الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة فى معركتها الراهنة

جمال عبد الفتاح

2013 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


منذ اطاحت الثورة الشعبية المصرية بمبارك ,وهى تهدد النفوذ الاستعمارى الامريكى فى بلادنا والمنطقة العربية . وقد فرضت الثورة معادلة جديدة لعلاقات القوى , تحتل فيها الثورة والشعب المصرى وضع غير مسبوق فى التاثير على المصالح الامريكية والوجود الاسرائيلى . ويظهر ذلك جليا فى اطاحة الثورة , فى الموجة الراهنة بحكم الاخوان على غير هوى الامريكان , وهى الاطاحةالثالثة منذ 25 يناير لرجال الامريكان فى بلادنا .
وكانت الادارة الامريكية بنت استراتيجيتها فى الهيمنة بعد الثورة المصرية , مع صعود نجم جماعة الاخوان ومجمل التيار الدينى الرجعى على انها ضالتها التى ستعتمد عليها فى تصفية الثورة المصرية والقضيةالفلسطينية , وحماية مصالحها لعقود قادمة ,وتابعت تلك السياسة فى تونس وليبيا ومع الثورة السورية . .
ولكن انفضاح حقيقة حكم الاخوان الرجعى سريعا مع فشل برنامج المائة يوم الاولى لم يترك وقتا امام الجماهير للحركة الواسعة لتختبر فاشة الرجعية الدينية , وقد فاقم من غضب الجماهير الواسع فرض حكومة الاخوان لبرنامج التقشف لصندوق النقد الدولى الذى دفع بسعر البنزين والغاز والسولار وغيرها من السلع الضرورية الى حد تحولت معة حياة 80 % من المصريين الى جحيم على جحيمهم السابق .
وجاءت الممارسات القمعية والوحشية لميلشيات وشرطة الاخوان فى محمد محمود 2 , وفى مجزرة قصر الاتحادبة 5 ديسمبر , والمذبحة الواسعة امام سجن بورسعيد فى 26 يناير 2013 لتؤكد الطبيعة الفاشية للاخوان للعالم كلة . وتجهز على خديعة ان الاخوان كانوا من قوى الثورة اصلا . وتفضح حقيقة الموقف الاستعمارى المنافق للادارة الامريكية , بالادانة العامة المخففة للافعال الدمويةلحكم الاخوان , دون التلويح باى موقف عملى يذكر , بل على العكس افرجوا عن مبلغ 200 مليون دولار من المعونة المقررة من بداية الثورة لصالح حكومة الاخوان تقديرا لخدماتهم فى سيناء , ومع حكومة حماس لصالح اسرائئل , وفى سوريا . كل ذلك يفضح حقيقةحديث الاستعماريين الامريكان عن الديموقراطية , وحقوق الانسان الذى خبرناه من قبل فى حربهم البربرية على العراق وافغانستان وليبيا وسوريا الان , وعشرات البلدان فى امريكا اللاتينية وافريقيا واسيا , وصناعة ودعم الانقلابات العسكرية , وانشاء ودعمالعصابات المسلحة الرجعية لقمع حركات الشعوب على مر عقد طويلة . . انة طريق الامبربالية الامريكيةالدموى لفرض سيطرتها ومصالحها على العالم .
لذا فالادارة الامريكية تصر ان تفرض على بلادنا الان العودة لحكم الاخوان , او اقتسامهم الحكم مع العسكر , او"الفوضى الخلاقة" وفقا للسياسة الاستعمارية , المهم الاجهاز على الثورة الشعبية المصرية , والجائزة لمن يقوم بهذة المهمة الاستعمارية . فالادارة الامريكية كانت تراهن على جماعة الاخوان وحلفائها ـ ومن قبلهم العسكر ـ ان تقوم بهذة المهمة فى مصر وبلدان الثورات العربية الاخرى . الا انهم فشلوا حتى الان , وما ان اندلعت الموجة الثوريةالجديدة فى 30 /6 , وكان حجمها واتساع انتشارها لتعم جميع المحافظات واغلب المدن مفاجاْة للجميع , حتى اصبح مصير التيار اليمينى الدينى الرجعى واستمرارة يصعب التنبؤ بة ,وهو مايصيب الاستراتيجية الامريكية فى المنطقة , وكذا امن اسرائيل فى مقتل . وينبئ عن بداية مرحلة جديدة فى نضال الشعوب العربية من اجل الاستقلال الوطنى , فى سياق مرحلة جديدة من الثورة العالمية , وقد بانت بوادرها فى العديد من البلدان الاوربية, اليونان وتركيا والبرتغال واسبانيا وغيرها ووصلت الى وول ستريت بنيويورك .هذا ما يخيف الادارة الامريكية من الثورة الشعبية المصرية, تاثيراتها , وزخمها , واستمرارها قرابة ثلاثة سنوات حتى الان , وكيف تمكنت من الاطاحة بثلاث سلطات , واصابت قواعد النظام السياسى الاقتصادى بزلزال عنيف يصعب ترميم نتائجة . ومن جهةاخرى اصاب الطبقات الشعبية بجرثومة الوعى الثورى غير المسبوق من خلال التجربةالثورية العميقة , ونتيجة لانفتاحها على ادوات واليات عصر المعلومات فى اكتساب الوعى والتفاعل معة ونشرة , وخلق اشكال جديدة من التنظيم تضم الالاف الواسعة وتنتقل للملايين بسرعة . كل ذالك يعكس طبيعة هذا العصر ومدى تطور وسائل المعرفة والعلم والخبرة والعمل , اى تطور قوى الانتاج على المستوى العالمى الذى لم تعد محصورة داخل المراكز الراسمالية المتقدمة كما كان فى السابق . وبهاذا دشنت الثورة المصرية عصرا جديدا من ثورات الكادحين والفقراء حيث تمكننت من استخدام هذة الادوات والاساليب الجديدة فى الوعى والحشد والتنظيم من شل وهزيمة الة الدولة القمعية المتضخمة بشكل استثنائى كما حدث يوم جمعة الغضب 28 يناير , وبخروج الملايين الواسعة فى موجات ثورية متتالية , خاصة موجة 30 /6 الراهنة التى اذهلت العالم بحجم المشاركين فيها .
وقد احست القوة الامريكية بكل امكانياتها , وقوة الالة القمعية للنظام المصرى بالعجز عن مواجهة مثل تلك الموجات البشرية الثائرة بشكل واسع وغير مسبوق فى العالم كلة برغم محاولاتها المتتالية للتصفية التدريجيةالعنيفة . فاصبحت تخشى الدخول فى الحرب الاهلية امام ثورة بهذا الزخم والاتساع والتنظيم غير التقليدى فى حركتها وامكانياتها واستمرارها .
ان اصحاب الايادى المرتعشة والجبناء من منظرى اليسار , والانتهازيين اللبراليين والقوميين الذين يخافون من الثورة اكثر من اعدائها لامور تخص مصالحهم , او مدى فهمهم لطبيعة هذة الثورة واشكال واساليب عملها ,هم فقط الذين يروجون لتحديد اهداف هذة الثورة فى الحقوق والحريات الديموقراطية ,والاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية للطبقات الشعبية . دون ان يكون للقوى الثورية الحق فى التفكير بالاطاحة بكامل النظام القائم , واحراز الجماهير الثائرة المنتصرة للسلطةالثورية واقامة دولتها اليموقراطية الشعبية .. فهذا ترف خارج اطار السياق التاريخى لتطور المجتمعات الراسمالية عموما فى هذة اللحظة والمستمرة لوقت غيرمنظور إ إ, ربما عدة قرون إإ, كما يدعى منظرى التبعية الجديدة , المدافعين عن ضرورة استمرار النظام الراسمالى العالمى القائم . ان اولئك المنظرون الاشاوس الخائفون من الثورة اكثر من خوفهم من النظام القائم يرجون على القوى الثوريةالتعقل وعدم الطمع فى السلطة, فهذة احلام فوق طاقة الثورة , وفوق امكانيات حركة البشرية فى هذة اللحظة من تطورها .
ان هذا المشهد المعقد لواقع الثورة الان يطرح علينا ضرورة تفكيكة الى عناصرة الاولية , وفهمة جيدا, وتحديد المهمات الملحةالراهنة , وكيفية تطويرها فى اتجاه الهدف النهائى للثورة نحو الثروة والسلطة . فى الموجة الراهنة من الثورة تمكنت القوى الثورية والشعب من الاطاحة بحكم الاخوان وحلفائهم , ولم تكتمل هذة المعركة الى نهايتها , ويقف الى جانب الاخوان امريكا راعيهم الاول , وراعى مجمل النظام القائم , وهم يريدون استمرار الاخوان كقوى رجعية منظمة ومؤثرة فى المشهد السياسى , يرهبون بهم الثورة من جهة , والقوى الحاكمة من جهة اخرى حتى لاتخرج عن النص تحت ضغط الشعب والقوى الثورية التى بدات تتململ ولن تنتظر كثيرا . والعسكر وحكومتة بين شقى الرحى يرتعدون خوفا من الامريكان ودعمهم للاخوان بارهابهم البادى فى عديد من المدن والاحياء , ومن قوى الثورة والشعب التى وظفوا موجتها الثورية فى 30 / 6 فى الاطاحة بحكم الاخوان . يصبح على القوى الثورية اذا ان تحدد معركتها الراهنة الان بانهاء وجود الاخوان وحلفائهم سياسيا وفكريا والاساس المادى لوجودهم التنظيمى فى كافة المجالات . وفى نفس الوقت خوض معركة شرسة ضد الاستعمار الامريكى , العدو الاول للثورة , وانهاء كل مصالحة فى بلادنا , وكل اشكال التبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية لة , ورفض اى قوى محلية تقف ضد ذلك . وان تعمل القوى الثورية حسابها فى معركتها مع الاخوان والتيار الدينى الرجعى انها تواجة قوة ارهابية مسلحة , وان تستعد لذلك بكافة اشكالالنضال دون انتظار اى دعم من المؤسسة العسكرية والشرطة فى هذة المعركة , ويكفى تجربة الاسبوعين الماضيين , الثورة بالاساس تعتمد على نفسها فى معاركها . وان ضربت احدى القوى فى نفس الاتجاه , فبة ونعم . . مع تحديد قوى الثورة المضادة وتاجيل المعركة معها الان لحين الانتهاء من المعركة مع التيار اليمينى الدينى فاشى الطابع . وبعدما تنتهى الثورة من معركتها الراهنة . سوف تبدء معركتها النهائية الكبرى على السلطة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. وتوقف دخول


.. بعد قتله جنديين.. حزب الله يستهدف مجدداً ضباطاً إسرائيليين ب




.. هل سيطرة إسرائيل على معبر رفح مقدمة للسيطرة على المدينة بكام


.. شقاق متزايد في علاقة الحليفين.. غضب إسرائيلي من -الفخ الأمير




.. ترامب يتهم بايدن بتزوير المحاكمة لأهداف سياسية