الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة فى معركتها الراهتة

جمال عبد الفتاح

2013 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


منذ اطاحت الثورة الشعبية المصرية بمبارك , وهى تهدد النفوذ الاستعمارى الامريكى فى بلادنا والمنطقة العربية . وقد فرضت الثورة معادلة جديدة لعلاقات القوى , تحتل فيها الثورة والشعب المصرى وضع غير مسبوق فى التاثير على المصالح الامريكية والوجود الاسرائيلى . ويظهر ذلك جليا فى اطاحة الثورة , فى الموجة الراهنة بحكم الاخوان على غير هوى الامريكان , وهى الاطاحة الثالثة منذ 25 يناير لرجال الامريكان فى بلادنا .
وكانت الادارة الامريكية بنت استراتيجيتها فى الهيمنة بعد الثورة المصرية , مع صعود نجم جماعة الاخوان ومجمل التيار الدينى الرجعى على انها ضالتها التى ستعتمد عليها فى تصفية الثورة المصرية والقضية الفلسطينية , وحماية مصالحها لعقود قادمة , وتابعت تلك السياسة فى تونس وليبيا ومع الثورة السورية . .
ولكن انفضاح حقيقة حكم الاخوان الرجعى سريعا مع فشل برنامج المائة يوم الاولى اختصركثيرا من الوقت لاختبار الجماهير حقيقة سياسات الرجعية الدينية , وقد فاقم من الغضب الجماهيرى الواسع فرض حكومة الاخوان برنامج التقشف لصندوق النقد الدولى الذى دفع بسعر البنزين والغاز والسولار وغيرها من السلع الضرورية الى حد تحولت معة حياة 80 % من المصريين الى جحيم على جحيمهم السابق .
وجاءت الممارسات القمعية والوحشية لميلشيات وشرطة الاخوان فى محمد محمود 2 , وفى مجزرة قصر الاتحادبة 5 ديسمبر , والمذبحة الواسعة امام سجن بورسعيد فى 26 يناير 2013 لتؤكد الطبيعة الفاشية للاخوان امام العالم كلة . وتجهز على خديعة ان الاخوان كانوا من قوى الثورة اصلا . وتفضح حقيقة الموقف الاستعمارى المنافق للادارة الامريكية الداعم لحكم الاخوان, بالادانة العامة المخففة للافعال الدموية فى قمع الاخوان لقوى الثورة , دون التلويح باى موقف عملى يذكر , بل على العكس افرجوا عن مبلغ 200 مليون دولار من المعونة المقررة من بداية الثورة لصالح حكومة الاخوان تقديرا لخدماتهم فى سيناء , ومع حكومة حماس لصالح اسرائئل , وفى سوريا . كل ذلك يفضح حقيقة حديث الاستعماريين الامريكان عن الديموقراطية , وحقوق الانسان الذى خبرناه من قبل فى حربهم البربرية على العراق وافغانستان وليبيا وسوريا الان , غيرعشرات البلدان فى امريكا اللاتينية وافريقيا واسيا , وصناعة ودعم الانقلابات العسكرية , وانشاء ودعم العصابات المسلحة الرجعية لقمع حركات الشعوب . . انة طريق الامبربالية الامريكية الدموى لفرض سيطرتها ومصالحها على العالم لاكثر من قرن .
لذا فالادارة الامريكية تصر ان تفرض على بلادنا الان العودة لحكم الاخوان , اواقتسامهم الحكم مع العسكر , او"الفوضى الخلاقة" وفقا للسياسة الاستعمارية , المهم الاجهاز على الثورة الشعبية المصرية , والجائزة الكبرى لمن يقوم بهذة المهمة الاستعمارية . فالادارة الامريكية كانت تراهن على جماعة الاخوان وحلفائها ـ ومن قبلهم العسكر ـ ان تقوم بهذة المهمة فى مصر وبلدان الثورات العربية الاخرى . الا انة , ما ان اندلعت الموجة الثورية الجديدة فى 30 /6 , وكان حجمها واتساع انتشارها لتعم جميع المحافظات واغلب المدن مفاجاْة للجميع , حتى اصبح مصير التياراليمينى الدينى الرجعى واستمرارة يصعب التنبؤ بة , وهو مايصيب الاستراتيجية الامريكية فى المنطقة , وكذا امن اسرائيل فى مقتل . وينبئ عن بداية مرحلة جديدة فى نضال الشعوب العربية من اجل الاستقلال الوطنى , فى سياق مرحلة جديدة من الثورة العالمية , وقد بانت بوادرها فى العديد من البلدان الاوربية , اليونان وتركيا والبرتغال واسبانيا وغيرها ووصلت الى وول ستريت بنيويورك .هذا مايخيف الادارة الامريكية من الثورة الشعبية المصرية, تاثيراتها , وزخمها , واستمرارها قرابة ثلاثة سنوات حتى الان , وكيف تمكنت من الاطاحة بثلاث سلطات , واصابت قواعد النظام السياسى الاقتصادى بزلزال عنيف يصعب ترميم نتائجة . ومن جهة اخرى اصاب الطبقات الشعبية بجرثومة الوعى الثورى غير المسبوق من خلال التجربة الثورية العميقة , ونتيجة لانفتاحها على ادوات واليات عصر المعلومات فى اكتساب الوعى والتفاعل معة ونشرة , وخلق اشكال جديدة من التنظيم تضم الالاف الواسعة وسرعان ما تنتقل للملايين . كل ذالك يعكس طبيعة هذا العصر ومدى تطور وسائل المعرفة والعلم والخبرة والعمل , اى تطور قوى الانتاج على المستوى العالمى الذى لم تعد محصورة داخل المراكز الراسمالية المتقدمة كما كان فى السابق . وبهاذا دشنت الثورة المصرية عصرا جديدا من ثورات الكادحين والفقراء حيث تمكننت من استخدام هذة الادوات والاساليب الجديدة فى الوعى والحشد والتنظيم من شل وهزيمة الة الدولة القمعية المتضخمة بشكل استثنائى كما حدث يوم جمعة الغضب 28 يناير , وبخروج الملايين الواسعة فى موجات ثورية متتالية , خاصة موجة 30 /6 الراهنة التى اذهلت العالم بحجم المشاركة فيها وتاثيراتها .
وقد احست القوة الامريكية بكل امكانياتها , وقوة الالة القمعية للنظام المصرى التابع لها بالعجز عن مواجهة مثل تلك الموجات البشرية الثائرة بشكل واسع وغير مسبوق فى العالم كلة برغم محاولاتها المتتالية للتصفية التدريجية العنيفة للثورة . فاصبحت تخشى الدخول فى الحرب الاهلية امام ثورة بهذا الزخم والاتساع والجذرية والتنظيم غير التقليدى فى حركتها وامكانياتها على الاستمرار .
ان اصحاب الايادى المرتعشة والجبناء من منظرى اليسار , والانتهازيين اللبراليين والقوميين الذين يخافون من الثورة اكثر من اعدائها لامور تخص مصالحهم المباشرة , اومدى فهمهم لطبيعة هذة الثورة واشكال واساليب عملها , هم فقط الذين يروجون لتحديد سقف اهداف هذة الثورة فى الحقوق والحريات الديموقراطية ,والاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية للطبقات الشعبية . دون ان يكون للقوى الثورية الحق فى التفكير بالاطاحة بكامل النظام القائم , واحراز الجماهير الثائرة المنتصرة للسلطة الثورية , واقامة دولتها اليموقراطية الشعبية .. فهاذا ترف ذهنى خارج اطار السياق التاريخى لتطور المجتمعات الراسمالية عموما فى هذة اللحظة والمستمرة بالضرورة التاريخية لوقت غير منظور إ إ, ربما عدة قرون إإ, كما يدعى منظرى التبعية الجديدة , المدافعين عن ضرورة استمرار النظام الراسمالى العالمى القائم لانجاز الثورة الاجتماعية الراسمالية على المستوى العالمى . ان اولئك المنظرون الاشاوس الخائفون من الثورة اكثر من خوفهم من النظام القائم يرجون على القوى الثوريةالتعقل وعدم الطمع فى السلطة, فهذة احلام فوق طاقة الثورة , وفوق امكانيات حركة البشرية فى هذة اللحظة من تطورها . وبالطبع هذة خدمة جليلة يقدمها مثل هؤلاء "المنظرون اليساريون" لاعداء الثورة فى بلادنا وللاستعمار العالمى .
ان هذا المشهد المعقد لواقع الثورة الان يطرح علينا ضرورة تفكيكة الى عناصرة الاولية , وفهمة جيدا, وتحديد المهمات الملحة الراهنة , وكيفية تطويرها فى اتجاه الهدف النهائى للثورة نحو الثروة والسلطة . فى الموجة الراهنة من الثورة تمكنت القوى الثورية والشعب من الاطاحة بحكم الاخوان وحلفائهم , ولم تصل هذة المعركة الى نهايتها بعد, ويقف الى جانب الاخوان امريكا , راعيهم الاول , وراعى مجمل النظام الراسمالى القائم , وهم يريدون استمرار الاخوان وحلفائهم كقوى منظمة ومؤثرة فى المشهد السياسى الراهن , يرهبون بهم الثورة من جهة , والقوى الحاكمة من جهة اخرة حتى لاتخرج عن النص تحت ضغط الشعب والقوى الثورية التى بدات تتململ ولن تنتظر كثيرا . والعسكر وحكومتة بين شقى الرحى , يرتعدون خوفا من الامريكان ودعمهم للاخوان بارهابهم البادى فى عديد من المدن والاحياء , ومن قوى الثورة والشعب الذين وظفوا موجتها الثورية فى 30 / 6 للاطاحة بحكم الاخوان . فيصبح على القوى الثورية اذا ان تحدد معركتها الراهنة الان بانهاء وجود الاخوان وحلفائهم سياسيا وفكريا, والاساس المادى لوجودهم التنظيمى فى كافة المجالات . وفى نفس الوقت خوض معركة شرسة ضد الاستعمار الامريكى , العدو الاول للثورة , وانهاء كل مصالحة فى بلادنا , وكل اشكال التبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية لة على ارضنا , ورفض اى قوى سياسية محلية تقف ضد ذلك من داخل النظام او خارجة . وان تعمل القوى الثورية حسابها فى معركتها الراهنة مع الاخوان والتيار الدينى الرجعى انها تواجة قوة ارهابية مسلحة , وان تستعد لذلك بكافة اشكال النضال دون انتظار اى دعم من المؤسسة العسكرية اوالشرطة فى هذة المعركة المصيرية , ويكفى تجربة الاسبوعين الماضيين فى اعلاء حكومة السيسى ـ البرادعى لقضية المصالحة مع قوى الارهاب الاسود فى رابعة والنهضة وغيرها برعاية امريكية ولا قيمة لاى تفويض بهذا الخصوص . الثورة اذا لاتملك الا ان تعتمد على نفسها فى معاركها . وان ضربت احدى قوى النظام فى هذة اللحظة فى نفس الاتجاه , فبة ونعم . . مع تحديد قوى الثورة المضادة الاخرى جيدا وتاجيل المعركة معها الان لحين الانتهاء من المعركة مع التيار اليمينى الدينى فاشى الطابع . وبعدما تنتهى الثورة من معركتها الراهنة . سوف تبدء معركتها النهائية الكبرى والاصعب على السلطة من اجل اقامة جمهورية ديموقراطية شعبية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصب خيام اعتصام دعما لغزة في الجامعات البريطانية لأول مرة


.. -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية إنسانية بعد اجتي




.. مستوطنون يتلفون محتويات شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة


.. الشرطة الألمانية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لغزة بجامعة برلين




.. غوتيريش يحذر من التدعيات الكارثية لأي هجوم عسكري إسرائيلي عل