الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الى الشقيري: أخبرتني عنهم.. فدعني أخبرك عنا!

ليلى مختار منو

2013 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


أتعلم يا أحمد ماذا كان رد فعلهم عندما أطلعتهم على خواطرك؟

- لأجل ذلك أتمنى ان اكون يابانيا..
- لأجل ذلك أحلم بالجنسية النرويجية..
- لأجل ذلك أطمح الى الهجرة الى تلك البلاد...

.. ولأجل كل ذلك يا أحمد لم تتقدم بلدانهم.. فلا أحد منهم يدرك أنه جزء من المشكلة.. لا أحد منهم يفهم أنه ايضا مسؤول عن ايجاد حل للمشكلة...

أرأيت من ينظر لأمه فيجدها واهنة مريضة، فيقرر انها لم تعد تصلح لشيء، فيجمع حقائبه ويهاجر ويتركها؟..
أفتنتظر من مثل هذا خيرا؟
كيف لم يفكر في محاولة معرفة دائها؟ كيف لم يفكر في البحث عن دواء لها؟...

حقا.. لماذا روابطنا بأوطاننا ضعيفة هكذا؟ لماذا لسان حال الواحد منا "بلادي -فقط- ان جادت علي عزيزة" ؟

ما رأيك في لعبة بسيطة؟ اقترح على اي شخص ان يغمض عينيه واتلُ عليه أسماء الدول العربية.. واطلب منه ان يخبرك بأول ما يتبادر الى ذهنه عندما يسمع الاسم.. برأيك ما هو احتمال ألا يكون ما تبادر الى ذهنه هي صورة واسم قائد البلد؟!

.. وبهذا قُتلت الوطنية فينا لأجيال وأجيال.. نحن بالكاد نستطيع التفكير في الوطن بمعزل عن قائده الأعلى.. وعندما نبغض ذلك القائد وزبانيته لا نملك الا ان نلحق الوطن به.. حتى يصبح من يسرق ويختلس ويرشي ويفسد... يتوهم انه يسرق من خزنة حاكمه واتباعه!.. لا أبالغ.. لقد سمعت أمثال هاته العبارات كثيرا في بلدي
"وان يكن؟ اليس من أموال المخزن فقط؟ يستحقون هم أيضا يسرقوننا عبر الضرائب وغيرها !"

كيف ستقنع أمثال هؤلاء أن ما يسرقون هي نفسها اموالهم؟ كيف ستقنعهم بذلك وهم يرون المسؤولين يسرقون جهارا دون أدنى محاسبة؟ كيف ستقنعهم ودولتهم ليست دولة مؤسسات اللهم الا بعض السلطات الشكلية التي لقائدهم الأعلى - لا لهم- كامل الحق في تغييرها/الغائها/حلها في اي لحظة؟...

-2-

هنا ظهر الدور الحقيقي للربيع العربي.. لقد أسقط مفهوم "القائد الأوحد".. وأزاح رواسب سنين القهر والظلم وانتهاك الكرامة... عن وطنية بتنا نشك في امكانية وجودها.. وطنية من بذلوا دماءهم وأرواحهم في سبيل الوطن..

وكتحصيل حاصل أُجريت انتخابات شفافة، كانت نتيجتها صعود الاسلاميين للحكم كما حصل في مصر وتونس والمغرب وليبيا.. وكأن ملاحم الحركات الاسلامية مع الطغاة كانت شفيعا لها عند الشعوب وأكسبتها تعاطفهم..

طبعا يصعب على المرء أن ينكر ان الاسلاميين على اختلاف تجاربهم فشلوا في الحكم، اذ ظلوا أسرى تلك النظرة الهلامية للدولة الاسلامية.. ناهيك عن عدم اشراكهم للقوى الثورية رغم أهمية دورها.. اضافة الى انشغالها بالحرب مع المعارضة بدل توحيد جهودها معها ضد الخصم الحقيقي وهو بقايا النظام البائد..
على الأقل في تونس ومصر لم تطل فترة الثورة بما يكفي لتشكل مليشيات مسلحة وهو الأمر الذي تعاني منه ليبيا واليمن وستعاني منه سوريا بعد سقوط نظام السفاح..

وانما هذا جرد لأبرز الأخطاء المشتركة (حسب رأيي الشخصي) بين اسلاميي دول الربيع العربي دون ذكر الأخطاء التي تميزت بها كل تجربة على حدة، والتي سيطول فيها التفصيل..

لكن فشلهم هذا في بعض جزئياته مبرر.. فالمرحلة التي صعدوا فيها للحكم كانت مرحلة انتقالية تتضمن تحديات كبيرة كانت لتُعجز اي قوى سياسية أيا كانت طبيعتها او توجهاتها اذا ما قدّر لها الصعود للحكم في ظلها..

حسنا.. ان كان للاسلاميين أسباب فشل ذاتية ترجع لهم.. وأسباب طبيعية فرضتها طبيعة المرحلة.. ألا نستطيع القول أيضا أن هناك أسبابا خارجية تستهدف افشال تجربتهم؟

شخصيا لطالما تجنبت الحديث عما يشير او يؤول في معناه الى نظرية المؤامرة ليس انكارا مني لها بل خوفا من ان يتطور الأمر معي الى هوس مرضي على غرار الكثيرين في عالمنا العربي.. لكن اذا استطعنا اعتبار أن هذا المصطلح يحيل - بكل بساطة- الى تحليل حدث سياسي معين بنسبته لأطراف لا يظهر لها دور في الحدث السياسي.. فأعتقد وقتها لن يكون الأمر أكثر من اعتراف عقلاني بما يؤيده الواقع من مصالح متقاطعة واهداف مشتركة..

حسنا.. السؤال الآن "من المستهدف فعليا؟ الثورات ام الاسلاميين؟"

بخصوص صعود الاسلاميين للحكم.. ألم نتعود أن فوز الاسلاميين في الدول العربية يقابل اما بالحصار وتضييق الخناق كما حصل في السودان.. أو بعزله كما حصل مع حماس في فلسطين.. او بالانقلاب عليه كما حصل مع جبهة الانقاذ بالجزائر ومع الاخوان في مصر؟... لن أجزم بشيء في هذا الخصوص.. لكنها دعوة للتفكر..

وربما هي فرصة للاشارة ان حكم الاسلاميين او الاسلام السياسي مرفوض حتى من الاتحاد الأوربي حتى وان ثبتت سلميته واعتداله ! فالإسلام السياسي حسب المادة الثانية من قرار المجلس البرلماني الأوروبي للعام 2010 هو "تصور للإسلام ليس فقط (كدين) وإنما كمنهج سلوك اجتماعي وقانوني وسياسي. الإسلام السياسي يمكن أن يكون عنيفا أو مسالما ومعتدلا، ولكنه على أي حال لا يعترف بالفصل بين الدين والدولة الذي يعد أساس المجتمعات الديمقراطية التعددية".

لكن ما الذي يجعل السعودية والامارات تتورطان وتصرفان كل تلك الأموال؟ أهو الخوف من انتشار الفكر الاخواني؟ أم ان نجاح التجربة الاسلامية/ الديمقراطية يهدد عروشهم؟ أم أن كل ما يهمهم هو وأد الفكر الثوري مخافة اصابة شعوبهما بعدواه.. وهو الأمر الذي لا يتأتى الا بافشال اي تجربة ثورية ناجحة؟

على ذكر افشال الثورات، هل يبدو طبيعيا ان تتزامن الأحداث بمصر مع اغتيال المعارض البراهمي في الوقت الذي كانت تعتزم فيه الحكومة التونسية الاعلان عن معلومات جديدة بخصوص قاتلي المعارض بلعيد وما تلى ذلك من تصعيد واحتجاجات... وما واكب ذلك من استدراج للجيش هناك بعد أن كان حياده من اكثر ما ميز التجربة التونسية..؟ ناهيك عما يُحاك ضد اليمن الذي لم يشفع له قيامه بـ"ـثورة الا ربع" ليكون بمنأى عن تآمرات خلية الخليج..

لا أدري هل يصح مصطلح "إفشال" في حق ثورات قد تمت واكتملت؟ فلعل الأرجح أن نقول "تشويه" الثورات وهذا بالضبط ما تخضع له ثورة 25 يناير.. فبعد أن كانت أصوات الناعقين المشككين فيها خجولة ولا تكاد تُذكر، تنامت اليوم جرأة غير طبيعية في التهجم على ثورة 25 يناير.. فبين معتبرها "نكسة" وبين معتبرها مؤامرة مشتركة بين الاخوان وحزب الله وحماس.. يتم نسب كل الجرائم منذ أول يوم في الثورة الى يومنا هذا للاخوان..

قد يبدو الأمر مجرد تعبير عن الرأي من أشخاص متطرفين.. لكن عند رؤية تمثلات ذلك على ارض الواقع يُتأكد أنها عملية منظمة تهدف بالتدريج الى تبرئة ساحة النظام القديم من كل الجرائم.. لذلك لا يبدو غريبا أن يتصادف كل ذلك مع تبرئة المحاكم لبعض ضباط أمن الدولة !

باختصار ان عودة رجال النظام البائد يبقى سيناريو واردا وممكنا في كل بلدان الثورات.. ولنا في النموذج الروماني اسوة سيئة.. لذلك لن يملوا من المحاولة ولو تطلب نجاح الأمر سنوات..

-3-

لكنني أؤمن بان في الأمة خيرا.. وبأن بأمثالك وبكل هؤلاء الشباب المبدعين الذين وُلدوا من رحم الثورة.. سننهض من جديد..

فكما كانت الثورة فرصة لاسقاط أنظمة دكتاتورية، فقد كانت أيضا فرصة لاسقاط كثيرين من اعيننا أبرزهم علماء امتنا.. وكأنها هبة من الرحمان لنميز الخبيث من الطيب ولنتعرف طريقنا ومنهجنا جيدا.. ولعل الوقت قد حان لندرك ضرورة التفكير في صيغة تغيير جديدة بعد الجهاد/الارهاب المنظم والثورة.. تتجاوز أن تكون ردة فعل يتم تطويعها جبرا تبعا لمسار الأحداث ولأهواء مختلف الأطراف...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توارد خواطر
موري اتوربيي ( 2013 / 8 / 13 - 11:20 )
. نفس خواطر الكاتبة تخطر لي عند مشاهدة برنامج خواطر مع فارق ان النقد يجب ان يبدأ بالإسلام لأن لدي قناعة شديدة بأن كل مصائب ومآسي الأمة سببها الوحيد هو الإسلام. فلماذا يهاجر الشقيري إلى الغرب ليرينا إنجازاتهم. ألم يكن الأحرى به وبأمثاله ان يكشفوا مواضع فشلنا الناجمة عن الاسلام تحديدا. ففي اليابان لايتعالجون بابوال الابل كما لايوجد جهاد نكاح في بلجيكا ولازواج صغيرات في السويد و الرئيس أوباما ليس ملك يمين للامريكان. كما لاتوجد امة غربية مهما فسدت اخلاقها تشرع رضاع الكبير كما مشرع وموثق في السنة النبوية... في الغرب هناك تبني للاطفال لا اأطفال شوارع بالملايين فلم يأت نبي من أنبيائهم بألغاء التبني كي يتزوج زوجة إبنه بالتبني. فمتى ياترى يتحقق حلمي هذا وتصحو أمتنا المغيبة من سباتها المشين؟

اخر الافلام

.. جمال نزال: وجود السلطة في غزة رهن بحل شامل يتضمن انسحاب إسرا


.. نهضة بركان يستقبل الزمالك في مهمة رد الاعتبار | #هجمة_مرتدة




.. جامعة سيول تضم صوتها للحراك الطلابي العالمي المتضامن مع فلسط


.. استشهاد رضيع وأمه جراء قصف إسرائيلي على منزل بمدينة غزة




.. مراسل الجزيرة: مستوطنون إسرائيليون يحرقون منزلا لعائلة الدوا