الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات في الحالة الفلسطينية... (الجزء الثاني)

وسام الفقعاوي

2013 / 8 / 13
القضية الفلسطينية


بقلم: وسام الفقعاوي.
سؤال الوعي:
قراءة لوحة الصراع بشكل جيد تفتح الباب واسعاً أمام سؤال الوعي، فهل استطعنا أن نصل إلى درجة كافية من وعي لوحة الصراع المبنية على وعي الآخر انطلاقا من وعي الذات؟.
فإذا كانت الإجابة.. بنعم...، فلماذا هذه الهوة السحيقة بين ما قُدم من تضحيات غزيرة وعزيزة وبين ما حقق واقعاً، وإذا كانت الإجابة.. لا...، فما هو المطلوب لجسر هذه الهوة السحيقة؟.
إن مفتاح هذا الباب، يستدعي أن نعمل من أجل امتلاك الوعي بتاريخنا العربي عموماً والفلسطيني منه خصوصاً. الوعي بالواقع المعاش وتفاصيله (اقتصادياً – اجتماعياً – سياسياً – ثقافياً – تعليمياً – صحياً...الخ)، الذي يمكن أن يُختصر بسؤال "من نحن"؟!
الوعي بالعدو الذي نُواجهه، تاريخاً وحاضراَ (منطلقات وأسس وبنية ووظيفة وإمكانات ودور)، الذي يمكن أن يُختصر بسؤال "من هم"؟!.
الوعي بالحلقات/الدوائر المرتبطة بالصراع ودور كل منها، وأين تقف؟! وفي خدمة من تصب؟! وإلى ماذا تَرمي؟! أو بمعنى أدق إعادة الفرز الصحيح لجبهتي "الأعداء والأصدقاء".
الوعي الذي يَشغِلُنَا بالمستقبل، دون أن يَحكُمنا الماضي، ويبدد قوانا ويستهلكنا الحاضر. وَيَحضُرَني الكاتب والأديب الفرنسي المبدع "فيكتور هوجو" حين يقول: "للمستقبل أسماء كثيرة، بالنسبة للضعيف هو ليس في متناول اليد، وبالنسبة للخائف هو مجهول، وبالنسبة للجريء هو فرصة".
ذلك الوعي الذي لن يكون حقيقياً/معرفياً إن لم يكن نقدياً، ولن يكون معرفياً إن لم يكن مرجعه (كِتَاب) وليس شذرات متفرقة من هنا وهناك.
فكما يقول الكاتب اللبناني د. جان الشيخ "لا يَكتُب التاريخ إلا قادر على قراءته، من هذا الواقع الذي يتكشّف منه لعين الفكر الثوري النافذ في الأحداث إلى عقل الأحداث". ويؤكد بحق "إن الوعي ضرورة لنجاح الثورة، والوعي ضرورة حتى تكون الأهداف شعبية، والوعي هدف نجاح المعركة التغييرية الحقيقية، والثورة بدون وعي فوضى، والشباب بدون وعي لا يمكن أن يكون ثورياً". هنا تتجلى نقطة التقاء المفكرين الماركسيين الإيطالي أنطونيو غرامشي واللبناني مهدي عامل "إما أن يكون المثقف ثورياً أو لا يكون". وهنا يحددا بالضبط أيضاً نقطة الافتراق بين المُثَقَف التقليدي الذي هو ليس أكثر من مجرد مُتحذلق ومُدعي معرفة وعارض لبضاعة من خلال اختصار علاقته بمجتمعه إلى مجرد علاقات بيروقراطية/ فوقية وصورية/شكلية فارغة من كل فهم وإحساس بالهموم والمشكلات والمطالب الحقيقية، والمُثَقَف العضوي المرتبط والمتعمق بمجتمعه إحساساً وفهماً ومشكلاتاً ومطالباً إلى جانب المعرفة، وبالتالي يكون معبراً صادقاً عن مجتمعه، وجسراً على طريق انجاز المُثقِف الجمعي (الحزب الثوري) الذي هو ضرورة ذاتية وموضوعية للتغيير الجذري في آن.
وعلى أساس هذا الوعي تُبنى الرؤى والتطلعات والأفكار والاستراتيجيات وتُوضع الأهداف والبرامج والخطط، وتُحدد الأدوات والوسائل بشكل سليم. غير ذلك لا يعني سوى "استمرار النزف ومزيد من التراجع والانكسار وتكرار الهزيمة".
سؤال الحزب الثوري:
هل يوجد حقاً حزباً ثورياً طليعياً كما حلم به العديد من مؤسسينا الثوريين/المثقفين والجذريين/الطليعيين الأوائل، الذي ساهموا في إطلاق شرارة ما أسميناه "بالثورة المعاصرة" مع الملاحظة والتدقيق العميقين في تلك التسمية؟! هل الحالة الحزبية الفلسطينية تقوم على أساس "بناء الحزب الثوري" الذي يشكل هادياً ومُرشداً ودليلاً ومُثقِفاً ومُعبِئاً ومُحرِضاً وقائداً للجماهير نحو التغيير الثوري الجذري؟! أم أن "بناء الحزب الثوري" حضر في الوثائق والأدبيات وغاب في الممارسة/الميدان؟! وعليه يقفز سؤال لماذا كَثُرَت الأحاديث والكتابة حتى من داخل بعض "الأحزاب" التي امتلكت جرأت طرح مسألة "الأزمة" في الحالة الفلسطينية عموماً ومنها "أزمة الحزب" من ناحية ثانية خصوصاً، (وأبرز تلك "الأحزاب" الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي في - خطوة غير مسبوقة كما أعرف - على صعيد "الأحزاب والحركات الفلسطينية" عممت مشروع وثائق مؤتمرها الوطني السادس المنعقد في تموز 2000، الفكرية - السياسية والتنظيمية بما فيها النظام الداخلي، لعدد واسع من المفكرين والمثقفين وأحزاب وحركات عربية وفلسطينية، وفتحت حولهم حوار - متعدد الأشكال - قبل انعقاده للاستفادة من أرائهم النقدية والتطويرية، وحرصت على توزيعها مجدداً بعد إقرارها من المؤتمر). وتأكيداً على أهمية الوثيقة التنظيمية التي صدرت عن هذا المؤتمر، وعمق جوهرها، سأستند عليها في مناقشة سؤال الحزب الثوري.
فعلى الرغم مما سبق، وبعد مرور السنوات الطوال على طرح "مسألة الأزمة الغاية في الأهمية والخطورة" ماذا يقول واقع الحال؟!.
فواقع الحال يقول: بالعجز واستشراء النواقص والثغرات والأخطاء وتكريس الأزمة لتتحول لأزمات، وأبرز مظاهرها ومفاعيلها: ضعف شديد في الحراك التنظيمي بل والتآكل/النزف الداخلي، وتكَلُس البنى والهيئات وصولاً للأفراد، وبالتالي افتقاد القدرة والفعالية على التجديد الفكري والتنظيمي والسياسي. وانتشار أمراض الشللية والولاء والاستزلام والاستقواء المبني على أسس شخصية، وعدم احترام الهيئات دوراً ووظيفةً وأداءً. واختزال وتشويه الديمقراطية الداخلية، وبدل من أن تتحول في الممارسة لبيئة جاذبة أصبحت بيئة طاردة للكفاءات. والالتواء على الحقيقة/الكذب والثرثرة وضرب أصول وضوابط العمل التنظيمي، وغياب الدافعية والافتقاد لحس المسؤولية الذاتية والجماعية، وصولاً لما يسميه علماء الاجتماع "تصدُع القيم". وغياب مفاهيم التخطيط والبرمجة العلمية والإدارة الحديثة، وعدم الاستفادة من المنجزات العلمية والتكنولوجية الكبيرة والسريعة إلا جزئياً وفي الشكل لا المضمون، مقابل تعمُق الارتجالية والعشوائية والفهلوة...الخ. وعليه اتسعت الهوة بين" الحزب الذي يفترض أن يكون معاصراً، ارتباطاً بما أسميناه بالثورة المعاصرة " وأعضائه من جهة والجماهير من جهة ثانية، وما يُعبر عنه من رؤى ومنطلقات وأفكار واستراتيجيات وسياسات وأهداف ووظيفة بما يمكن أن يسمى "بِغُربَة أو عُزلة الحزب".
وصول "الحزب" لهذه الحالة، في جوهرها أنتج "مشكلة اختلال التناغم والانسجام بين الرؤية السياسية – الاجتماعية، وما يترتب عليها من مهام وبرامج وطنية، والرؤية التنظيمية، التي من المفروض أن تُؤمن للأولى أدواتها وحواملها التنظيمية، والبيئة المناسبة لعملية تطويرها باستمرار". هنا تبرز أهمية وخصوصية البعد التنظيمي في عمل وكفاح "الحزب الثوري" فبدون "توفر الأداة التنظيمية الصلبة والنواة الكفاحية/الثورية، والتي تتوفر فيها اشتراطات عالية المستوى، يصبح الحديث عن المواجهة الشاملة مع العدو والمشروع الوطني التاريخي ضرباً من الكلام غير المستند لأسس واقعية صلبة، وهنا سيواجهنا التحدي التاريخي الكبير، ويتحدد نتائج الكثير من المعارك والطموحات".
ولكي نتجنب النهاية المحزنة والمأساوية، فهل نحن مستعدون فعلياً لمراجعة شاملة وجدية وعميقة للذات ومعالجة الأزمات؟ هل نحن مستعدون لأن نعيد الاعتبار لمفهوم "الحزب الثوري" ضرورةً ووظيفةً ودوراً وأداءً متسلحين باشتراطات الصراع وتحديات "سؤال المعاصرة والمُستقبل"؟
لأن وحدة الحزب الحقيقية كما تقول –بحق- الوثيقة التنظيمية للمؤتمر الوطني السادس للجبهة الشعبية هي "حصيلة إجمالية لفاعليته القصوى سياسياً وفكرياً وكفاحياً، وهذا غير ممكن، إلا إذا تم الارتقاء بالممارسة الديمقراطية وبالمعايير التنظيمية المتنوعة، لتصبح بمستوى الرؤية السياسية، التي بدورها ترتبط بمعايير الصراع الأشمل، وأداء الطرف النقيض (العدو) ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم