الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحاكم يصلي علينا

عمر قاسم أسعد

2013 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


هذا وقد أدى الحاكم صلاة العيد وسط جموع المصلين والجماهير الغفيرة التي أمت المصلى بانتظار الحاكم ، والتفت حول موكبه وهي تهتف بحياته وحياة اولاده وزوجته وتابعيه ، وقد اعتلى الخطيب المنبر مبتهجا ملتهجا ولسانه ترطب بذكر الحاكم وصفاته والقابه وعطاياه ومكرماته ، ورفع كفيه للسماء بالدعاء والثناء على الحاكم وقلبه تفطر برجاء الله ان يطيل عمر الحاكم وان يعم الخير والرخاء ويمحق الشدة والشقاء ويديم السعاده على الشعب بوجود الحاكم والعيش بظله ،
هذا وقد رفع المصلين وغير المصلين أكفهم لله ورددو آمين ، آمين ، آمين ،
هذا وقد غادر الحاكم المصلى والجموع الغفيرة تلاحق موكبه وتنتظر لحظة ان يشاهدو وجهه وان يتبركو بنظرة من طرف عينه . ،
قد تعودنا ــ وعلى مدار سنين عمرنا ــ على هذه الافتتاحية صباح كل عيد ووسائل الاعلام تتطبل لإبراز هذا الحدث النادر ــ مرتين بالعام ــ وتسلط كاميراتها على وجه الحاكم القاطب الشاحب المقيت ، ومهما حاول أن لا يبدو كذلك فلن يستطيع ، وحوله بعض من الوجوه الكالحة المقيتة والكروش المنتفخة ، وقد ظنو أنهم ببيت الله وان الله ناصرهم على الشعب ،
هي لحظات يقضيها الحاكم في المصلى ويحمل على ظهره ظلمه وتسلطه وجبروته وكل آثامه وأوزاره وأوزار حاشيته ويحمل معه ألقابه التي تسبق اسمه ( صاحب الجلالة والفخامة والسمو والسيادة والسعادة والمشيخة و... ) .
روحه الفاسدة تلوث اركان طهارة المكان وقلبه الأسود المتحجر لا يلين حتى لذكر الله في بيت الله ، وملائكة العذاب تنتظر قبض الروح لتلقي بها في قعر جهنم سبعين خريفا .،
هناك فرق كبير أن يدخل الحاكم المصلى بجسده فقط ويترك روحه وقلبة معلقة بالدنيا وكرسي الدنيا ، وفرق ان يدخل المصلى بروحه وقلبه متوجها بهما لله تاركا جسده ،
بعد الصلاة يستقبل الحاكم جموع المهنئين الذين لا يحلو لهم عيد إلا بعد السلام عليه وتقبيل يديه ، ولا ننسى برقيات التهنئة ، وقد افتوا أن هذا العيد هو عيد الحاكم وهو من منحهم بركته ومكرمته وعطاياه ولولا وجوده ما كان لهم عيد .
عن أي عيد نتحدث وما زلنا لا نجد طعاما نسد به أفوه أطفالنا ، عن أي عيد نتحدث ولم نجد كساءا نستر به عرينا ولا هواء لاستمرارية حياتنا ، أي عيد هذا والظلم والقهر يجثم فوق صدورنا ، وكل ايامنا وشهورنا وسنوات عمرنا صيام وفقر وتسول .
إن آمنا بالحاكم ننال بعضا من فتات حقوقنا وكلما آمنا به أكثر وترسخت عقيدته بقلوبنا أكثر وأقنعنا اتباعا أخرين بالإيمان به زادت حصتنا من فتات حقوقنا ، ولنا أن نعيش على هامش حياتنا كما أراد لنا الحاكم ،
وإن آمنا بربنا فربنا قد تولانا ،،، وكل عيد والخطيب يخطب فينا والحاكم يصلي علينا .

عمر قاسم أسعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو