الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟

محمد الحمّار

2013 / 8 / 7
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لقد استغل إخوان مصر منذ تأسيسهم في سنة 1928، ثم اتبعهم ما كان يسمى بـ"الجماعة الإسلامية" ("حركة الاتجاه الإسلامي" ثم "حركة النهضة" لاحقا) في تونس في السنوات السبعين من القرن الماضي، ظرفا يتسم بالجهل وبالتخلف وبصدمة الحداثة بالتقسيم الجغرافي والسياسي بعيد اندثار الإمبراطورية العثمانية لكي يقحموا الإسلام كبديل عن الحداثة.

لكن عندما لم يقابَل عمل الإخوان ، على مر العقود، بعمل علمي متأصل من طرف النخب الفكرية والمتعلمة والسياسية من شأنها أن تكذب النظريات الإخوانية على حلبة العقل العلمي وإنتاجه أي بإرساء الصناعة والانكباب على البحث العلمي، تحوّلت المشكلة من صراع حول كيف ننهض كعرب ومسلمين إلى حوار طرشان يحوم حول شكلياتٍ صارت تفرض نفسها كمرتكزات وثوابت مثلَ مسألة حق التشكل الحزبي على خلفية دينية من عدمه و مسألة جواز مزج الدين بالسياسة من عدمه.

والذي حصل في الأثناء أي في خضمّ هذا التحوّل الخالي من السند الفكري العميق هو فقدان المجتمع لمعنى "الحقيقي" و"الأصلي" و"الضروري" وصار يتعامل مع مشكلاته بمعاني موازية لا صلة لها بالواقع على غرار تلك المتعلقة بحق المطالبة بتطبيق الشريعة والتنصيص عليه في الدستور المدني من عدمه، ومشروعية تأسيس الدولة الإسلامية من عدمها.

والآن وقد ثار الشعب في مصر للمرة الثانية (30 جوان/يونيو) ثم في تونس (25 جويلية/يوليو على إثر اغتيال محمد البراهمي) على هذا التزوير الشنيع في العقائد الإسلامية وعلى تبعاته في المجالات كلها، نستنتج من ذلك أنّ هاذين المجتمعين (بانتظار لحاق ليبيا وغيرها بهما) مطالبين بأن يعيدوا قراءة الواقع وإعادة تحليل للمشكلات الحقيقية من المنظور الجديد، منظور استرجاع المعاني المفقودة لمدة عقود. وإلا فسوف يتواصل التراشق بالتهم المضللة على غرار تسمية حركة التحرر في مصر بـ"الانقلاب" من طرف خصومها، بينما الانقلاب الحقيقي مازال في عِداد المرغوب فيه والمأمول والضروري: الانقلاب على الطرائق القديمة المضللة والمعيقة لكل تحليل صائب للواقع.

فقط بواسطة الانقلاب المعرفي والمنهجي بإمكان مجتمعاتنا التغلب نهائيا، لا فقط على الفكر الإخواني، وإنما أيضا على فكر الجهات الأجنبية التي كانت، و لا تزال إلى حدٍّ كبير، مساندة له وداعمة له بالمال والأفكار، وبالتالي فهو انقلاب على العمالة. وإلا فالولايات المتحدة لن تقبل ببلدان الثورة الثانية مُحاورين حقيقيين لها، بل منافسين لها يحظون بكل احترام وتقدير، إلا في حال أثبتت هذه البلدان جدواها في القضاء النهائي على اللبس والازدواجية من داخل جسمها أولا وبالذات. فالغرب المهيمن لا يصدق من لا يصدق نفسه من باب أولى ويثق بها.

في هذا الإطار نتمنى أن تكون طفرة الوعي الثانية التي حصلت لدى شعبي مصر وتونس (وحتى سورية طبعا لكن بأسلوب مختلف) موَلدة لآثار إيجابية على مسار الانتقال السياسي والحضاري أيضا. ولكي تثبت حركة الوعي فتبلغ نقطة اللارجعة يتوجب تحويل الصراع كما يتراءى للعموم في صورته الحالية، من حلبة الاعتصام والصدام والعنف والتقاتل إلى حلبة الحوار الوطني الحقيقي والمُجدي .

لكن في المقابل، ليس هذا الأمر بالهيّن لمّا نعلم أنّ النخب السياسية والحقوقية والقانونية والدينية في بلداننا لم تتحرر بعدُ من الآثار الجسيمة السيئة التي تركها لديهم تزوير العقائد وتدجين المعاني الأصلية للمفاهيم وبالتالي مازالت تقيم الحوار تلو الآخر بنفس الوسائل المعرفية التي هي نتاج رديء للتزوير والتدجين. هذه هي النقطة التي تتنزّل فيها اللقطة الضرورية والحاسمة: لقطة الانقلاب الابيستيمولوجي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني




.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ


.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية




.. Socialism the podcast 131: Prepare a workers- general electi