الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتقوا الله في العراقيين

نجيب المدفعي

2005 / 5 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بدأت مجموعة من عقلاء و وجهاء شريحة من الشعب العراقي بالتحرك بالاتجاه الصحيح و محاولة اللحاق بركب العملية السياسية. و هذه الشريحة الكبيرة من العراقيين كانت قد أقصت نفسها عن العملية السياسية، و ربما تكون قد أُقصيت بسبب اختطاف خطابها السياسي و الديني من قبل جهات لسنا بصدد الحديث عنها.

و ظهرت، في صفوف المجموعة المفاوضة عن هذه الشريحة، شخصية دينية- سياسية. و الرجل عضو في أحدى الهيئات الدينية-السياسية و حاصل على درجة أكاديمية مرموقة. و يبدو أن تغيرا كبيرا قد طرأ على توجهاته السياسية، و هو أمر حسنٌ جدا. و قد كان يطل علينا من خلال المنابر الإعلامية منددا بالعملية السياسية الجارية في العراق، عادّا إياها غير شرعية كونها تجري في ظل الاحتلال. و يذهب إلى أبعد من ذلك فهو لا يعترف بدولة اسمها العراق، ناحيا باللائمة على اتفاقية سايكس- بيكو التي أوجدت هذا الكيان الجيوسياسي.

و من حق الرجل أن يتبنى فكرة ما و يقتنع بها فهو حرٌ في قناعاته و معتقداته، طالما كانت تعتمد مبدأ مقارعة الفكر بالفكر. إلا أنه كان يطرح ما هو أبعد من ذلك فيسوغ ـ مثلا ـ اعتلاء أسطح منازل المواطنين الآمنين و اتخاذها مواقعا لإطلاق النار على القوات الأجنبية، و يعدّه أمرا شرعيا لا ضير فيه حتى و إن جرّ الويلات على أصحاب تلك المنازل.

و مع شدة تطرف طرح الرجل إلا أنه يمكن أن يُعد موقفا يعبر عن وجهة نظر ما. لكن ما يثير الانتباه هو انقلابه في توجهاته بمقدار 180 درجة و توجهه للمشاركة في العملية السياسية الجارية. و مرة أخرى هو أمر ممتاز ينمّ ُ عن إعادة نظر و تبصر و محاسبة للنفس و تصحيح ما يُعتقد أنه خطأ.

المهم في كل ما تقدم هو الخطاب المتشنج الذي كان يستخدمه الرجل في عرض أفكاره، و الذي لا أستبعد أنه، أي الخطاب، قد حرّض الكثيرين و استفزهم لحمل السلاح و الانخراط في العمليات المسلحة. و بعد أن تورط هؤلاء في خط لا يمكنهم التراجع عنه، و لأسباب معروفة، و تلطخت أيدي الكثير منهم بدماء أبناء شعبهم، يطل علينا هذا الرجل في عداد وفد المفاوضين. فما ذنب (ولد الخايبات) الذين يُقتلون أو أولئك الذين يورطون في عمليات قتل الناس تحت مُسمى الجهاد.

و السؤال: هل هو شخص مدفوع للقيام بذلك؟ لا نريد ان نتهمه، فما يزكي النفوس إلا الله. و لكن يجب أن نأخذ العبرة و الدرس من تقلب المواقف هذا. فأولا على المتصدين للعمل السياسي و الديني أن لا يزينوا للناس مسألة القتل و الذبح، خاصة و أنها قضية يحرّمها الإسلام و كل القيم السماوية و الوضعية، و هم في غدٍ يقفون بين يدي الله الذي حرّم قتل النفس. كما يتوجب عليهم عدم استخدام الخطاب المتشنج في المنابر الإعلامية، و أن يشجبوا عمليات القتل و استباحة الدم تحت أية ذريعة، و عدم الإيحاء بوجود استثناءات.

كما يجب عدم استخدام مفهوم الخنادق و التخندق و ما إلى ذلك. و إن كانت هناك خنادق ـ حسب رأيهم ـ فليخرجوا من خنادقهم و يدخلوا خنادق الطرف الآخر كضيوف و محاورين أو دعوتهم للخروج من خنادقهم إلى أرض مشتركة تـُبنى عليها أسس المشاركة في الوطن، فالبركة في الحركة.

عبرة و درس أخر على الناس أن تعيه، يقول أن ليس كل خطيب مفوّه، عذب المنطق، هو على حق و يجب تمحيص القول و فهم دوافعه. فمن يدعو إلى ـ أو يلمّح بجواز ـ إيذاء العراق و العراقيين، إما أن يكون مأجورا أو أحمق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحت غطاءِ نيرانٍ كثيفةٍ من الجو والبر الجيش الإسرائيلي يدخل


.. عبد اللهيان: إيران عازمة على تعميق التفاهم بين دول المنطقة




.. ما الذي يُخطط له حسن نصر الله؟ ولماذا لم يعد الورقة الرابحة


.. تشكيل حكومي جديد في الكويت يعقب حل مجلس الأمة وتعليق عدد من




.. النجمان فابريغاس وهنري يقودان فريق كومو الإيطالي للصعود إلى