الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سفر ومحطات / عرض

كاظم محمد

2005 / 5 / 13
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


( سفر ومحطات )
عرض
كاظم محمد
صدر عن دار الكنوز مؤخرآ كتاب جديد بعنوان ( سفر ومحطات ، الحزب الشيوعي العراقي رؤية من الداخل ) لكاتبه الاستاذ شوكت خزندار.
لم يأتي كتاب ( سفر ومحطات ) بمعزل عن الظروف المعقدة والتطورات التي شهدتها ساحتنا السياسية العراقية خلال السنوات الاخيرة والانقلابات التي حدثت في مواقف العديد من القوى من مسألة الديمقراطية والاستبداد والاستعانة بالعامل الخارجي على حساب مصالح الوطن ووجوده ، وكانت قيادة الحزب الشيوعي واحدة من هذه القوى التي إرتضت لنفسها التعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة في مشروعها الاستعماري الجديد .
كما يبدو حُكم على شعبنا ، وعبر مسيرة تاريخية طويلة ، أن يقارع الظلم والاستعمار والاستبداد والدكتاتورية والاحتلال ، وليتحمل بنفس الوقت نتائج سياسات قيادات ادواته النضالية ، بأيجابياتها وعثراتها وكبواتها وأرتداداتها .
وفي ظل مناخ تأريخي متميز ، برزت من أوساط شعبنا الكادحة والعاملة والمثقفة ، قادة نضال ميدانيين وقادة سياسيين واكبوا حركة الشعب النضالية وحسوا نبضه واستشرقوا به افاق العمل السياسي والاجتماعي والتنظيمي ، كان هؤلاء فاعلين في الحركة الشعبية والحزبية ومؤثرين في احداثها العامة والجزئية ، وكانوا بنفس الوقت عنصرآ مهمآ في حركة الصراع الفكري والتنظيمي الداخلي لأطر ادوات النضال الوطني والديمقراطي .
أن حجم ودور هؤلاء القادة الميدانيين أو السياسيين في الصراع الداخلي وبعيدآ عن التزكية والأدانة ، يحملهم مسؤوليةً أخلاقية وسياسية امام رفاق نضالهم وشعبهم ، في تناول مسارات العمل الداخلي ومحطاته وترسيم النقاط على خارطته الفكرية والسياسية ، حيث تمكن القارئ العادي والسياسي في فهم وتحديد الدور الفردي لشخوص عرفها الجمهور الحزبي والشعبي بأسهاماتها النضالية الواسعة وتضحياتهم الكبيرة ، وشخوص ظللَّ العمل السري قدراتهم وممارساتهم وذاتيتهم ، وسُبغتْ عليهم هالةً من الفطحلة الفكرية والثقل الثقافي والبطولة الزائفة . وعليه فأن من حق كل المناضلين ، بل من واجب العديد منهم تسجيل تجاربهم الكفاحية والحزبية ، لتوثق وتؤرخ لنضال شعبنا ومقارعته للظلم والأستبداد ، ولتكن خبرةً مكتنزة للأجيال المناضلة القادمة في حلبة كفاحها المتغيرة بظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولترسخ بنفس الوقت طبيعة الهوية الوطنية للنضال وأرتباطه بالديمقراطية كهدف لاغنى عنه .
لقد كتبت العديد من الشخصيات القيادية السابقة للحزب الشيوعي مذكراتها الخاصة ، والتي عكست بشكل واضح أمتدادات الصراعات الفكرية والمواقف السياسية بين تيارات الحزب الشيوعي خلال فترات تأريخية ولحد الان ، أضافة إلى السمة العامة لأغلبها بالسرد التأريخي للأحداث السياسية وتسطيرها ، متلازمةً مع الطابع الوصفي لكاتب المذكرات حولها والدور العام للحزب فيها ، دون الولوج في الخلفية الأجتماعية والأقتصادية لهذه الأحداث وارتباطها بأوضاع الحزب الداخلية سلبآ او ايجابآ .
لقد أغفل العديد من الذين كتبوا مذكراتهم عمدآ ، الولوج في الكبوات والأنتكاسات في حياة الحزب الداخلية ، وتناول الصراعات وخلفياتها الفكرية والسياسية ، اضافة إلى التخطي المقصود لدور الأفراد والقيادات فيها ومسؤولياتهم الشخصية تجاهها ، والتي لعبت دورآ أساسيآ في تفشي الأنتهازية وسيادة القمع الفكري واساليب الأرهاب المخابراتي داخل الأطر التنظيمية ، وهو ما مهد الطريق لتصفية الحزب الشيوعي والتخلص من المئات من الكوادر الشيوعية الوطنية وابتعاد الاف الشيوعيين عن نهج فكري وسياسي ، نلمس ونرى ونعايش نتائجه الكارثية على الحركة الشيوعية العراقية ، حيث تعيش هذه الحركة أتعس أيامها ، بمجاميع وتيارات وكتل مبعثرة ، وسياسيآ وصلت قيادة الحزب لحد السقوط في مستنقع التصالح مع هرم الرأسمالية العالمية وأمبرياليتها الفاشية ، وأعتبارها محررةً لشعب العراق .
ندرت تلك الكتابات ( المذكرات ) التي تربط بشكل موضوعي وعضوي بين المعايشة الفردية للاحداث والفعل فيها ورصد خلفياتها وافاقها المستقبلية ، وابراز نشاط الفرد والمجموع وحركة الصراع واتجاهاته ضمن مبادئ العمل والياته المفترضة ، وبهذا الصدد لابد من الأشارة إلى مذكرات الأستاذ باقر ابراهيم العضو القيادي المعروف في الحزب الشيوعي العراقي سابقآ ، بأنها كانت واضحة في جمعها بين المذكرات الشخصية وفعلها داخل هذا الأطار التنظيمي واتجاهات سياسته وبظروف مختلفة ، حيث لامست وبشكل واضح طبيعة الصراعات الداخلية داخل الحزب وأفرازاتها ونتائجها وتبلور التيارات الفكرية ومواقفها من الاحداث السياسية وبصماتها عليها .
تكتسب مذكرات الأستاذ شوكت خزندار ( سفر ومحطات ) أهمية خاصة ، كونه أحد المناضلين الأكراد الذين اعتنقوا الشيوعية وأصبحت بالنسبة له نبراسآ للوحدة الوطنية ووحدة حركتها المكافحة ضد الظلم والأستبداد ، والمعبر عن اماني وتطلعات شعبنا الكردي في حقوقه القومية . لقد سجل الكتاب السيرة النضالية لكاتبه لفترة امتدت لخمسين عامآ ، عاصر خلالها الكاتب أحداث وحركة الحزب الداخلية ، وشهد تقلبات وتغيرات الوضع السياسي وانكساراته ، وكان مساهمآ في الكثير منها .
من خلال المطالعة الأولية للكتاب يلاحظ القارئ الأحداث والتفصيلات والأسماء الكثيرة والتي تتعلق بتناول الكاتب لحياة الحزب الداخلية ، وخاصةً في أطره القيادية ، وطريقة واسلوب العمل فيها وطبيعة الاليات المستخدمة ، وفي ظروف سياسية مختلفة ، حفلت بتغيرات ومنعطفات هامة وخطيرة في تاريخ العراق السياسي ، لقد تناول الكاتب وابرز اساليب العمل والياته في قيادة الحزب ، وبعيدآ عن دستور الحزب ومبادئ العمل الداخلي مما اشاع الاجواء غير الصحية والغريبة داخل التنظيم الحزبي ، وتعمقها لتؤثر على نهج الحزب وخطه السياسي الوطني ، ولتؤدي إلى انتكاساتٍ سياسية ، لم تكن بعيدةً عن وضعٍ فكري متردي وضعف قيادي خضع لمرحلة سادت فيها التبعية والتمجيد للحزب الشيوعي السوفيتي من قبل شيوعي العالم الثالث خاصةً .
ان تناول الكتاب للكثير من الشخصيات القيادية ودورها ومسؤوليتها الفردية والجماعية في ما ال إليه وضع الحزب ، وخاصة في بدايات الخمسينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا ، يعطي الأمكانية لأستشفاف طبيعة الشخوص القيادية وخلفياتها الأجتماعية والفكرية ، وانعكاس هذه الخلفية وتشابكها مع العمل الحزبي والسياسي القيادي ، لتشكل نهجآ عند البعض فرديآ أو جماعيآ ، أثر وقاد مسيرة الحزب لصراعاتٍ داخلية ، حُسمت في فتراتٍ مختلفة بأشكال وأساليب غريبة وبعيدة عن مبادئ العمل الحزبي ، ولتؤسس لسيادة نهج قمعي في الممارسة والسلوك السياسي .
حاول الكاتب أبراز هذا النهج عبر تركيزه على الأساليب المخابراتية والأمنية التي أستخدمت لأشاعة جوآ من الأرهاب الداخلي ، الذي قمع المعالجات الفكرية والسياسية لقادة بارزين ولمئات من الكوادر والأعضاء ، والتي انتهت بهم إلى العزل والتجميد والطرد من التنظيم ، عدا مئات المستقيلين الذين فقدوا الأمل في التغيير .
يستطيع القارئ التمييز بين تناول الكاتب للقيادات الحزبية وبين الجمهرة الواسعة من الشيوعيين الذين لعب الكثير منهم دور القادة الميدانيين في ساحات الكفاح الجماهيري ، ودورآ مهمآ في التنبه لطبيعة الصراعات الداخلية وتياراتها الفكرية ، يمينيةً أو يسارية ، وافرازاتها ونتائجها السلبية على النهج الوطني والاجتماعي لعموم حركة الحزب السياسية .
ان ما يلاحظه القارئ ، هو أن الغائب الأكبر في هذه المؤسسة الحزبية هي الديمقراطية ، يستنتج المرء ضعف ديمقراطية الفكر وانعدام ديمقراطية الممارسة ( عدا اشكالها التزويقية والمزيفة ) ، وهذا هو الداء للكثير من حركاتنا السياسية العربية ، والتي تدعي النضال من اجل الديمقراطية والتعددية ، لقد وفق الكاتب بألحاقه المقالة التحليلية ( التحول في الحزب الشيوعي العراقي ردة شاملة أم زلة عابرة ؟ ) للاستاذ باقر ابراهيم احد قيادي الحزب السابقين ، والذي لعب دورآ في محاولة وقف التردي .
رغم البساطة اللغوية والتلقائية ، فأن الأحساس بالفضول في مطالعة الكتاب ، ومتابعة التفاصيل الكثيرة والواسعة الواردة فيه ، يضفي على الكتاب نكهة خاصة لمسيرة نضالية شخصية لصيقة بكفاح حركة سياسية كان يشار لها وطنيآ وعربيآ.
وأيضآ فأن الشعور بالمرارة لا يغيب عن قارئه ، خاصة لمن واكب او عايش هذه الفترة التاريخية من عمر العراق السياسي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا