الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلوث العقل السياسي العربي

راغب الركابي

2013 / 8 / 14
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


حديثنا سينصب هذه المرة على العقل العربي ومفهومه الملوث عن السياسة ، التي يظن فيها ويعتقد إنها مجرد كلام ووعود وكذب وخداع وأنانية وبحث عن الإمتيازات والمناصب ، هذا المفهوم يروجه ويمارسه دعاة الوطنية والدين في البلاد العربية ، وفي ذلك لا نستثني هنا أحدا ولانميز بين مستجد وقديم ولابين كبير وصغير ، ولائحة الإدعاد عندنا تشمل المجموع ، فالسياسي العربي يجيز لنفسه الاحتيال والمكر في علاقاته مع الغير، وفي ذلك يظن إنه يحافظ على كيانه ووجوده وشخصيته ، مع إن هذا الإسلوب دليل ضعف وإنهزام وقلة وعي وإنعدام ضمير ، فالعلاقة الصحيحة هي التي يجب ان تقوم على الصراحة والصدق وحسن النيه ، العقل العربي لم يخرج ولن يخرج من إيقوناته وأقانيمه التي تجعله على الدوام حبيس الوهم وقلة الحيلة والنفاق ، فالسياسي العربي حين يتحدث عن الديمقراطية لايسمح أبداً لشعبه من ممارسة حقه في الرفض والتظاهر وفي حرية الكلمة والإعلام ، العقل العربي السياسي حين يٌطالب بأن يستجيب للخروج من العقلية التاريخية التي تسد منافذ الوعي ، يعتبرتلك المطالبة عصيان وتمرد وكفر وزندقة ، لهذا يبادر ليفرض على متلقيه وأتباعه النوع الذي يزيف لهم الحقايق ويقلبها لمصلحته ، مستخدماً كل أنواع الدهاء والمكر ، رأينا ذلك في كل البلاد العربية التي تجعل من السياسة فيها إستبداد بالطبع ، لهذا ترفض الفكر الآخر والعقل الآخر ولن تسمح له بان يعيش الحياة ، وفي ذلك نجد تجربة الإلغاء والتشويه والتسقيط وقمع الحريات بالقوة المسلحة هي الحالة الطبيعية ودونها الإستثناء ، والمثير بل والمستفز إن الساسة العرب يشيدون في خطبهم وفي كلامهم ويتغنون بالحكم الدستوري والديمقراطية ، ولهذا أصارحكم القول : إن السياسي العربي يحمل في داخله عقلية بدائية عصبوية نرجسية لا يهمها القضايا الوطنية ولا الشعبية ، ولهذا لا نفاجئ لو سمعنا من البعض قوله إنه ديمقراطي أو إنه يحكم بأسم الديمقراطية ، كما لا نفاجئ من يقول إن الإرادة الشعبيةهي من تحدد له مصيره ومستقبله ، لكن هذا الكلام يدحضه الواقع وتدحضه التجربة التي يعمل فيها السياسي بالخفاء لتحويل بلاده إلى ثكنه بوليسية ، ثبت هذا بالدليل وثبت ايضاً إن السياسي العربي لا يهمه سوى رضا الغرب عنه ولا يهمه رضا شعبه إذ الشعب لدى السياسي العربي لا قيمة له ، السياسي العربي مستسلم بالطبع ضعيف بالطبع يأخذ أوامره من الغير عقله غير مستقل ، ولذلك يعطي صوته للقوي دائماً وهو في ذلك اصدق خلق الله ، ان المبدأ العملي الذي يمكن استنتاجه من سيرة السياسي العربي هو إنه كذاب منافق محتال يكثر الثرثرة الزائدة في كل شيء وعن أي شيء ، والاساس في علاقاته مع المواطنين هو الكراهية والعداء ، و الكره بالمعني الواقعي لا المعنى العاطفي ، السياسي العربي يتعامل مع المواطنين بروح المنفعة والمصلحة وهو منذ عهد معاوية يقرب ذوي النفوذ شيوخ القبائل ورجال الدين والمطبلين والإنتهازيين ، وهو دائماً يترك الصادقين والوطنيين والشرفاء الغير ملوثين بالفساد ، لأنه يكره الصدق والشرف الوطني ويكره كل دعاة الحرية الحقيقية ، وفي ذلك المسألة هي ابعد ما تكون عن العواطف فالسياسي العربي في ذلك يعيش التناقض كواقع ، ان علاقة السياسي العربي بمن حوله من مواطنيين لا تقوم على الثقة ولا على التفاهم ولا على التمثيل الصحيح ، إن السياسي العربي ابعد ما يكون عن تمثيل الشعب وتمثيل مصالحه ، و علاقته ليست سوى علاقة طرفين متناقضين ، علاقة تقوم على الحذر والغش والخديعة والتناحر ، ذلك هو الواقع من غير لبس ولذلك فشلت تجربة الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن وهي تسير بإتجاه الكارثة الحقيقية في سوريا ، وهذا الواقع هو الذي يدعونا للتشاؤم وعدم الثقة بالمستقبل ، ولهذا نظن إن الوضع سيكون أكثر كارثية ودموية وجفاء ، ومع ذلك الجو سنظل نقول ونحلم بان الإرادة الحرة سوف تفرض نفسها وتطرد هذا التشوه وهذه الحماقة ، وكل ذلك مرهون بالنضج وبالوعي وبزيادة
المنسوب الثقافي وبتحرير المرأة وتشجيع القوى الشبابية لتخرج من دائرة القهر الإجتماعي والتاريخي ، كذلك يكون ذلك مرهوناً بالإيمان في التغيير والإيمان الديمقراطية والحرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح