الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعر قصة قصيرة

حمادي بلخشين

2013 / 8 / 13
الادب والفن


شعر






ــ 1ــ

تفاقم حزني و أشتدّ كربي حين بلغت العشرين و لم تظهر لي لحية!

كنت أشعر بحرج كبير إزاء أندادي من الملتحين، خصوصا و أنّ البعض منهم كان لا يتورّع عن إبداء دهشته لعدم ظهورها، دع عنك سخريتهم من نعومة خديّ و طراوة جلدي، و"حسدهم" لي لأنني قد أعفيت دونهم من حلاقة لحية أرهقتهم حلاقتها!. كما كان حزني يشتدّ و حسرتي تتضاعف، حين كنت أرى من يصغرني بسنتين و ثلاث، وهو بلحية مكتملة أو في طريق الإكتمال.

ـــ2 ـــ

رغم كل الآلام النفسيّة التى كانت تنغصّ عيشي بسبب شعوري الحادّ بالنقص، فقد كانت لحادثتين وحيدتين أثرهما السحري في محو همومي، و قلب قناعاتي بالكامل ــ فيما يخصّ اللحية ــ رأسا على عقب.



ـــ 3 ـــ

أما الحادثة الأولى، فقد جرت في سوق شعبيّ أين شهدت شجارا بين رجلين.. كان أحدهما بشنب ستالينيّ، و كان الآخر حليق الشاربين.. حين أحتدّ بينهما الشّجار، وصم الحليق خصمه بفقدان الشرف و إنعدام الرّجولة، حينذاك، عمد غريمه إلى شاربيه ثم شرع في فتلهما، لاويا شفتيه، محرّكا رأسه، تعجّبا ممّا رمي به من قبل خصمه.. حينئذ واجهه الحليق ساخرا:" الشنب، ما الشنب؟.. مجرّد شعر!" قبل أن يضيف بين خبطتين مدوّتين على مؤخرته و بشكل أضحك الجميع:" الشعر لو كان عندو قدر، ما كان يطلع في هالكرّ!" (1).

ــــ 4 ــــ


كانت الحادثة الأولى كفيلة بإذهاب نصف هموميّ، فقد إتضحت لي حقيقة كنت في غفلة عنها، و هي أنّ الرجل بأخلاقه و مواقفه، لا بمقدار شعر وجهه، خصوصا و قد رأى العالم رجلا دون لحية (2)، و هو يضرب المثل في الشجاعة و التجرّد و الإباء، أثناء مواجهة الدّموييّن من جنرالات الجزائر بعزيمة لا تكلّ و عزم لا يلين، رغم المحن و السجون و الإغراءات (3)، في حين آثرت ألوف الثدييّات المعمّمة و ذوات اللحى الطويلة و الحليقة، السّــلامة عن قول الحقّ و تحمّل تبعاته.

ـــ 5 ـــ

ذات مساء.. قبل عهد الدشّ أو البرابول بزمن مديد، و حين كنت أتنقل بين قنوات التلفزيون، و كان أكثرها إيطالية ــ لقرب تونس النسبيّ من إيطالياــ ظهرت على الشاشة صورة مكبّرة لعضو ذكريّ يخترق مؤخرة آدميّة!، حين تراجعت الكاميرا، رأيت ذكرا أروبيّ الملامح يعتمر قبّعة رعاة بقر، وقد إنهمك في إتيان ذكر مثله!!.. كانت العملية تشهد نهايتها، لأجل ذلك لم تستغرق اللقطة سوى ثوان معدودة قبل أن يرفع المنكوح رأسه.. كانت لحيته أطول بقليل من لحية مفتي الجمهورية!

كانت الحادثة الثانية كفيلة بمحو كلّ همّ و إهتمام لعدم ظهور لحيتي..




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عاميّة تونسية، معناها الحرفي " لو كان للشعر قيمة، ما أحاط بالشرج وهو مكان قذارة "
(2) " ليست لي لحية، و أرجو أن ينبتها الله لي نباتا حسنا " الشيخ على بلحاج، زعيم جبهة الإنقاذ بالجزائر.
(3) ذات مغادرة للسجن ــ قبل إرجاعه إليه ــ، اضطر عليّ بلحاج إلى بيع البقدونس على قارعة الطريق لإطعام عياله، وقد عرض عليه العسكر مناصب تشير شهية كلّ طالب مال و جاه لكنه أبى.

أوسلو 29 جويلية 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور خالد النبوي يساند والده في العرض الخاص لفيلم ا?هل الكهف


.. خالد النبوي وصبري فواز وهاجر أحمد وأبطال فيلم أهل الكهف يحتف




.. بالقمامة والموسيقى.. حرب نفسية تشتعل بين الكوريتين!| #منصات


.. رئاسة شؤون الحرمين: ترجمة خطبة عرفة إلى 20 لغة لاستهداف الوص




.. عبد الرحمن الشمري.. استدعاء الشاعر السعودي بعد تصريحات اعتبر