الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هاجس الدولة الأمنية

نادين عبدالله

2013 / 8 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كلما شاهدنا أى تجاوزات للقوات الأمنية حاليا، زادت وتيرة الحديث عن عودة محتملة للدولة الأمنية فى أوساط القوى الشبابية المعارضة، والحقيقة أن هذه الدولة الأمنية لم تغادرنا أبداً سواء فى عهد مبارك أو مرسى. فقد ظلت الحلول الأمنية هى وسيلة حل النزاعات السياسية أو الاجتماعية فى عهدهما على السواء. فلا يمكن أن ننسى مثلا أن عنف القوات الأمنية فى حل أزمة بورسعيد الأخيرة أدى إلى وفاة 50 بورسعيديا، وكان التدخل الأمنى بموجب أوامر رئاسية. لكن على ما يبدو أن المقصود بهاجس عودتها هو محاصرة الأمن للعمل السياسى والاجتماعى مرة أخرى. وفى هذا الإطار نقدم حجج من شأنها البرهنة على ضعف قابلية تكرار هذا السيناريو إلى حد نفيه:

أولا: غياب القدرة على مصادرة المجال السياسى مرة أخرى منذ عامين مضيا، أى منذ ثورة 25 يناير. صحيح أن رفض جماعة الإخوان المسلمين حتى الآن الاعتراف بالمسار السياسى الجديد يهدد بتحويل الآلاف من أعضائها إلى قنابل موقوتة مجتمعياً، وهو الأمر الذى قد يدفع إلى عودة العنف الأمنى تحت لواء الكلمة المعتادة: «تحقيق الاستقرار». وصحيح أن ذلك الوضع سيدفع إلى زيادة سطوة الأجنحة المحافظة المرتبطة بالنظام القديم داخل التحالف السياسى القائم على حساب الأجنحة الأكثر تقدمية. إلا أن كل ذلك لا يمنع حقيقة واحدة وثابتة هى أنه لم يعد للأمن قدرة على إجبار المواطنين على عدم الاهتمام بالشأن العام، بل وليس لديه أيضا أى قدرة على إجبار آلاف من الشباب المسيس على العزوف مرة ثانية عن المجال السياسى، فعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، خاصة أن القمع هُزم فى قلوب المصريين قبل هزيمته فى شوارع مصر. ثانيا: شرخ التحالف الاجتماعى المشرعن لعملية القمع ذاتها. أى نظام سياسى يحتاج لغطاء مجتمعى ولو جزئيا يبرر لجوءه للقمع، لذا قامت دولة مبارك على نظام المواءمات الاجتماعية القائمة فى مستويات وظيفية معينة على الرشاوى وما إلى ذلك. أما العمال فى القطاع العام أو الحكومى فكانت لهم امتيازات مادية تدفعهم إلى عدم التمرد على النظام، فتمت مقايضة الولاء بالمنح. إلا أن سياسات حكومة نظيف النيوليبرالية عملت منذ أواخر 2004 على سحب هذه المزايا، فشهدنا آلافا من الوقفات الاحتجاجية العمالية الجسورة التى طالبت بحقوقها غير عابئة بالضغوط الأمنية، وإن انحصرت رغبة أو قدرة الأخيرة على قمع المحتجين من الأساس.

وأخيراً، أؤكد أننا إن كنا نعيش اليوم فى دولة قد تكون شبيهة بدولة مبارك من حيث الشكل المؤسسى والفكر المسير، إلا أن بيئة تفعيلهما اختلفت كثيراً، اختلفت بشكل يجبر هذه الدولة ذاتها على الاختيار بين التكيف أو الانهيار. فدعونا نتذكر أننا فاعلون ولسنا «مفعولا به» تتقاذفه الأمواج، فهيا بنا نعمل ولا نتحجج بزمن لن يعود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدولة البوليسية
جهاد علاونه ( 2013 / 8 / 14 - 20:37 )
هو مفهوم الدولة البوليسية وتحكيم قبضتها على كافة مفاصل المجتمع والحياة العامة.

اخر الافلام

.. فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط


.. النازحون يعبرون عن آمالهم بنجاح جهود وقف إطلاق النار كي يتسن




.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: نتنياهو ولأسبابه السياسية الخاص


.. ما آخر التطورات وتداعيات القصف الإسرائيلي على المنطقة الوسطى




.. ثالث أكبر جالية أجنبية في ألمانيا.. السوريون هم الأسرع في ال