ذاكرتي لعلي استطيع ان ارى بعينيه ما يرى او اريه بعيني ما اره. تمنيت ان يرى دون جهد مني في التبرير ان السياسة هي شعر وان الشعر هو سياسة. فهنا تبدأ الحكاية مع السياسة.

ايها السيدات والسادة، السياسة هي جزء من حياتنا اليومية بل هي من تضع اسس حياتنا شئنا ام ابينا، فكيف لنا ان لا نتدخل في حياتنا وفي تقريرومصائرنا؟ اليست السياسة هي من جعلت كل منكم في مكانه اليوم--سواء كان هذا المكان يليق او لا يليق بكم اعزائي؟

لكن قبل الخوض في التعاليل تعالوا نتفحص تعريف "السياسة". ولعل من الطريف ان نتعلم المعنى اللغوي والاصطلاحي لكلمة "سياسة"، وخصوصا ذلك الذي ادلى بها الشيخ يوسف القرضاوي (ولا اعرف ما دخل رجل الدين بتعريف السياسة حتى ان الكلمة لم تورد بالقرآن وهو يعترف بذلك) فيعرف الشيخ القرضاوي السياسة قائلا: السياسة في اللغة: مصدر ساس يسوس سياسة. فيقال: ساس الدابة أو الفرس: إذا قام على أمرها من العَلَف والسقي والترويض والتنظيف وغير ذلك. ويحسب الشيخ أن هذا المعنى هو الأصل الذي أُخِذ منه سياسة البشر. فيقول ان الانسان بعد أن تمرس في سياسة "الدواب" ارتقى إلى سياسة الناس وقيادتهم في تدبير أمورهم.

و لا الومه لان كل شخص يرى الناس بعين طبعه فهم الاخرون اعتادوا على تسييس الناس باستخدام الدين.. ولكن تعريف السياسة العام في وكيبيديا يقول بان السياسة هي علم ادارة المجتمع المدني. ويعرفها البروفسور هارولد الشهير في علم السياسة بانها "من يحصل على ماذا، متى وكيف"...

و هنا استوقفكم قليلا لنتمعن تعريف هارولد قليلا...الا نسمعه يقول بان السياسة هي من تقرر من نحن وتحدد امكانياتنا وتحجم حياتنا وتبرمجها؟ اليست السياسة هي المسؤولة عن ماهية مسار حياتنا: جنوبا نحو الهاوية او شمالا نحو التقدم؟ بل ان السياسة من يحدد كيف ومتى..!

لا اريد ان اطيل عليكم اعزائي، فبغض النظر عن اختصاصي الذي يحتم علي البحث في هذا المجال الا انني ببساطة واحدة مثلكم، تحاول فهم ما يدور من حولها وترفض ان تكون رهينة لنظام السياسة المتراجعة او القمعية. والقمع والانصياع هو كل ما نعرفه عن السياسة في بلداننا الشرق اوسطية. فحتى الخوض في مواضيع السياسة يعتبر امر غير محبذ "عائلياً" او بالاحرى "نسائياً". فكم منكم قد استوقف زوجته او اخته او ابنته ليخبرها ان تصمت ولا تتحدث عن السياسة وان تجد موضوعا آخرا تتحدث به لانه لا يليق بانوثتها..!! فالحديث عن السياسة بتقاليدنا متروك للرجال، باعتبار الرجل هو المسؤول عن تدبير الامور وتوجيه الرعية. او ربما يكون هذا الرجل غير مبالٍ بما يدور حوله، تاركا السياسة لاصحابها او لعله يظن ان السياسة رجالية محتكرة على صنف الرجال كما البنطلون في مجتمعاتنا الشرقية..!!

لكن اليس الجهل في عالم السياسة وعدم الالمام بما يدور حولنا هو سبب قبوعنا ولقرون عديدة تحت ظل سياسات فاشلة؟ اليس ما نعانيه اليوم من تخلف وجوع وتدهور صحي وامني هو نتيجة استسلامنا لحكومات اساءت "تسييس" البلاد؟ السنا نحن من اودى بجودة الحياة وساوم على وجودها خدمة للسياسين، بدلا من ان نساومهم على مقاعدهم من اجل حياة افضل؟ اليس جهلنا بالسياسة قد جعل من المحافظ (وهو مسؤول خدمات) سياسي يجلس في مكتب بيضوي واسع ويسير حوله عشرات من عناصر الحماية المدججة بانواع الاسلحة و نحن نستجدي منه الامن و الامان؟ اليس جهلنا هو من صنع برلمانيين وبرلمانيات لا يتعدى تعليمهم المستوى الابتدائي او ربما اقل، من يمثلنا ويقودنا دون اهداف و دون تخطيط؟ اليس عدم تمييزنا بين الحكم والادارة هو من صنع من رئيس الجمهورية حاكم وقائد بدلا ان يكون مدير تنفيذي كما في باقي الدول المتقدمة؟ اليس نحن من يجهل صلاحيات الوزير والمحافظ وصلاحياتنا كمواطنين؟

لعل السياسة "عاهرة" لاننا تمادينا في غض البصر و خفض الصوت واطلاق الزمام لرجال السياسة ليساوموا باموالنا وارواحنا كيفما اتفقوا.ولعل من يمثل السياسة لدينا لم نرى فيه الا المهاترات والتطاول والتنابز بالالقاب، ورأينا الكثير منه على شاشات التلفاز. ولعلنا احيانا نختار الهروب من الواقع الى الشعر او الفن او الادب، فقط لتأتي السياسة مرة اخرى وتحدد كلماتنا وافكارنا من مشاهد الحب والرومانسية الكلاسيكية الى مشاهد يختلط فيها الحب مع الدم والدمار، لتخبرنا اننا في عصر الانحطاط السياسي! لتنقلنا من عصر شكسبير والموشحات الاندلسية، الى عصر نزار قباني وهو ينعى سياسة العرب قائلا:
أنا...بعْدَ خمسين عاما
أحاول تسجيل ما قد رأيتْ...
رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ
أمْرٌ من الله...مثلَ الصُداعِ...ومثل الزُكامْ...
ومثلَ الجُذامِ...ومثل الجَرَبْ...


او الجواهري وهو ينعى السياسة في العراق قائلا:

أي طرطرا تطرطري وهللي وكبري
وطبلي لكل ما يخزي الفتى وزمري.

و الاثنان قد وظفا شعرهما خدمة لانتقاد هذه السياسة العاهرة..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس