الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوريون بانتظار رامبو

حسين القطبي

2013 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


ركام من اتربه وحجارة تشبه قرية النمرود الاثرية قرب الموصل، هكذا تشير الصور الى ازقة حلب القديمة، ولم يعد هنالك فرق بين حمص والبلدات النائية في اطراف افغانستان، فمن هنا مر نفس الزائرون... قوى الاسلام السياسي، عندما تستلم السلاح، تحيل المكان الى اطلال خلال شهور.

وليت الدمار هذا اختص بهد الاماكن فقط، المباني والبيوت، اي جهاد ضد الحجر، بل تعدى الى قتل شامل، الى جهاد ضد البشر، يكفي ان يغضب احدهم على رجل من بلدة معينة، او قومية ما، فيقررون قتل المئات من الناس من تلك البلدة، او القومية، دون اي رابط لهم بذلك المغضوب عليه، من قريب ولا من بعيد.

وجبهة النصرة الاسلامية السورية اليوم تمارس الجهادين، ضد الحجر وضد البشر. تضرب وعيونها معصبة، دون تمييز بين القوات الحكومية، او فصيل من ضحاياها، بل تخصصت مؤخرا بالقتال ضد مجموعة كردية في مدن معينة، وكأنها نالت من الاله شهادة تخصص.

ولحد هنا فالامر رغم غرابته يعتبر معقولا في ظل اجواء الاحتراب الداخلي، اي ان تتناسى اسباب اشتراكها في القتال ضد السلطة (الجهاد) وتتخصص بقتال مجموعة عسكرية اخرى، حتى وان لم تكن لها معها عداء مسبق.

ولكن اقامة حفلات اعدام جماعي للعوائل على اساس انحدارها القومي، كما حصل في قرى تل عرن، تل حاصل، في ارياف حلب، الرقة والحسكة فتلك الجرائم جرس انذار يشير الى ان الصراع قد دخل مرحلة جديدة، اكثر خطورة من ان يستمر العالم بصمته، لها تبعات لا يمكن التغاضي عنها، ويكفي ان نتساءل هنا، ماذا لو قامت مجموعة كردية متطرفة باعدام عوائل عربية في قرى اخرى كانتقام مثلا؟

احدى اعراس الدم التي قامت بها "النصرة" ودولة العراق والشام "الاسلامية" هي مجزرة "تل ابيض"، اذ جمعت من ابناء هذه البلدة المنكوبة اكثر من 450 مدني بينهم 120 طفل، والباقين من النساء والشيوخ الذين لم يستطيعوا حمل السلاح، قتلتهم جميعا تحت هتافات "الله واكبر"، ولم تذكر سببا اكثر منطقية من "انهم اكراد"، والنصرة في حالة "جهاد" ضد حزب كردي في مدينة اخرى!

فـ "الاسلام" السياسي لا يعترف بالمبدأ الاسلامي "ولا تزر وازرة وزر اخرى"، بل يشرًعون حسب منطق البداوة الجاهلية كما كان الاسلاف يصنفون البشر، ويحملونهم وزر الجرائم على اساس انحدارهم القبلي.

من الجانب الاخر، ولحسن الحظ، ان القوى الكردية تلك لم تكن دينية، بل كانت تيارات سياسية مدنية، تؤمن بموازين العدالة المدنية وليست الدينية، فلم تنجر لردود افعال مشابهه في حينها.

احتجاز المدنيين كرهائن، واعدامهم بهذه الطريقة قد ينتشر الى مناطق سورية اخرى، تعاني من نعرات اخرى، دينية او طائفية او مناطقية، تنتشر على كل مساحة البلد. واذا وجد العالم نفسه متفرجا لعامين ازاء دمار المدن، كتحويل المباني الى اتربة، والاحياء العامرة الى اطلال، فان العالم، وبالخصوص دول الجوار، لا يستطيع ان يستمر بالتغاضي "يدي الطناش" ازاء قتل المواطنين هكذا، العالم امام مسؤولية تاريخية واخلاقية بان لا يساوي بين اضرار "الاسلاميين" في الجهاد ضد الحجر، مع جرائمهم في الجهاد ضد البشر.

فاجأتني دعوة البارزاني، رغم كونها متأخرة، لارسال قوات لحماية المدنيين الكرد في المناطق المنكوبة، لجرأتها، ولكن ما فاجأني اكثر هو استمرار ذلك الصمت في دول الاقليم المحاذية والعالم، وكأن ما يحدث في سوريا هو فيلم رعب من كوكب اخر، يتابعه العالم وهو في حالة شرود ذهني مصطنع.

فالرامبو الامريكي، الذي عودنا على "التدخل السريع" في المناطق الملتهبة، من البوسنة وكوسوفو الى العراق وافغانستان، مايزال في انزوائه، كطفل منشغل بلعبة الكترونية، والحكومات الدينية في السعودية، تركيا وايران ماتزال صائمة، ودول اوربا المتحضرة نائمة.

فهل يستفيق العالم على وقع الحصاة التي رماها البارزاني في البركة السورية؟ سواء بارسال قوات حفظ امن مشتركة، او تشكيل حواجز بين "المتجاهدين" ليس في مناطق كردستان فقط، وانما في عموم سوريا؟ ام يظل السوريون بانتظار ان يستفيق رامبو؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأجهزة الاستخباراتية الأميركية تحذّر من تهديدات خارجية في ا


.. مناظرتان بين ترامب وبايدن في يونيو وسبتمبر | #أميركا_اليوم




.. أردوغان يتحدث عن أطماع إسرائيلية في الأناضول ويجدد دعمه لحرك


.. كتائب القسام تعلن قتل اثني عشر جنديا في عملية مركبة شمال الق




.. متظاهرون في أستراليا يحيون الذكرى 76 للنكبة الفلسطينية