الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يهين الجيش المصري علم بلاده!

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2013 / 8 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


بعد انتهاء الحرب الباردة، ومن ثم دخول الالفية الثالثة، تطلعت شعوب الشرق الاوسط الى بناء مجتمعات حديثة، ومتمدنة، واذا كانت مصر هي من علّمت العرب، أن الثورات تكون عن طريق الانقلاب العسكري، كان عليها لزاما ان تمسح عن نفسها "التهمة" بعمل مغاير، أيضا.
كانت عيون الشرق الاوسط ترنو نحو مصر، حين اتاها "الربيع الطلق يختال ضاحكا" ولكنه لم يكن من الحُسن بما يكفي لكي يتكلم، اذ ربما ضحك تهكما لجوٍ مبكي. سقط نظام مبارك، وحوكم رموزه، وقيل سقط بثورة شعبية، وقيل بأن الجيش المصري ليس له مثيل؛ قيل جيش الشعب، جيش وطني، وليس جيش السلطة. جرت اول انتخابات ديمقراطية، حرة، في مصر، وفاز مرشح الاخوان المسلمين برئاسة الجمهورية. وجاء محمد مرسي رئيسا لانقاض دولة، خرجت من جبهة المواجهة مع اسرائيل، وشعب فقير، وفساد اداري، ومالي، واخلاقي، فاحش. لم يكمل الرئيس سنة واحدة حين اتهم بالتخابر مع حركة حماس، فكان ذلك اهانة للمصريين، وجيشهم البطل الذي تخلى عن مناصرة الفلسطينيين! فكيف يتخابر الرئيس مع حماس؟ يبدو انها كانت خيانة عظمى! ولكن من الذي وجه التهمة؟ ومن له الحق في توجيه التهمة؟ هل وجهها النائب العام؟ لااحد يدري. كل الذي يدريه المصريون هو كلام الاعلام، والاعلام فقط.
على اية حال كان الجيش يهيئ كل شئ لاسقاط الرئيس. كيف يهيئ؟ ماهي التنسيقات العسكرية، والدبلوماسية، الداخلية منها والخارجية، التي لم تعرف خفاياها بعد؟ واذا تجاوزنا الاستخبارات العسكرية، التي هي جزء من تشكيلات القائد العام، والموت الدراماتيكي لعمر سليمان، فما كان دور المخابرات العامة؟ والى من يتبع جهاز المخابرات؟ هل يهدي الجهاز اسراره، ومعلوماته، الى السيسي؟ أم الى مرسي؟ أم مازال موالٍ لمبارك؟ أم انه المحرك، والموجه، الاول والأخير للاحداث؟ انها اسئلة لايمكن الاجابة عنها في الوقت الراهن، ولكن ماهو ظاهر، أن الجيش انقلب على السلطة، على طريقة الانقلابات التي كانت تحدث في العراق ابان الحكم الملكي، وشكل حكومة "أراجوزية" تأتمر بأمر السيسي. والسيسي هذا، حاكم مطلق، فلا الرئيس المسكين، ولا نائبه، ولا رئيس وزراءه، يعلمون شيئا من أوامره، سوى وزير الداخلية.
كثير من "العقلانيين" و"المثقفين" و"المراقبين المستقلين" تصوروا، وتصورنا نحن، بأن السيسي هذا سيمثل ضمير الجيش، الموالي للشعب، وليس السلطة، الجيش الذي اعاد الى المصريين جزءً من كرامتهم في حرب تشرين، الجيش الذي اعلن قائده العام من قبل، الرئيس جمال عبد الناصر، الاستقالة من منصبه، لما رآه ينهزم أمام الجيش الاسرائيلي في حرب عام 1967، حفظا لكرامة الجيش، وكرامة مصر. تصوروا وتصورنا بان السيسي سيعيد الامور لنصابها، من خلال الجيش، كما يفعله اي انقلاب "تصحيحي"، اذا جاز التعبير. تصوروا وتصورنا بأن الجيش سوف يدعوا لانتخابات برلمانية، ورئاسية ،جديدة، في موعد مبكر، والاحتكام لصناديق الاقتراع، مرة اخرى، اذ لاراد لما يختاره الشعب، طبقا لرؤيته، وتصوراته، وواقعه الاجتماعي والاقتصادي، وسلوكه، وخصوصياته، وليس بال "مبايعة" وتأليب جهة على جهة اخرى.
ولأن الاحداث التي سبقت، ورافقت، وخلفت، الانهاء الدموي لاعتصام مناصري مرسي في ميداني رابعة العدوية، والنهضة، قد أظهرت بأن حركة السيسي، لم تكن عسكرية صرف، وليست لعزل رئيس، قالت عنه فاشل فحسب، بل حركة سياسية لغرض القضاء على حركة الاخوان المسلمين. واذا كانت هنالك مآخذ على تصرفات الاخوان، وتجربة رئيسهم القصيرة، فهي من الناحية السياسية، على اية حال، حركة تبلغ من العمر ستين عاما ، وذات رصيد شعبي واسع، ولها امتدادات في معظم البلاد الاسلامية، ولايمكن النظر اليها، كمجرد مجموعة من متظاهرين معتصمين، فان الاجراء الذي نفذه الجيش كان يشي بتخطيط دقيق ومسبق، يستهدف الانتصار، بكل الوسائل، ولكن حتى لو أدى الى اهانة الجيش، أو اهانة مصر.
لقد رأى الجميع كيف اكتسحت الجرافات المجنزرة، العسكرية ذات اللون الكاكي، الخيم المرفوع عليها علم مصر، وكيف حرقت الخيم، والسرادق، من دون الاهتمام لاعلام مصر التي احترقت في اعلاها. كل ذلك يعني بأن عملية، عسكرية، نفذت من أجل الوصول لغاية، غير عسكرية، على حساب اهداف الجيش، وكرامته، وكرامة بلاده.
يرتعش المصريون، عندما يرون افلاما، قديمة، عن جنودهم وهم يحررون مرتفعا في سيناء، ويثبتون العلم المصري فوقه، وهم يدركون بأن ذلك ليس واجبا على الجيش، بل أمرا، وعرفا، عسكريا، فيه دلالات وطنية، واخلاقية، وابعادا عسكرية،ووطنية، وسياسية أيضا. ولكن ماذا يقول المصريون اليوم، بعد أن رأو القائد السيسي وهو يحرق العلم المصري أمام أعينهم؟ واذا كانت الدول تحتج من دول اخرى، على حرق اعلامها، وتطلب الاعتذار، كما اعتذرت مصر لاسرائيل، في غير مرة، بسبب حرق العلم الاسرائيلي، فمن سيعتذر لمصر؟ هل هو السيسي؟ أم الرئيس؟ أم الحكومة النائمة ورجلاها في الشمس؟ كما يقول العراقيون الذين قال شاعرهم جميل صدقي الزهاوي:
قف هكذا في علوٍ أيها العلمُ... فاننا بك بعد الله نعتصمُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حربنا ضد الفاشية الدينية عمل عظيم .
د/سالم محمد ( 2013 / 8 / 15 - 15:05 )
يا اخ بهروز . . فى اى عالم تعيش يا رجل ! ! لم يشغلك فى الحرب التى اشتد اوارها ضدالفاشية الاخوانية التى قتلت و عذبت و حرقت كنائس و محلات للاقباط و اقسام البوليس و مقرات الادارة المحلية و قطعت الطرق ، اسوة’ بصلعم الذى كان اول من اسس لتقاليد قطع الطرق و الاستيلاء على القوافل ، لم يشغلك فى كل هذا سوى اهانة العلم الوطنى .
انت تذكرنى بالمثل المصرى ( لم يجد فى الورد عيب ، قال احمر الخدين)


2 - خلل القوي العقليه
ضرغام ( 2013 / 8 / 15 - 17:41 )
بات واضحا أن بعض حالات خلل القوي العقليه سببها ديانه المعتوه. تحيه لدكتور سالم محمد علي تعليقه الذي يعتقد أنه موجه لكائن سليم القوي العقليه. سلامتك


3 - ايمان الأخوان المتدينون
ضرغام ( 2013 / 8 / 15 - 22:28 )
أن ينصركم الناتو فلا غالب لكم. صدق اوباما العظيم
للعلم، تم تغيير أسمه ألي الناكو. خد فطيرك أنت والاخوان



4 - خلوا بالكم
مريم رمضان ( 2013 / 8 / 16 - 01:12 )
الكاتب لا بد أن يكتب على مقدار الشيك الذي قبضه


5 - بهروز الجاف هو إسلامي من كوردي ولهذا!
حميد كركوكي ( 2013 / 8 / 16 - 09:36 )
سحقا لك ياكاكه جاف درويش الكسنزانية و قاذورات الأحزاب الإسلامية الكوردية في حلبچه الشهيد، كفاك يا كاكه من ريالات السعود للحج العمرة السيئة السيط، لتسقط نهيق الحمير الأسلامية الكريهة ❊-;-الله أكبر❊-;- البشع ،، ولتسقط شيوخك الأقطاعية في طويلة وسيد صادق وهورامانات وإلى جحيم محمد المصطفى البظري والهاتك للصغيرات أمثال عائشة!!!!، عاش العلم والمعرفة والجيش العلماني المصري، إذهب إلى أوباما كما جئت ب پاسپورت أجنبي! ياليت لم يكن بهروز إسمك الكوردپارسي!!!! نحن لنا فصاعدا ( بهترين روز )ولكن جهنم للوهابية! و (شب شما تاريك شد وروزتان بد شد آقا بهروز)

اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم