الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلاسل الغفران

يوسف الأخضر

2013 / 8 / 11
الادب والفن


باسم الطبيعة و رحمتها، و قسوتها و جمالها، ثم إن لنا مرجاها و إليها نطلب مثوانا، إن ما بعد أوزارها روضة خضراء، و ماء عذب و شجر و أم عذراء، آتاها آدم من بعد الخلق فسميت بالخطإ حواء، من ذا الذي سماها قبل اكتشاف الأسماء، إن هو الله فقد دنى بعد الاعتلاء، و إن هو آدم فقد علا في لحظة اكتئاب، لأن بالأسماء الأولى انكشفت كل الأسماء، فضاعت تارة في غب الهديان، و انتصرت تارة أخرى حتى الجنون على ما عرفت عليه الأشياء. أعوذ بعدالة السماء من بعض خلقها، من أوزار من تكلس بداخله هوس الحقد رغم حمضية قطرات مطرها، أترغب الحياة فينا أم نحن من نشتاق لهمسات نسيمها؟ أهو الخلق من يحبها أم هى الأم التي تحبنا سرا و علنا في كل ارتواء بمطر سمائها؟ إن لمن بعض نذرها جفاف الواحة الخضراء، و انقضاء موسم الشتاء و الارتواء، إنه غضبها على الخلق بعد كل انحدار، لأن الخلق ما خلق إلا للاعتلاء، هو مسعدها و نفَس كل ارتقاء، فقد مات من مات بداخله معنى الحياة، الجُبَّأُ منا من ضاع في وهن التقدير و المَلال، والشجاع من اتخذ المُنْتَصَى حَكَما وهو الرجل ذُو العزيمَة و المَضَاء.

تسلل النسيم و انسلّ، على بساط الروضة انجلى العشب وابتلّ، ترنح الشجر وهلات موصولة ثم استقرّ، وسط الخَضِر مياه عِذَابٌ وعلى الروابي طفا الغزال وانشرح، إن بعد الهدوء غضب فوَجَل، ثم يأتي الربيع بالروابي طيبةً ورَغَد. على غصن شجرة الاختبار يربض ثعبان، فلجمال الروضة وخضرتها ضرب من الخداع، وإلا لما كان للجمال تقدير و اعتبار، فليس للربيع نسيمه لو لم يوجد الشتاء.

فأي اندهاش على المحيَّى إن هي تغربت باغترابكم عنها، لن يعتمر عليها زرع ولا نسل إلاّ ما تفرد بكماله منها، يومذاك تغزو الدهشة و تثور، تسابقوا حتى الوهن و ما ملوا وما تسلل لنفوسهم كلل أو فتور، فأي انفعال يؤازر مستلبهم إن هي غامرت بكم حد جنون في غرة انفعال، أكيد لن يشهد بالشيء بعدئذ إلا الاَّشيء العدمي السابق لأول بدايات كل مقياس، في البدء كانت في وحشة غارقة، يكسوها ذخان من نار حامية، فلا مراء في ما تبقى من توحش و بدايات تائهة، بلى إن التيه ماضي الوجود و غيره حدائق خالدة، فلا الروابي على خضرتها باقية، ولا المياه العذاب و لا الظلال ولا الرمال ثابتة، فابعث يا إنس عبر الأثير موجة فريدة لقصة حبك الأخيرة، وانسلخ بعجالة الثائب عن نومك الآسن الثقيل، دع عنك ما يبطل انتمائك للمملكة العظيمة، فعسى منها بعض من صبر حكيم، و عطف مديد، ثم نذير خفيف خفة ريشة تهادت حتى التعب فتحملها الهواء بقية الطريق. إن في الاختيار محبة و احتمال يغني الوجود لا محالة، و الحكمة كيف انتهى بصدق كل اختيار ولكل في الأخير تقدير و مكانة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب