الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة كفاية تدشن مرحلة انتقالية في حياة الشعب المصري

هويدا طه

2005 / 5 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


مهما اختلفت المواقف من الحركة المصرية للتغيير، التي تعرف الآن مصريا وعربيا ودوليا باسم حركة كفاية، بعد أن اشتهرت بشعارها(كفاية)الذي رفعته ضد التمديد للرئيس مبارك لفترة خامسة، ومهما تباينت التقديرات والتحليلات التي تتفاءل بها أو تقلل من شأنها.. فيما يختص بالأفق السياسي على الساحة المصرية، فإن الحركة- وقد بدأت الآن تواجه حربا.. داخلية وخارجية.. مكتومة أو معلنة- قد ألقت حجرا في بركة مصر السياسية الراكدة، بخروجها لأول مرة معلنة ًعن نفسها.. في ديسمبر الماضي.
والأمر هنا ليس دفاعا عن الحركة أو نقدا لها- وإن وجب ذلك- وإنما قد يفيد طرح الحالة برمتها للنقاش.. سواء ما يساق من أدلة على عجز الحركة عن تحقيق ما أعلنته من آمال عريضة، أو ما يساق من شواهد على حجم ما حققته من نتائج.. في خمسة أشهر، إضافة إلى طرح ما تتعرض له الحركة من حرب- أو شبه حرب- على أربع أصعدة.. حرب يشنها النظام عليها.. بعد أن استشعر تهديدا لبقاءه مما حققته في تلك الفترة الوجيزة من لفت الانتباه.. وحرب على صعيدٍ ثان تشنها- وإن بطريقة أخرى- جماعة الإخوان المسلمين.. التي تكره منذ نشأتها أي حركة تغيير في مصر تحمل ملامح شعبية غير دينية.. وعلى صعيدٍ ثالث.. قد تبدأ ضد الحركة حرب خارجية.. أمريكية تحديدا.. فهناك بوادر أمريكية تتوجس من حركة لها مطالب شعبية- حقيقية- (تنفر من التبعية)للولايات المتحدة، ولا يُعرف حتى الآن كيف ستعمل على وأدها لاستبدالها بشيء آخر.. أكثر مرونة واستجابة لمصالحها.. بغض النظر عن المطالب الحقيقية للمصريين، وهناك على صعيدٍ رابع.. تلك السلبية وذلك الاستخفاف.. الذي يظهره بعض المثقفاتية المصريين، خاصة في الأحزاب التي تسمى أحزاب المعارضة! الذين يسرعون دائما بإصدار.. الحكم بالفشل.. على أي محاولة لا تخرج من بين أياديهم.. التي ظلت مشلولة عقودا من الزمن، وسواء ولدت حركة كفاية أو لم تولد.. فإن معرفتنا بهم تشير إلى أنهم لم يكونوا ليتحركوا أبدا.. حتى ولو خضضتهم بألف تسونامي!
المآخذ على حركة كفاية
** الحركة ليس لديها برنامج طويل المدى:
عندما كنا شبابا صغارا في الجامعة.. نتحسس الطريق نحو بناء موقف سياسي.. كان أول الأشياء التي نقرأها.. برامج الأحزاب! ما أجملها! برامج تصنع من مصر مدينة فاضلة!.. سواء كانت ذات منحى شعبي اشتراكي تنموي.. أو ذات منحى ليبرالي.. يعد المصريين بالتحليق في آفاق الحرية والرغد معا، وكنا نتساءل ببراءة الصغار.. حسنا.. متى سيبدأ تنفيذ خطط النعيم هذه؟! لم تكن هناك إجابة أبدا.. اللهم إلا الاستخفاف بهؤلاء(التلاميذ).. الذين يتجاهلون قيمة هذه المدينة الفاضلة.. ويتساءلون- بسذاجة- عن.. الطريق لتنفيذها!
حركة كفاية ليست حزبا.. إنها جبهة وطنية.. يمكن لها في حال استمرارها.. أن تضع أقدام المصريين على هذا الطريق، ليس مطلوبا منها أن يكون لها برنامج مفصل لمدينتنا الفاضلة.. لقد ولدت الحركة في مناخ ٍ كانت المطالب المصرية الداخلية فيه مهمشة.. أمام مطالب بن لادن الأممية! وكان المصريون يجرجرون فيه من يوم ٍ إلى آخر.. للاحتجاج على المعايير المزدوجة للأمم المتحدة تجاه شقي تيمور الشرقية والغربية! ليعودون بعدها إلى بيوتهم.. يتحسرون بين جدرانها على فرصةٍ للانفجار..لا تأتي أبدا.. طلبا لتحقيق مطالبهم هم.. لم تكن هناك(حالة تسيس)في الشارع المصري.. وكانت حركة كفاية بخروجها الأول في ديسمبر الماضي.. وبمطلبها الأول البسيط(لا للتمديد.. لا للتوريث)هي ذلك الحجر الذي من أهم نتائجه الآن.. أن الشارع المصري يتسيس علنا.. والمواطن المصري يدهش ثم يتحمس ثم يشارك.. وإن ببطء وحذر غير غريبٍ على المصريين.. كان المطلوب إذن تسييس الشارع المصري.. ومن نتائج ذلك مستقبلا.. أن يختار المواطن من بين تلك البرامج الجميلة للأحزاب.. ربما بعد تطهيرها!
** المؤسسون للحركة بينهم تناقضات كبيرة فكريا وإيديولوجيا:
أحد الباحثين المصريين قال ذات يوم ٍ في مقال ٍ له(إيه اللي لمّ الشامي على المغربي؟!)، كيف يتفق الناصري والإخواني والشيوعي والليبرالي على مطالب موحدة.. إن ذلك التنافر بين تلك الأطياف يحمل بذور الشقاق وبالتالي الفشل لهذه الحركة.. في هذه الملاحظة بالطبع بعض من وجاهة.. لكن للشعوب عموما ومن بينها الشعب المصري.. خط ٌ ما.. يقف عنده الجميع، بعده قد تفترق الطرق.. والمطالب الحالية والتي كان على رأسها تسييس الشارع المصري شعبيا وجماهيريا.. وإسقاط النظام.. والشروع في دمقرطة الحكم المصري.. بعد عدة آلاف من السنين قضاها مستبدا ديكتاتورا مستعبدا للناس.. هي مطالب يريدها الجميع.. للمضي قدما- بدءً منها- في طريقه الخاص.. فكريا وإيديولوجيا.. والأعضاء المؤسسون للحركة.. ثم من انضم إليهم فيما بعد.. يدركون ذلك.. حركة كفاية تمثل(جمعية وطنية)تدشن فقط لمرحلة انتقالية في حياة الشعب المصري.. لن يتخلى أحدهم عن طريقه أو حزبه، لكن(روح المبادرة)التي انطلقت بها الحركة.. بعيدا عن كهول الأحزاب.. هي التي تجمعهم.. إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا!
** الحركة تطالب بالتغيير لأجل التغيير وليس لديها بديل:
هل يعرف أحدكم طريقا لتنفيذ خطط مدينته الفاضلة.. في ظل النظام الحالي؟! حتى التغيير لأجل التغيير.. هو مطلب مشروع.. لشعب أماتته ودفنته حيا.. حالة الاستمرار الراكد التي سميت كذبا وعبثا.. الاستقرار، لكن رغم ذلك.. فالتغيير المطلوب ليس لأجل التغيير ذاته.. إنه لأجل أن نرى نهاية لهذا النفق المظلم.. نرى بعده ما رأته شعوب أخرى.. وهناك(مؤتمر وطني)تزمع الحركة عقده بمشاركة شخصيات تمثل كافة الأطياف.. فالطموح لتأسيس(دولة القانون)يعني أن تنتهي(دولة الفساد)أولا.. ثم- وبعد النجاح في تسييس الشارع المصري- تطرح الرؤى المختلفة نفسها.. ليختار بينها الشعب المصري، منهيا حالة الرضوخ المطلق لرجال النظام الحالي، الذين يقول لسان حالهم للمواطنين المصريين.. نحن خير من يمثلكم.. ويمثل عليكم.. ويمثل بكم!
الحركة إذن تمثل مرحلة انتقالية ضرورية.. ولا تمثل حلا دائما.. وقد نجحت حتى الآن في تجسيد نفسها بهذا المنظور.. وبسبب نجاحها هذا.. تتعرض لحروب شعواء.. لا يمكن التنبؤ معها بمدى قدرتها على الصمود، لكن الشيء المؤكد أن هناك(شيئا قد بدأ)بفضل مولد تلك الحركة.. حتى لو حجمت آمالها الوطنية أمواج وتناقضات التغيير الكاسح.. الذي انطلق في المنطقة.
الحرب على حركة كفاية
** النظام الحاكم:
لم يكن نظام الرئيس مبارك مكشوفا يوما كما هو الآن.. سأمت منه القوى العظمى وغير العظمى.. كما سأم منه شعبه!.. حتى خرج المصري على طبيعته التي سبغها عليه تاريخه.. فأفصح عن ضجره في الميادين العامة! فإذا كانت(الدولة البوليسية)التي ركن إليها مبارك ورجاله.. قد نجحت على مدى ربع قرن.. في إجبار المصريين على كظم غيظهم.. فإن عجز هذا النظام عن فهم متغيرات اللحظة الراهنة.. جعله يتعامل مع حركة كفاية بنفس(المنطق البوليسي)الذي تعامل به في العقود الأخرى.. مع مختلف قوى الشعب المصري، لكن ضعف النظام يتجلى في مؤشرات عدة.. فهو يعتقل المتظاهرين.. لكنه يطلقهم في نفس اليوم.. ثم يعاود اعتقالهم في اليوم التالي! في حالة من التخبط لا تخفى على أحد.. وهو يرتعب من تأثير حركة كفاية.. خاصة بعد أن ساندها القضاة وأساتذة الجامعة.. وغيرهم من القوى والشرائح التي تحظى باحترامٍ كبير في المجتمع المصري.. والتي أبدت طوال العقود الماضية انسحابا مشينا.. أمام استفراد مبارك بالبلاد.. حكما وثروة ونفوذا ونفوسا! لذلك يحاول قمع الحركة.. مرة بالتعامل البوليسي المتوحش.. لكن بتردد، ومرة بمحاولات إعلامية ساذجة.. كما فعل في تلك(الشهادة الزور)للتاريخ!، ثم يجن جنونه عندما تأتي بنتائج معاكسة لما خطط له!.. هذا التخبط والتراجع.. قد يولد في اللحظة الأخيرة خلال مواجهة الشهور المقبلة.. وحشية مروعة.. يأمل الكثيرون ألا يدفع ثمنها شباب مصر.. كما دفعها الشاب طارق غنام.. الذي قتله البوليس خلال تظاهرة مدينة طلخا.. لكن الواضح أن النظام شرع في حالة حرب علنية- ليس فقط على حركة كفاية- وإنما على أي قوة مدنية تتشجع على التصدي له.. وفي تاريخ كل الشعوب.. فإن اللحظة الأخيرة من عمر أي نظام فاسد.. كرهه شعبه حتى المنتهى.. تحمل وحشية بوليسية باهظة الثمن.. لكنه طريق.. ربما لا تقدر الشعوب نفسها عندما تبدأه.. أن تتوقف فيه..
** الولايات المتحدة:
كان مشروع الشرق الأوسط الكبير.. ثم الموسع.. الذي حملته الولايات المتحدة إلى المنطقة.. يعلن أنه يريد دمقرطة المنطقة.. وتحرير شعوبها من أنظمتها الديكتاتورية.. وأعلن المسئولون الأمريكيون في مناسبات عديدة أنهم(يعترفون)أن دعمهم لتلك النظم الديكتاتورية.. التي قمعت شعوبها.. عاد عليهم بهجمات الحادي عشر من سبتمبر.. من قبل الهاربين من هذا القمع في بلدانهم! وأنهم الآن يعملون على معالجة هذا الخطأ.. بدعم(الحركات الديمقراطية)في تلك البلدان، لمنع هروب اليائسين منها مرة أخرى في المستقبل.. لمهاجمة حضارتهم الأمريكية! وبالطبع يتضمن هذا الدعم للحركات الديمقراطية.. رفع الغطاء الداعم لأنظمةٍ على رأسها نظاما آل سعود ومبارك.. اللذان أنتجا أسامة بن لادن والظواهري! وذلك بالطبع وإن أرعب تلك الأنظمة عندما وجدت أن(نهاية خدمة الغزاة.. علقة)! كما يقول المثل الشعبي، فإنه شجع الكثيرين في عالمنا العربي.. على الجهر بمطالبهم الإصلاحية.. الموجودة منذ زمن ولم يكن لهم بشأنها داعمٌ أو نصير! فمَن مِن تلك الحركات المتعاظمة في المنطقة الآن.. ستدعم الولايات المتحدة؟! على سبيل المثال.. فإن في مصر ثلاث نوعيات من الحركات المطالبة بالإصلاح، حركة كفاية، وجماعة الإخوان المسلمين، والليبراليون شديدو الحماس لليبرالية الأمريكية، دون تشكيك على الإطلاق في وطنيتهم بالمناسبة، مثل الدكتور سعد الدين إبراهيم وأيمن نور وغيرهم، هؤلاء الليبراليون ومثلهم الإخوان المسلمون هم بالطبع محل(الدراسة الأمريكية)لمساندتهم.. بسبب(مرونتهم)تجاه أهداف الولايات المتحدة، لاسيما فيما يختص بالليبرالية الاقتصادية، فهم مستعدون- تماما كالرئيس الحالي- لمنح الأمريكيين ربما أكثر مما يطلبون، على طريقة المثل الشعبي(طلب الغني شقفة.. كسر الفقير زيره)! لكن مطالب حركة كفاية.. لها ملمح شعبوي.. جماهيري.. تتعاطف مع الجموع.. وتعلن بجلاء عدم الاستجابة لتلك التبعية المطلقة.. التي تريدها الولايات المتحدة من الحركات الوليدة في المنطقة! وهو ما يضيق الأمريكيون به ذرعا! لذلك قد تواجه الحركة أمريكيا بالإهمال المتعمد وعدم الحماس.. وربما التشويه.. وربما تواجه بدفع أمريكي لعناصر الولايات المتحدة، لتضيق عليها نجاحها في(حشد)الناس في صفها، وربما(لاختطافه)، هذه حرب أمريكية على حركة كفاية.. يتوقع أن تتزايد في الأيام المقبلة.. خاصة وأن للآخرين قنواتهم المفتوحة مع الأمريكان، فمنذ أيام تحدث د. سعد الدين إبراهيم إلى الكونغرس الأمريكي حول الإصلاح في مصر! ورغم أن الرجل يتناول شأن الإصلاح منذ سنوات طويلة.. وربما قبل الجميع.. إلا أنه من المثير للدهشة حقا.. أن يستمع نواب الشعب الأمريكي في جلسة مفتوحة.. لمصري يطالب بإصلاح بلاده.. دون أن يكون لهم في الأمر نصيب!
** أحزاب المعارضة:
يبدو أنه يوم الأمثال الشعبية المعبرة! فكما يقول المثل الشعبي(دلع العجايز يقلّع العيون!)تترنح الأحزاب المصرية الآن أمام ما يحدث على الساحة المصرية! صحيح- بل لا جدال- أن تلك الأحزاب ضُيق عليها الخناق عمدا وترصدا.. حتى حبست في مقراتها عقودا من الزمن.. فلم يعد يعرف عنها المواطنون شيئا.. وصحيح أنها(كانت ترغب)في إصلاحات سياسية.. تتيح لها الوصول إلى الجماهير، لكنها لم تفعل شيئا لمواجهة هذا المأزق.. الذي وقعت فيه بسبب الحصار الحكومي، المساكين شاخوا في مقراتهم! وعندما خرجوا منها متسندين على عصا(الحوار الوطني مع الحكومة)، أعلنوا ذات يوم ٍ شهير في فبراير الماضي أنهم(يوافقون)- باسم الشعب طبعا- على(منح النظام فرصة أخرى)! فإذا برأس النظام بعدها بأيام.. يسخر منهم ويعلن أنه لا يوافق على منح نفسه فرصة أخرى! أو هكذا أعلن.. عندما نادى مبارك مرغما مكرها بسبب ضغط الداخل والخارج.. بتعديل المادة 76- التي لم نكن نعرف رقمها قبل ذلك اليوم- لإلغاء نظام الاستفتاء على منصب رئيس الجمهورية! وراحوا في تصريحاتهم وتعليقاتهم يصبون غضبهم على حركة كفاية! يقللون من شأنها ويستخفون بها، فأعضاؤها المؤسسون هم(تلامذة زمان)! أما هم- مشايخ الأحزاب وكبارها- هم المعارضة وهم الوطنيون وهم الحكماء! وهم من يخافون على مصر.. من شطح هؤلاء التلامذة.. المطالبين- لا بالإصلاح- وإنما بالتغيير! ومع تصاعد نشاط الحركة والمعرفة بها محليا ودوليا، زادهم الخجل غضبا! فصاروا مرة يتشككون.. ومرة يتذلفون ويتدللون.. تماما كدلال العجائز.. يقلع العيون!
** الإخوان المسلمون:
على عكس باقي القوى في العقود السابقة.. كانت جماعة الإخوان المسلمين الأكثر نشاطا وتنظيما للمظاهرات.. وحتى ديسمبر الماضي.. كانت تخرج إلى الشارع جاذبة وراءها آلاف المصريين.. لإظهار الاحتجاج والغضب على.. ضرب أفغانستان.. وتقسيم تيمور.. وقانون الحجاب في فرنسا.. وتأليف رواية هنا وهناك لا يعجبهم مضمونها.. مطالبين مرة بعزل برويز مشرف.. ومرة بإعدام تسليمة نسرين البنغالية مؤلفة كتاب العار.. وإعدام سلمان رشدي مؤلف كتاب آيات شيطانية.. وغير ذلك من كل قضايا العالم.. إلا قضايا المصريين!
لكن ضمن شباب الإخوان المسلمين.. هناك من هم أكثر انفتاحا من مشايخهم الكبار.. ومنهم بالطبع من له مطالب وطنية.. ويضيق ذرعا(بكبار جماعته)المتمترسين على قمة هرم الجماعة.. وهؤلاء الشباب شاركوا في تأسيس حركة كفاية.. متفقين مع التيارات الأخرى على الحد الأدني من المطالب المصرية.. وعندما حققت الحركة ما حققت.. لا تدري بالضبط ما الذي حرك تلك الجماعة.. لتسرع بممارسة ما اعتادت عليه في تاريخها من(خطف)نجاح الحركات الوطنية! فإذا بها تستقل بتحركها مطالبة في الشارع بالإصلاح السياسي! وإذا بها تستعرض قدرتها على(جرجرة) المصريين بعشرات الآلاف في الشارع.. لرفع المصاحف في مطالب الدنيا! ثم بدأت بوادر الاتصال بالقوة العظمى، لتجد الحركة في الأيام الأخيرة.. تتقدم خطوة.. طارحة نفسها بديلا للنظام الحالي.. الآيل للسقوط.. بيدهم أو بيد زيد أو بيد عمرو!
وهناك تصريحان لهما مغزى، أولهما تصريح أحد(كبراءهم)منذ أيام.. ملمحا بأن حركة كفاية تثير فوضى أمنية في الشارع! ما يشير إلى أنهم بدئوا التشكيك فيها والإعداد للحرب عليها.. بعد أن استثمروا بانتهازية جلية.. نجاحها في لفت نظر المواطن المصري المغيب لمطلب التغيير! والتصريح الثاني كان لوزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس.. عندما قالت إن الولايات المتحدة لا يقلقها وصول(إسلاميين معتدلين)إلى الحكم في المنطقة! لتأتي بعد ذلك تظاهرات الإخوان الأسبوع الماضي.. حيث لاحظ كثيرون أنهم(لم يرفعوا المصاحف هذه المرة) وهو ما يعني أنهم يطرحون أنفسهم(كحزب سياسي)بديل للحزب الحاكم حاليا في مصر، وليس كحزب ديني، على الأقل تكتيكيا، وفي هذا إشارة للولايات المتحدة بأنهم.. باتوا جاهزين الآن للقفز على حكم مصر.
وإذا كانت حركة كفاية تواجه حربا أو شبه حرب من هنا وهناك، فإنها كحركة- جبهة وطنية- ليس مأمولا منها أن تحكم مصر.. وإنما المأمول منها أن تدشن لمرحلة انتقالية نحو حكم ديمقراطي في مصر، فإن الخوف الأكبر حقا.. وفي ظل هذا التحرك السياسي الإخواني المدروس.. الذي يتجه إلى أن يكون مدعوما أمريكيا، هو أن(جنين)الحركة الديمقراطية قد يجهض قبل أوانه، لتخرج مصر من(دولة الفساد)المغضوب عليها داخليا وخارجيا.. إلى(دولة دينية)تأخذنا إلى زمان الرجم والجلد والتكفير.. والحكم بالزندقة على كل مبدع وكل مفكر وكل مجدد وكل أديب، وتأخذنا إلى زمان قهر المرأة باسم الدين.. وقبر الحرية المأمولة باسم الإيمان، وتقودنا إلى التخلف باسم الخوف من الضلال.
لكن وجهة نظر أخرى تتراءى في الأفق.. ربما تستند إلى المثال الإيراني.. فمشهد فرحة الشعب الإيراني بعودة الخميني إلى بلده.. منتصرا مزهوا بنجاح(ثورته الدينية)- وهي بالمناسبة ثورة أثارت إعجاب حتى العلمانيين وقتها- يقابله الآن.. مشهد الشباب الإيراني الذي ضجر من حكم(الملالي)، ويحاول أن يجد لنفسه مخرجا من كابوس(حكم الدولة الدينية)، الشعب الإيراني نفسه.. لم يرد وقت الخميني أن يستمع لأي خطاب سوى الخطاب الديني.. وهو الآن يعطي آذانه لكل خطاب.. مغاير!
والمصريون الحالمون بالعدالة.. الذين يسحرهم خطاب(الإسلام هو الحل)ولا يريدون أن ينتبهوا لأي خطاب آخر.. وتستغل جماعة الإخوان هذه العاطفة الدينية لديهم.. لتطرح نفسها.. البديل الجديد، سوف يجرون إلى فخ الدولة الدينية.. ليروا منها كما رأى الإيرانيون، سيفرحون في البداية ويهللون.. ويكبرون، لكنها ستكون بداية النهاية.. ليبدؤوا بعد حين.. في البحث عن(شيءٍ آخر).. إلا هذا الجحيم! وكما صبرت مصر على الاستبداد قرونا وراء قرون، لا بأس من الصبر بضع سنواتٍ أُخر.. لتفيق من هذا الكابوس.. ويعود فيها الدين..(روحانيا فرديا)يؤمن(للفرد)انسجاما ذاتيا مع العالم.. وليس كهنوتا سياسيا قابضا مخيفا.. وربما يكون المصريون الذين سيصوتون قريبا لصالح حكم الإخوان.. هم أنفسهم من يصوت في انتخاباتٍ أخرى لإسقاطهم.. إلى غير رجعة.. لكن السؤال المقلق حينئذٍ.. إذا وصل الإخوان إلى حكم مصر عن طريق الانتخابات القادمة.. وإذا حكموا مصر فعلا..... هل ستكون هناك بعد ذلك.... انتخاباتٌ أخرى؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكاء رونالدو حديث المنصات العربية • فرانس 24 / FRANCE 24


.. التشكيلة المتوقعة للجمعية الوطنية الفرنسية بعد الجولة الثاني




.. كيف يمكن للديمقراطيين استبدال بايدن في حال قرر التنحي وما ال


.. حاكم ولاية مينيسوتا: نحن قلقون بسبب التهديد الذي ستشكله رئاس




.. أحزاب يشكلون الأغلبية في الحكومة والبرلمان الجزائري يطالبون