الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة سلطة سياسية أم أزمة خيارات بين التثوير و الإصلاح؟

رضا كارم
باحث

2013 / 8 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يجنح "المتواصون " بالطأطأة "، أهل "الشرعية" و حافظوها، إلى التدليل على علوّ حقّهم و صواب رأيهم ، بالتذكير بانتخابات 23أكتوبر بما هي عنوان "الانتقال الديمقراطي" ، و يصرّون على نتائج تلك "العملية" ، ليستنتجوا أن "حكمهم شرعيّ"
و سواء فشلوا أو صنعوا معجزات، فإن عسكر "الصفر فاصل" عقد عزمه و بنى رأيه على إسقاطهم خارج الأطر القانونية...
هذا المدخل التحليلي ، يشكل العمود الحجاجي الرئيسي لديهم. و هذا شكل برهاني يصعب جدا الردّ عليه، دون الاعتراف بتلك الفضيحة التأسيسية، المسماة انتخابات 23أكتوبر...
تلك الفبركة الانقلابية على المسار الثوري، التي ركبها وكلاء الامبريالية و خدم الخارج الاستعماري، بالتوافق و التراضي بينهم، لتحييد القوى الثورية الفاعلة، و عزلها سياسيا عبر افتكاك الجماهير و ترضيتهم ب"شكلنة ديمقراطية "مبتذلة و فاقدة لكل اتصال بالمنافع المشتركة لجماهير المسار الثوري خاصة ، و عامة المهمشين في تونس.
لقد انقلب الحدث الانتخابي من فرصة للتأثير في القرار "الشعبي" ، كما بررت الأحزاب مشاركاتها، إلى حفر ضد الرهانات الثورية من كرامة و شغل و رفع مظالم.
و جاء الإخوان ، و قد خرجوا منذ قليل من تجربة هيئة عليا لتحقيق أهداف ثورة مغتصبة، صحبة عياض بن عاشور و عبد العزيز مزوغي و نجيب الشابي و احمد ابراهيم...لمعاينة حجم الكراهية المسلّط عليهم، و تمثّل مستقبل علاقاتهم مع الفريق السياسي التونسي الرافض لهم بشدة...
أتبع ذلك انغلاق النهضة و رحيلها من مستوى التفاعل و طرح إمكانات تأسيس بدائل توافقية ، إلى تمرير مرحلة حكم الباجي كيفما كان الأمر، ضمانا في البداية لفرض الانتخابات كحقيقة تاريخية حاسمة، و انطلقت في تجيير المساجد لصالحها، و "غازلت" حزب حمة الهمامي، محيدة إياه من كل عمليات الحقد الذي بثته بين أنصارها، بحجة ان حمة مناضل....و الحقيقة، أنهم استثمروا صمته ، و اختياره عدم نقدهم أو تركيز حملته على فضح خياناتهم الصريحة، حتى إذا حل موسم النتائج، اكشتف حمة أنهم أعملوا فيه سيوفهم خلسة، و أنهم "أذاعوا وصف الإلحاد بين أتباعهم" فدبّ كالنار في الهشيم و أسقطه و حزبه بالضربة القاضية...
إنها عمليا كشف من التاريخ عينه، تثبت أن الذين يعارضون "الشرعية" الانقلابية على المسار الثوري، تماما مثل الذين يذودون عنها دون فحص ، يسهمون معا ، في تجذير ذلك الانقلاب و فرضه واقعا فوق المجاوزة...
كأن مسار 17ديسمبر ، انتقل من حالة اصلية سابقة لكل ما حدث بعده، إلى حدث تاريخي معزول عن الحراك السياسي الفوقي ، منذ حكومة المبزع -الغنوشي،حتى حكومة المبزع-السبسي(بالمناسبة ، قليلون جدا كانوا يستعملون هذه التدقيقات التوصيفية لعسكر السلطة). و يعني عزله ، جعل الانقلاب عليه قرارا مشتركا ، حتى دون الحاجة الى توقيع عقد الشراكة ذاك. فلربما كان المحرض خارجا يتحكم بدمى الأحزاب و قياداتها العميلة.
و هذا يقود الى أخلاقية احتجاج من يحتج اليوم على النهضة و قد شاركها كل الانقلابات منذ 15جانفي حتى اليوم؟
عن أي فساد حكومي يتحدث هؤلاء ، و هم يصارعون شركاءهم السياسيين؟
أ لم يعترفوا جميعا بنزاهة تلك المهزلة المسماة انتخابات؟
أ لم يقبلوا إشراف جيمي كارتر؟
ماذا كان يفعل المراقبون الأجانب هنا؟
وزير خارجية لبنان السابق، الذي درّبهم على تنظيم الفضيحة، أ لم يكن ضيفا عندهم؟
ثم، هل تتحدد الأزمة في تونس في مستوى الشخوص الحاكمة انقلابيا؟
هل يكون تعويض زيد بزياد كافيا لتجاوز الأزمة ؟
بل من صنع الأزمة اصلا؟
من دافع عن التجمع حتى قضى على نفسه و حزبه؟
أ ليس نجيب الشابي الذي كان منذ أسابيع قليلة جدا ،خائنا مطلوب رأسه لدى حلفاء الآن؟
كيف يرفضون حكما صنعوه بأيديهم؟
و إذا كانوا أخفقوا في تقديراتهم، هل يسمح لهم ذلك الخطأ بالعودة الى قيادة الجماهير للتغيير السياسي في أعلى الهرم ؟
بل أ لا يكون التغيير مختلفا كليا؟
هب أنها حكومة جديدة دون مجلس تدليسي، و بمرافقة هيئة من "القادة" أو ممثلي راس المال كما هم حقا، هل تقدر تلك الحكومة على ضمان شغل المعطلين و كرامتهم و حريتهم؟
فهل هي أزمة سلطة سياسية ، أم أزمة خيارات بين الثورة و الإصلاحية؟
ماهو برنامج حزب حمة المعلن؟
يسمونه برنامج المرحلة، لكنه لا يختلف في شيء عما يقترحه التكتل أو يتمناه المؤتمر أو تموه به النهضة...هوية ثقافية، عدالة اجتماعية، تنمية الدواخل،.....
و هل كان لبقية الأحزاب غير هذا البرنامج ؟
إذن ليس ثمة بديل أبدا لدى هؤلاء الممثلين التجاريين. إنهم فقط يدورون داخل حلقة رأس المال الذي لا يهتم بمن يحكم، طالما نمت أرباحه و تركزت سيطرته.
البديل لدى المعنيين بالتغيير . ذلك التغيير الذي لا يكتفي بقلب الهرم و يمضي، ذلك المتأسس على نفي السيطرة و الاستغلال، و إذن نفي الاستعباد و الاغتراب ضد الإنسان. ليس مجرد تغيير طاغية بطاغية، ليس رفض بن علي و قبول هذا الهتلر علي العريض، إنه تغيير ذو طبيعة اجتماعية ، بسواعد المهمشين ، معطلين و عاملين، يضربون بقوة التشاركية التحررية، غطرسةَ راس المال ، و خيانة ممثليه .
النهضة ليست مجرد حزب إسلامي يرهن الوجود للماضي، هي أفضع من ذلك.إنها حزب فاشي يناور بالدين ليحقّق لرأس المال أكبر قدر من الربحية...انظروا حجم التداين الخارجي لتونس، كيف تحملنا حكومة العار و الانقلاب على المسار الثوري، إلى توقيع قروض جديدة من صندوق نقد دولي أشبه بدراغولا.
النهضة ليست مجرد حزب يريد 4زوجات ، هي أوسأ و هي ترفض تجريم التطبيع ، لتضمن، في ظروف تاريخية مختلفة، لرأس المال أن يتنقل بين تونس و الكيان الصهيوني دون حرج "قانوني"...
إن رفض النهضة لا يتعلق برفض الدين و لا قبوله أيضا. تلك مسألة تفحصها الذات فحصا يعينها و لا تسأل عليه. رفض الفاشية الدينية ، يتعلق برفض تلك الأردية التي تستعملها لإخفاء تبعيتها للرأسمالية الباطشة، و تمرير استعباد الإنسان و خضوعه ، بحجة أن الله خلق الناس درجات...إنه استعمال مبنى ثقافي رئيسي كما هو في الواقع الراهن، للسيطرة على الواقع و ضبط البسطاء المساكين .
رفض النهضة هو رفض السلطة القهرية و القسرية و هو أيضا رفض قراءة الدين بوصفه سلطة .لهذا ، لا نرى معاداة النهضة وفق موجبات جبهة الإنقاذ ، معاداة طبقية و اجتماعية حقيقة. بل هي مجرد ضغط سياسي يستفز المشاعر الجماعية للمفقرين لتحويلهم أدوات كنس حزب لتولي السلطة و الهيمنة بدلا عنه.
إن النهضة و جبهة الإنقاذ و بقية الفتات الحزبي المنتشر كالفقاقيع المؤقتة، لا تملك شيئا من أمرها ، و هي متشابهة حد التطابق.
و سواء ادعت التقوى أو ادعت الصدق أو تظاهرت بخدمة "عائلات الشهداء"، فهي بالنهاية مجاميع انقلابية على المسار الثوري، تؤدي نفس الدور الخياني و لو بدرجات متفاوتة.
_____________________
رضا كارم. قلعة سنان
10/08/2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس




.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في