الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرهاب والديمقراطية في‮ ‬الوعي‮ ‬العربي

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2005 / 5 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


المقاومة التي‮ ‬تقودها شرائح اجتماعية متخلفة تسعى نحو السيطرة على المجتمع بفرض الارهاب الفكري‮ ‬والسياسي‮ ‬عليه هي‮ ‬شكل من اشكال الارهاب ولنا في‮ ‬المقاومة والثورة والانقلابات التي‮ ‬حدثت في‮ ‬عدد من الدول العربية خلال القرن العشرين ونتج عنها انظمة قمعية ثورية في‮ ‬الجزائر وتونس وسوريا والعراق واليمن الجنوبي‮ ‬وغيرها مثال فهذه الانظمة لم تكن تمتلك مشروعا حضاريا للعالم العربي‮ ‬بل تحولت من مقاومة وثورة الى شكل جديد من اشكال الارهاب الداخلي‮ ‬ضد المواطنين،‮ ‬فهل نحن الآن بحاجة الى اعادة نفس المشهد في‮ ‬العراق؟

فالمقاومة التي‮ ‬تعتمد على فكر ونهج تنظيم القاعدة هل تحقق الديمقراطية للعراق بعد خروج القوات الامريكية من العراق؟ وهل تملك المقاومة المسلحة في‮ ‬العراق برنامجاً‮ ‬حضاريا‮ ‬يعتمد على صياغة دولة عصرية تحترم التعددية وحقوق الانسان لكي‮ ‬تحترم هذه المقاومة؟ ام انها تسعى الى اعادة العراق الى حلبة الدكتاتورية الفردية ولكن بالشكل السابق او بشكل جديد؟ وهنا نحن نختلف مع القول الداعي‮ ‬الى ان وجود العناصر التقدمية في‮ ‬المقاومة والثورة‮ ‬يعطيها ويحملها مشروعا حضاريا للامة العربية؟ لان هناك اختلافاً‮ ‬بين مفهوم التقدمية في‮ ‬العالم العربي‮ ‬والعالم الغربي‮ ‬بسبب اختلاف الوعي‮ ‬ودرجة التقدم،‮ ‬فالثورات والمقاومة السابقة ضد الاستعمار والتي‮ ‬قادتها احزاب تقدمية وفق المفهوم العربي‮ ‬كانت من نتائجها التصفيات الداخلية وحرب الشوارع ولنا في‮ ‬تجربة الحزب الاشتراكي‮ ‬اليمني‮ ‬في‮ ‬جنوب اليمن والصراع والتصفيات الحزبية في‮ ‬العراق وسوريا وهي‮ ‬تقودها كما‮ ‬يطلق البعض احزاباً‮ ‬تقدمية وفق المفهوم العربي‮.‬

ولكن المشكلة في‮ ‬العالم العربي‮ ‬تتلخص في‮ ‬وجود التخلف الحضاري‮ ‬العربي‮ ‬والذي‮ ‬لا‮ ‬يمكن قياس المفردات وتطبيق الواقع السياسي‮ ‬عليه بنفس الدرجة كما هي‮ ‬عند الشعوب المتقدمة في‮ ‬اوروبا الغربية والولايات المتحدة الامريكية ولذلك فالأحزاب التي‮ ‬تسمي‮ ‬نفسها تقدمية ونحن نفرح وننضم اليها لا‮ ‬يوجد فيها من التقدمية الا الاسم فقط،‮ ‬فالتقدمية الحزبية تكون في‮ ‬المشروع الذي‮ ‬تحمله،‮ ‬فالاحزاب التي‮ ‬تحمل مشروع دكتاتورية البروليتارية او أي‮ ‬شكل من اشكال الدكتاتورية وهذا‮ ‬ينطبق على حزب البعث ايضا لا‮ ‬يمكن اعتبارها تقدمية قياسا ببرنامج متخلف وكذلك هي‮ ‬الاحزاب الاسلامية‮.‬
ولذلك فإننا نقول بان المقاومة والثورة التي‮ ‬تقودها احزاب لا تحمل برنامجا تقدمياً‮ ‬ليبرالياً‮ ‬قائماً‮ ‬على احترام حقوق الانسان والتعددية السياسية والفكرية هي‮ ‬ليست حركات تقدمية ولذلك‮ ‬يجب اعادة الاعتبار للاحزاب الليبرالية التي‮ ‬واجهت الاستعمار سابقا ولكن وفق برنامج بناء الدولة الوطنية الديمقراطية والذي‮ ‬اجهض عليه بتلك الانقلابات والثورات التي‮ ‬شكلت اليوم اغلب الانظمة في‮ ‬العالم العربي‮ ‬ونذكر هنا دور حزب الوفد في‮ ‬مصر وسعد زغلول وهي‮ ‬حركة واجهت الاستعمار ولكن ببرنامج الدولة الديمقراطية لما بعد الاستعمار وهنا هم‮ ‬يختلفون عن جمال عبدالناصر وكيف اجهض بواسطة الدكتاتورية الثورية هذا المشروع،‮ ‬كما ان التجربة تؤكد لنا بان لا ننجر وراء كل من‮ ‬يزعق باسم المقاومة والثورة حتى نعرف ماذا بعدها؟ وكفاية ما حدث خلال الحقبة الماضية‮.‬
والمشكلة ان العالم العربي‮ ‬لم‮ ‬يفهم هذه المعادلة الا بعد سقوط المعسكر الاشتراكي‮ ‬وسوف تتضح الصورة اكثر بعد سقوط انظمة دكتاتورية عديدة تدعي‮ ‬انها احزاب تقدمية حاكمة،‮ ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬اننا مطالبون بإعادة النظر ليس في‮ ‬مفهوم التقدمية والتخلف فقط بل في‮ ‬صياغة الدولة والافكار الاخرى المتعلقة بالمقاومة او الثورة،‮ ‬فالدولة الوطنية في‮ ‬العالم العربي‮ ‬كما كانت قائمة من قبل وفق مفاهيم ايديولوجية لم تعد صالحة ولم تحقق اي‮ ‬نجاح‮ ‬يذكر ولذلك علينا اعادة صياغة مفهومنا للدولة الوطنية وجزء من هذه الصياغة‮ ‬يجب ان تركز على ان الثورة والمقاومة ليس بالضرورة تحقق دولة وطنية ديمقراطية وفق المفاهيم الحديثة في‮ ‬العالم كما فعلت الثورة الفرنسية ولنا في‮ ‬تجربة ايران والعالم العربي‮ ‬عندما قاوم الاستعمار نموذجا‮.‬

كما ان الدولة الوطنية ليس بالضرورة تتشكل في‮ ‬لبناتها الاولى بأيدي‮ ‬مواطنيها فالصوماليون مازالوا عاجزين عن بناء دولتهم الوطنية فهل‮ ‬يترك الصوماليون بدون دولة او‮ ‬يتدخل العالم المتقدم ومنهم الولايات المتحدة الامريكية لمساعدتهم في‮ ‬بناء الدولة الوطنية الديمقراطية؟ وكذلك هي‮ ‬اغلب الشعوب العربية لم تستطع بناء الدولة الوطنية الديمقراطية فلماذا لا نستعين بالمجتمع المتقدم لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية وهذا‮ ‬ينطبق على الثورة والمقاومة التي‮ ‬لم تحقق الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة في‮ ‬العالم العربي‮ ‬بينما حقق الاحتلال الامريكي‮ ‬بعد الحرب العالمية الثانية لالمانيا واليابان الدولة الوطنية والنمو الاقتصادي‮ ‬بعد سقوط انظمتهم الفاشية التي‮ ‬كانت تحكمهم كانت احزاباً‮ ‬تعتقد انها تقدمية واشتراكية ولكنها لم تنجز نصف انجازات القوات الامريكية في‮ ‬تلك البلدان بعد الحرب ولذلك فإن الموقف من المقاومة والاحتلال في‮ ‬العراق‮ ‬يجب ان‮ ‬ينطلق من المشروع الحضاري‮ ‬الذي‮ ‬تملكه الادارة الامريكية وتفتقده المقاومة المسلحة وليس من نرجسية قومية‮.‬

فالحديث عن ان المقاومة‮ ‬غير مسئولة عن صياغة برنامج وان هدفها هو خروج الاحتلال فقط ليس كافيا ومقنعا لانه بعد خروج القوات الامريكية سوف تكون الفوضى ويتشكل نظام دكتاتوري‮ ‬جديد بصبغة اسلامية قاعدية او كما كان سابقا ولذلك علينا اعطاء فرصة للقوات الامريكية لاعادة بناء دولة وطنية ديمقراطية كما حدث مع المانيا واليابان وكوريا الجنوبية،‮ ‬بدلا من الانجرار وراء مواقف تقليدية هي‮ ‬في‮ ‬نهاية المطاف تضر بمصالح ومستقبل الديمقراطية في‮ ‬المنطقة وليكن شعارنا الدولة الوطنية الديمقراطية سواء بأيدٍ‮ ‬وطنية او بمساعدة امريكية لان هناك العديد من الانظمة العربية هي‮ ‬دول قائمة على القمع ولا‮ ‬يمكن ان تسقط إلا بمساعدة امريكية‮.‬








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-