الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأعداء الجدد للبعث سوف يقلبون المعادلة

حمزة الجواهري

2005 / 5 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


يبدو خبر اختطاف محافظ الأنبار وكأنه خبرا عاديا كباقي الأخبار عن أعمال الخطف في العراق، والتي اعتدنا على سماعها كل يوم، وكذا لم يكن خبر تطهير قرى القائم من الإرهابيين المتسللين من سوريا يختلف كثيرا عن باقي الأخبار المتواترة عن عمليات التطهير في مناطق كثير من المنطقة الغربية في العراق، وقد حاولت ومازالت تحاول أجهزة الإعلام المنحازة للإرهابيين ولمن يقوم بهذه الأعمال في العراق أن تجعل من الخبر مجرد حملة من قبل الجيش الأمريكي على مقاتلين في المنطقة الغربية من العراق وعلى الحدود مع سوريا، حيث تعتبر هذه المنطقة معبرا ورافدا كبيرا لعبور الإرهابيين للعراق تتولى أمرهم معسكرات كبيرة في تلك المنطقة، لتقوم بعد ذلك بتوزيعهم على باقي أنحاء العراق لكي يمارسوا مهمتهم التي جاؤا من أجلها، وهي قتل الأبرياء، أما الباقي التفاصيل من لهذه العمليات الإرهابية فإن أجهزة الإعلام تقوم بالمهمة من اجل تحسين الصورة وإظهارها على أنها مقاومة للأمريكان.
لحد هذه النقطة لم يكن خبر إختطاف المحافظ الجديد في الأنبار رجاء نواف المحلاوي أكثر من مجرد خبر إختطاف عادي يحدث كل يوم في العراق، ولا حملة التطهير الكبرى في القائم تختلف عن سابقاتها من الحملات المستمرة يوميا، لكن سقطة الجزيرة هذه المرة كانت كبيرة، إذ، وعلى غير عادتها، فضحت حقيقة الأمر، من أن عشيرة المحافظ تساهم بالهجوم على الإرهابيين في منطقة القائم الحدودية، وإن المطلب الأساسي للإرهابيين كفدية لإطلاق سراح الرهينة هو أن تكف العشيرة عن قتال الإرهابيين، من هذه السقطة الإعلامية لقناة الجزيرة الإرهابية، والتي تلتها أجهزة أخرى، لأن الحقيقة قد أفتضحت، من هذه السقطة وتواتر الأخبار التي تؤكدها، نستطيع أن نستشف أن هناك عشائر عراقية كبيرة تمتد رقعة تواجدها من القائم وحتى الرمادي، وربما أبعد من ذلك بكثير، لم تعد تستسيغ التواجد القذر لهؤلاء الأوباش القتلة بين مدنهم وقراهم، فهم يقتلون العراقيين من حيث الأساس، حتى وإن كان البعث من وراء تواجدهم، وهو الذي يدفع بهم ويمولهم.
هذا الأمر يعني أيضا أن هناك عشائر أخرى في المنطقة ترى نفس ما ترى عشيرة المحافظ، ولو لم يكن الأمر كذلك، لما انتخب مجلس محافظة الأنبار، المنتخب هو الآخر، هذا المحافظ، وهناك أيضا ما يشير إلى أن السبب وراء هذا التنصيب هو حماس المحافظ وعشيرته المنتشرة بكثافة أكبر في منطقة القائم، فهي إذا العشيرة الأكثر تضررا من تواجد هؤلاء الإرهابيين، وبالطبع لابد أن يكون أبناء العشائر الأخرى في تلك المنطقة متضررين أيضا، كل هذا يمكن أن يشكل سببا قويا وموضوعيا لإختيار هذا الرجل كمحافظ، فلو لم يكن الأمر كذلك، لأختار المجلس رجلا آخر محسوبا على البعثيين الضالعين بأعمال العنف المسلح في المنطقة كما كان يحدث في المرات السابقة، فهم بهذا الاختيار يقطعون يد الإرهاب الذي يمد أذرعه ليطال المناطق التي تسمح بحرية الحركة لهؤلاء الإرهابيين وهي تحديدا المناطق التابعة لمحافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل، ويعلنون أنهم ايضا ضد الإرهاب، أليس كذلك؟
قبل أن أّذهب بعيدا بالتحليل، علي أن أقف عند مفردة وردت في التحليل قبل بضعة أسطر، وهي مفردة ""حماس""، فهل حقا هناك حماس من هذا النوع في تلك المناطق التي طالما امتدت لها أصابع الإتهام دونما تمييز أو دقة بتوجيه الأصابع؟ علينا إجراء مسح للأسباب التي يمكن أن تكون، أو تدعو لمثل هذا الحماس، لعلها تشكل فهما موضوعيا لما يجري هناك، ونقرأ ما أسقطته أجهزة الإعلام من أسطر كثيرة عن تلك الأخبار بالرغم من ضجيج الموسيقى الإخبارية التي تصاحب الخبر وحماس المذيعين.
لقد خسر أبناء تلك المناطق الكثير بسبب عدم مشاركتهم بالانتخابات وهذا الأمر لم يعد خافيا على أحد، لذا يجب أن يستعيد أبناء تلك المناطق استحقاقهم الحقيقي من جميع السلطات في البلد، سواء التشريعية أو التنفيذية أو القضائية، ولم يخفوا نيتهم بالمشاركة في الانتخابات القادمة بكل قوة، ووجود هذه العناصر يعرقل هذا المسعى بالكامل والذي لم يبقى لتحقيقه سوى بضعة أشهر. لذا تقتضي الضرورة أن تقوم العشائر بدور إيجابي لمنع هذه الحثالات البشرية من التواجد بينهم، ولكن لابد من ثمن لهذا الأمر.
بعد الانتخابات ووصول حكومة شرعية، لا ريب في شرعيتها، ولمس الجميع مدى جديتها في التعامل مع الملف الأمني بأمانة وحزم وثقة عالية بالنفس، أصبح من الواضح أن التعامل مع هؤلاء سيكون أمرا واقعا لا محال، هذا يعني أن أبناء تلك المناطق سوف يكونون بين فكي الرحى ما لم يأخذوا موقفا حازما، ويحسموا أمرهم بينهم قبل أن يكونوا هذه المرة من المضحين في سبيل البعث الذي لم يعد أمره يعني أحد. حيث أن اليأس من عودة البعث، وكما هو معروف، أصبح من المسلمات، وإن إستمرارهم بذات النهج يعني أنهم سوف يكونوا من المتورطين بجرائم البعث السابقة والقادمة دونما فائدة تذكر أو ضوء في آخر النفق لهذا القتال اليائس لفلول البعث ومن تحالف معهم من زناة الأرض، وكما هو معروف أيضا أن ليس جميع أبناء تلك المناطق من البعثيين العقائديين وقد أصبح موضوع مستقبل البعث في العراق معروفا حتى بالنسبة للمتشائمين بمدى نجاح برامج اجتثاث البعث من أن هذا الحزب سوف لن تقوم له قائمة بأي حال من الأحول.
الآن، وقبل ذلك بكثير، أي منذ أن بدأت الأعمال الإرهابية في العراق بعد سقوط التمثال، فإن معظم ضحايا هذا الإرهاب الأعمى هم من أبناء هذه المنطقة، بالرغم من أن الإرهابين يخترقون الحصار المضروب على المناطق الآمنة الأخرى في العراق، إلا إنه كان من الواضح إن معظم ضحاياهم كانت من أبناء محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل والمناطق المختلطة مثل ديالى وبغداد، أما بظل الحكومة الجديدة والقبضة الحديدية التي تلوح بها ضد الإرهاب، سوف يكون جل الضحايا في تلك المناطق، لأن وصولهم لباقي مناطق العراق سوف يصبح عسيرا، بل مستحيلا، وها نحن نرى اليوم التفجيرات الإرهابية الجبانة في مدينة تكريت والحويجة ومنطقة الدورة في بغداد والتي أسقطت مئات القتلى والجرحى في سوق عام أو منطقة تجمع عمال يوميين في الصباح الباكر، أو في حي سكني أو شارع عام مزدحم بالمارة، ولا أظن أن أحدا من القتلى كان شيعيا أو كرديا أو من قوات الأمن العراقية أو القوات المتعدددة الجنسية في كل هذه التفجيرات، لأن جميعها كانت في مناطق يقطنها السنة العرب.
بالطبع لا يهمنا مذهب القتيل بقدر ما يهمنا، نحن العراقيين، أنه عراقي، ولكن أنا أضع هذه التفاصيل من أجل فضح حقيقة إدعاءاتهم المتكررة على أنهم الناطقون بإسم السنة العرب، وفي واقع الأمر، إنهم يصادرون صوت هذا الطيف العراقي المهم. حيث هناك أسباب أخرى كثيرة تجعلنا ندير دفة الحديث نحو البعث، لأنه هو المسؤل الحقيقي عن كل ما يجري من أعمل إرهابية في العراق، إضافة إلى الواجهات السياسية البعثية مثل هيئة علماء المسلمين ولجنة الحوار الوطني والعشرات من الحزاب التي تشكلت من رئيس وثلاثة أعضاء، وفي حقيقة الأمر جميعها واجهات بعثية صرف، وأبناء تلك المحافظات يعرفون ذلك، وأن البعث يحاول أن يصادر صوتهم كما صادر حقهم الانتخابي ظنا منه أن العملية الانتخابية سوف تفشل، وبالتالي العملية السياسية بالكامل.
كان ومازال البعث يريدها أن تكون حربا طائفية، لذا ركز الخطاب البعثي والأعمال المفتعلة والقتل على الهوية من الجانبين، من أجل أن تبدو المسألة وكأنها خلافات مذهبية وبوادر حرب طائفية حقيقية، وهي في واقع الأمر حربا بين البعث من جانب والشعب العراقي من جانب آخر، والضحايا في النهاية من الشعب الأعزل البريء ومن جميع الأطياف بلا إستثناء.
كل ما تقدم لابد أن يفرز نوعا من الحماس لدى النخب من أبناء تلك المنطقة لكي تستعيد صوتها، وتمسكه بيدها، ولمصلحتها، وليس لمصلحة البعث الذي لم يعد واعدا، ولن تقوم له قائمة مرة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد كبير على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ومخاوف من حرب شا


.. بايدن: اتفاق مجموعة السبع على دعم أوكرانيا يظهر لبوتين -أننا




.. هجمات الحوثيين مستمرة رغم الجهود الأميركية البريطانية|#غرفة_


.. الجنائية الدولية تعرب عن قلقها مما يحدث في ا?قليم دارفور




.. المكتب الحكومي في غزة: 33 مليار دولار حجم الخسائر الأولية ال