الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيش الرديف

مسعد خلد

2013 / 8 / 7
الادب والفن


حدثني "أبو حسين"، وهو أحد المعمرين، الذين عاصروا الأتراك في بلادنا، انه كان (أول طلعتو)، مع بداية حملة التجنيد الاجباري للشباب، من أجل إلحاقهم بالقوات المحاربة، خاصة بعد ان اتسعت رقعة الحرب، التي خاضتها السلطنة العثمانية، الى جانب ألمانيا، ضد جيوش الحلفاء. وبدأت المداهمات، من أجل سوق الشبان، الى معسكرات التدريب، لكي يحملوا السلاح، ثم يدفع بهم الى خطوط القتال. أما الفارين، فقد تمت ملاحقتهم، وانزال أقصى العقوبات في حقهم. فاتـّبع البعض، طرقا مختلفة للتخلص من التجنيد الاجباري. وكان المفتاح بيد بعض المتنفذين، فخلصوا أولادهم واتباعهم، ومن دفع لهم رشوى، فشهدوا لهذا، بأن مسا من الجنون قد أصابه، أو لذاك، بان اعاقة قد أقعدته، وطبعا كان (القبض على القبّان)!
وفي احدى الليالي الليلاء، داهمت ثلة من العسكر، بقيادة (الشاويش سليم) دار محدثي، فشعر بالخطر الداهم، فقبع في زاوية الإسطبل، وطلب من أمه أن تضع فوقه الجلال (بردعة الحمار) فنجا بفضل حمارهم، من التجنّد لجيش "الرديف"، وهو الاسم الذي أطلق يومذاك على الفرق التي نظمها الأتراك في حملتهم تلك. ومن بين الذين تمّ جرهم الى جيش الرديف، كان "أبو حسن" والمعروف ببساطته وأمانته. وعندما عاد، بعد طول غياب، وجد بين أغراضه الشخصية، ملعقة نحاسية، نسي اعادتها للمطبخ العسكري. فقام في اليوم التالي مبكرا، وبدأ يتشدد للسفر، وعندما سألته زوجته "هيكليه" عن وجهته قال:"راجع الى تركيا لإعادة الزلفه لأصحابها"، فما كان منها، سوى أن بدأت (تدب الصوت) على أهل حارة (العزاميّه)، فأشار عليه أحد المسنين، من أجل افتداء يمينه، بأن يدفن الملعقة في مكان لا يعرفه أحد سواه!
وكان من بين الذين تغربوا قسرا الى دول أمريكا الجنوبية، في تلك الفترة أبو محمد حسين نفاع، علي سربوخ، جميل حمود، صالح يوسف (حْمَزّه) ، صالح يوسف الخلد،، فايز القبلان، فياض احمد محمد قاسم أبو صلاح، اسماعيل احمد حسين أبو صلاح. ومن بين الذين عادوا لزيارة مسقط رأسه، بعد غربة طويلة، أسعد حسين محمد ابو صلاح، والذي هاجر عندما كان في جيل الثانية عشرة من عمره، وعاد بعد سبعين عاما لزيارة مسقط رأسه، فتفاجأ كل من جاء للسلام عليه، من حدة ذكائه وقوة ذاكرته، حيث تعرّف على معظم المعمرين، وسرد ذكرياته مع الذين توفاهم الله، لأبنائهم الذين حضروا للسلام عليه. ومن بين الذين صادفهم في مطار اللد، عند هبوطه من الطائرة، كان الشيخ "أبو علي فارس"، والذي كان يعمل في قوة حرس المطار، وعندما عرف اسمه، سأله عن جده المرحوم "أبو أمين حسين اليوسف"، وذكر له لقبه؛ وقد روى، لكل من زاره، ذكريات طفولته في حارة "العزاميّة" (الواقعة في الجهة الشمالية الشرقية في القرية القديمة). وحدّث أنه كان يلعب في احد الأيام، مع أولاد تلك الحارة، فأدركه الظلام، وخشي من العودة متأخرا الى دارهم، التي كانت في حارة الصلالحه، جنوب حارة "سوق الضايع"، وبجوار "حي الصنافرِه"، فرأته احدى سيدات الحارة، وتدعى "نوخه"، والتي كانت قد انتهت لتوها من خبز الرقيق، على الصاج، فنادته، وهدأت من روعه، ثم أعطته (دكدوك)، وهو رغيف خبز ضيق وسميك، كانت تخبزه الأم لأولادها، أو لجيرانها بهدف المحافظة على (الممالحة)، فيؤكل ساخنا، مع زيت الزيتون أو مع لبنة الماعز. بعدها أرسلت معه مرافقا، من أهل الحارة، هو على حسب ما ذكر، المرحوم "قاسم محمد جمّوله" والذي أوصله حتى داره، وشفع له ، فلم يأكل قتلِه، بل أكل (الدكدوك) ونام!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو