الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا ما بقي لإنقاذ مصر!

جواد البشيتي

2013 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
الخامس عشر من آب (أغسطس) 2013، كان يوماً فاصِلاً في تاريخ مصر؛ فكل شيء في حياة المصريين اختلف، في هذا اليوم؛ ولن يمضي وقت طويل حتى يَجِد المصريون أنفسهم (وغير المصريين من المعنيين بما يحدث في مصر) مضطَّرين إلى النَّظر والرؤية بعيون مختلفة؛ إنَّ مصر، بدءاً من هذا اليوم، لن يحكمها (بمعنى الحكم الفعلي الحقيقي) لا العسكر بزعامة السيسي، ولا مرسي (وحزبه، وجماعته، وتياره). لقد تساوى "الطرفان" عجزاً في حُكْم مصر، فتحوَّل عجزهما هذا إلى "استطاعة" في طرفٍ ثالث، هو "العدو اللدود" لمصر، وشعبها، وثورتها؛ وهذا "الطرف الثالث"، الذي سيحكم مصر، ويتحكَّم فيها، من الآن وصاعداً، إنَّما هو "الفوضى المُدمِّرة"، و"القلاقل (والاضطِّرابات)"، و"العنف والعنف المضاد"، و"الانقسام الشعبي الواسع والعميق" بين "شعب" السيسي و"شعب" مرسي، والذي سيُخالطه انقسام طائفي بغيض كريه بين أقباط مصر ومسلميها.
و"الإنقاذ" الآن يجب أنْ يأتي سريعاً، وسريعاً جدَّاً؛ ولن يأتي إلاَّ من الطريق نفسها؛ فالجيش (أو المؤسسة العسكرية) ينبغي له أنْ يُسْرِع في عَزْل السيسي، مع مجموعته الحاكمة من العسكريين والمدنيين، مُبْقياً على الرئيس المصري المعزول (مرسي) معزولاً، وأنْ يؤسِّس لمرحلة انتقالية جديدة، فيها من العناصر السياسية (وغير السياسية) ما يسمح بإعادة اجتذاب المصريين جميعاً إلى خيار الاحتكام إلى "صندوق الاقتراع"؛ فإمَّا أنْ يذهب السيسي، وإمَّا أنْ تذهب مصر؛ فلا خيار، بعد ذاك اليوم الفاصِل، إلاَّ هذا الخيار.
كل المبادرات والوساطات المصرية، والعربية، وغير العربية، لن تجدي الآن؛ فلا يوم يَجُبُّ يوم الخامس عشر من آب (أغسطس) 2013 إلاَّ اليوم الذي يتدخَّل فيه الجيش، مرَّةً ثانيةً وأخيرةً، فيَعْزِل السيسي، ومجموعته، مؤسِّساً لمرحلة انتقالية جديدة.
الصراع الآن في مصر يُرْغِم المجموعة الحاكمة، التي بكل ما تختزنه من طاقة فاشية وحشية دموية فضَّت اعتصاميِّ "رابعة العدوية" و"النهضة"، على أنْ تُزيل بيديها كل فَرْق (استحدثته واصطنعته) بين ظاهرها وباطنها، وعلى أنْ تَظْهَر للمصريين، وللعالم أجمع، على حقيقتها "الانقلابية العسكرية"؛ فبعد "المجزرة" التي ارتكبتها، وما ترتَّب عليها من تبعات وعواقب وخيمة، أعلنت حالة الطوارئ؛ ولن يأتي "شَهْر الطوارئ" إلاَّ بما يشدِّد الحاجة لدى المجموعة الحاكمة إلى مزيدٍ من حالة الطوارئ؛ أمَّا "خريطة الطريق"، التي أكَّد السيسي، غير مرَّة، التزامه السَّيْر فيها حتى نهايتها، فلن تُتَرْجَم، عملياً وواقعياً، إلاَّ بتوسُّع وتعمُّق الحكم العسكري الفاشي الدموي في مواجهة عاقبته الحتمية، وهي الفوضى وأعمال العنف والقلاقل والاضطِّرابات، أو بانتخابات (برلمانية ورئاسية) زائفة، يَحْرُس الجيش والأمن المركزي..، صناديقها وطوابير الناخبين فيها ونتائجها؛ أمَّا نتيجتها الأهم (إذا ما أُجْرِيَت) فهي مقاطعة كتلة انتخابية ضخمة لها، والتأسيس لحكمٍ عسكريٍّ في باطنه، و"مدنيٍّ مُنْتَخَب" في ظاهره.
بعزلهم الرئيس المدني الشرعي المُنْتَخَب محمد مرسي، وحلِّهم مجلس الشوري، وتعطيلهم العمل بدستورٍ وافقت عليه غالبية الناخبين المصريين، قضى العسكر، بزعامة السيسي، على ثقة كتلة شعبية وانتخابية ضخمة بجدوى الانتخابات وصندوق الاقتراع؛ وبارتكابهم هذه المجزرة الوحشية سيَقْضون، إنْ عاجلاً أو آجلاً، على ثقة هؤلاء بجدوى "السلمية" في صراعهم السياسي؛ ولن يمضي وقت طويل حتى يشرع هؤلاء الضحايا يُعامِلون المجموعة العسكرية (والمدنية) الحاكمة، بزعامة السيسي، وحلفائها في "جبهة الإنقاذ"، وغيرها، على أنَّها مجموعة اغتصبت السلطة للقضاء على "الهوية الإسلامية" لمصر؛ ولكم أنْ تتخيَّلوا العواقب المترتبة على اجتماع هذه "الشرور الثلاثة" في حُكْم هذه المجموعة.
وإيَّاكم أنْ تظنوا أنَّ السيسي قد تفاجأ بعواقب وتبعات أعماله؛ فهو، أوَّلاً، ما كان له أنْ يحكم، ويعزل مرسي، إلاَّ بهذا "الغطاء الشعبي" المسمَّى "ثورة الثلاثين من يونيو"، وما كان له، من ثمَّ، أنْ يستمر في الحكم، ويوطِّد حكمه، إلاَّ بتلك "المجزرة"؛ فهذا الحاكم العسكري، مع القوى الطبقية والسياسية التي يُمثِّلها، عَرَف، منذ البداية، أنْ لا خيار لديه، إذا ما أراد أنْ يحكم، ويستمر في الحكم، إلاَّ أنْ يَضْرِب جذوره عميقاً في تربة الانقسام السياسي والشعبي المصري، وأنْ يَظْهَر أمام حلفائه من قوى سياسية وشعبية على أنَّه الحامي لهم من خطر "الأسلمة" الذي انطوى عليه حُكْم مرسي، وحزبه وجماعته وتيَّاره، والذي ضُخِّم كثيراً بما سمح له بالتحوُّل بين عشية وضحاها إلى الرجل الأقوى في مصر، والذي بقاؤهم من بقائه، وهلاكهم بهلاكه!
مصر اليوم يتنازعها مَيْلان متضادان: مَيْل إلى مزيدٍ من حُكْم العسكر، وتحكُّمهم في مجرى الصراع السياسي، ومَيْل إلى مزيدٍ من "الأسلمة" للمعارضة، وللصراع، بشعاراته وغاياته وقواه وقياداته وشخوصه؛ ولا ضحية لهذا الصراع بين خَصْميِّ "الدولة المدنية" إلاَّ مصر، بشعبها وثورتها ودولتها ومكانتها ودورها.
"الإنقاذ"، وعلى صعوبته الآن، والتي ستشتد وتَعْظُم مع مرور الوقت، يمكن، ويجب، أنْ يأتي من طريق ما يشبه الانتفاضة في داخل الجيش ضد السيسي ومجموعته العسكرية والمدنية، فيُعْزِل، وتُعْزَل معه، ويُؤسَّس لمرحلة انتقالية جديدة، يتواضَع فيها أطراف الصراع جميعاً على حسم صراعهم بواسطة "صندوق الاقتراع".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليبرالى ممتاز
اشرف الحفنى ( 2013 / 8 / 15 - 11:26 )
أهنيك على ليبراليتك التى يتفق معها الامريكان


2 - شعب السيسي يغتال ثوره يناير
حاتم حسن ( 2013 / 8 / 15 - 14:08 )
اخطر ما تم بعد 30 يونيو هو ما قامت به الجحافل الاعلاميه من عبث با لضمير
الجمعي ومسخ وغسل للعقول وبهدف اعاده انتاج ماقبل 25 يناير بحمايه عسكريه
وبواجهه مدنيه ليبراليه مزيفه-
لقد ابتلعت القطاعات العريضه من المصريين كل ما تم ترويجه من اكاذيب بلغت حد التناقض بما يشي بكارثه حقيقيه المت بالملكات الذهنيه للقطاعات العريضه من الجماهير بعد عقود طويله
من التجريف والتخريب الثقافي والانحطاط القيمي وكلها طالت العوام والنخب علي السواء
انظر الي ابتلاعهم لاكذوبه الثلاثين مليون الذين خرجوا في 30 يونيو
وتصديقهم لكل ما تم الصاقه بالاخوان من اتهامات متناقضه لاتستقيم مع بعضها البعض
كسعيهم لاقامه دوله الخلافه جنبا الي جنب مع ضلوعهم في المخطط الامريكي لتقسيم المنطقه
او تامرهم مع حماس لفتح السجون ابان ثوره يناير جنبا الي جنب مع امتلاكهم لميليشيات عسكريه-فما الداعي اذن للاستعانه بحماس
لقد امتطي السيسي هذه الجموع الممسوخه العقل المشوهه الوجدان التي تختزن
باعماقها تراث بشع من الاستبداد يدفعها دفعا الي البحث عن جلاد جديد تستريح
تحت قدميه
الحدث جلل ويستدعي تاملات عميقه في سيكولوجيا الاستبداد وتجلياتها الكارثيه


3 - تصحيح
جواد البشيتي ( 2013 / 8 / 15 - 15:04 )
عن سهو وخطأ كتبتُ -الخامس عشر من آب..-، بدلاً من -الرابع عشر من آب..-؛ فالمعذرة.


4 - عاش الشعب المصرى و يسقط الاخوان الخونة .
د/سالم محمد ( 2013 / 8 / 15 - 16:22 )
الاخ حاتم حسن . . ايها الاخوانى الذى لا يرى الا ما تراه جماعته الفاشية
من حرق و يحرق الكنائس و محلات و منازل المسيحيين .
من قتل و يقتل المعارضين منذ مقتل احمد ماهر و النقراشى و السادات .
من قتل و يقتل و يفتى بقتل المفكرين فرج فودة فى مصر و حسين مروة فى لبنان
من شتم بلده و سب وطنه (طظ فى مص)
من طبخ دستورا قبليا فاشيا يكرس العنصرية ضد المرأة و المسيحيين
من الذى اصدراعلانا دستوريا يحصن قرارته و يجعل من نفسه ديكتاتورا’
انه انتم ايها الخونة الفاشيون القتلة
الاخوان السفلة اعداءالديمقراطية والحرية و الاخاء و المساواةلقد خرج الملايين لاسقاط الاخوان الهمج و وقف الجيش الى جانب شعبه ,
يسقط الاخوان الفاشيون
عاش كفاح الشعب المصرى
عاش الجيش المصرى


5 - حول التعليق رقم 4
حاتم حسن ( 2013 / 8 / 15 - 21:38 )
ما جاء بالتعليق رقم 4 يجسد بالتمام مااشرت اليه بتعليقي بصدد تراجع الملكات
الذهنيه وانحطاط القيم لدي العوام والنخب علي السواء


6 - أهذا تحريض للجيش ؟
د. حسن الأغا ( 2013 / 8 / 15 - 23:08 )
أيها الكاتب

الجيش المصرى هو قلب مصر النابض ، وعندما تحرك لعزل مرسى فقد تحرك بإرادة الشعب ، وهو سيثبت فى معركته للنهاية ومن خلفه كل شعب مصر عن بكرة أبيه .. وسيتحقق له النصر بإذن الله الذى لا تؤمن به

لقد اعتاد الكاتب فى مقالاته أن يفتى فى كل شىء بعلم وبغير علم مزهوا بنفسه كالطاووس .. لكنه فى مقال اليوم يكشف عن وجه شيطانى خائن خبيث يضمر الكراهية والحقد تجاه مصر وأهلها

اذهب بعيدا ولتكف عنا أذاك ، لا شكر الله لأمثالك



7 - بئس التحليل
حميد خنجي ( 2013 / 8 / 16 - 01:56 )
أيها الكاتب الغريب..إن رأيك لمريب
سنرى ما يقوله المستقبل القريب


8 - يقول الكاتب
عتريس المدح ( 2013 / 8 / 16 - 06:19 )
يقول الكاتب مصر يتنازعها اليوم ميلان :ميل الى مزيد من العسكر...وميل الى مزيد من الاسلمة...) يبدو أن الكاتب يعيش بالمريخ أو في عالم آخر
ما يتنازع مصر اليوم ميل شعبي وجماهيري تقدمي يرفض الامبريالية والرجعية الظلامية وميل الفساد الظلامي الرجعي الذي يقوده الاخوان، إن عدم تسمية الامور بمسمياتها الحقيقية، فاما أنه ينم عن جهل أو عن تعامي واغفال للحقيقة، و أظن الكاتب يجهل حقيقة الوضع، لذا أعني أن الكاتب عندما يتجاهل الحقيقة يكون لامر في نفس يعقوب
عنما يخرج ما يزيد على 30 مليون رافض لحكم الاخوان، لا يمكن الحديث عن عسكر وانقلاب بل عن شعب انضم إليه العسكر والجيش، كما لايمكن أن يشير فض الاعتصام بعد 40يوم إلى نزعة فاشية
يبدو أن الامر فقط مجرد حشو كلام

اخر الافلام

.. بايدن يتمسك بترشحه.. و50 شخصيةً قيادية ديمقراطية تطالبه بالت


.. أشهر مضت على الحرب في غزة والفلسطينيون يترقبون نهايتها




.. نتنياهو يتهم وزير دفاعه يوآف غالانت مع المعارضة بمحاولة الإط


.. قصف كثيف وإطلاق قنابل مضيئة بمناطق شرقي غزة




.. القمر كوزموس 2553.. أطلقته روسيا قبيل إعلانها الحرب على أوكر