الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كُتُب في يوميّات: العصافير لا تموت من الجليد لأفنان القاسم

فلاح رحيم

2013 / 8 / 16
الادب والفن


الأحد 30 آذار 1980

انتهيت صباح اليوم من رواية "العصافير لا تموت من الجليد" لأفنان القاسم، وقد قرأتها في سرعة غير متوقعة إذا قيست بعدد صفحاتها (242 ص) إذ بدأت بها صباح أمس. هذه الملاحظة يمكن أن تكون مدخلا لتقييم الرواية. تدور أحداثها حول محورين رئيسين هما نضالات الطبقة العاملة الفرنسية والقوى الوطنية اللبنانية في المرحلة الراهنة. وهي بذلك تضع مسارها في المركز تماما من عصرنا وحياتنا المعاصرة، ولا تكتفي بذلك بل تختار أكثر النقاط التهابا وحيوية وتكثيفا للصورة العامة للواقع. كيف دخل القاسم لموضوعه؟ هنالك ممثل لكل محور، أولا شخصية سالم الفلسطيني المهاجر من وطنه إلى فرنسا ليعمل ضمن جيش العمال المهاجرين هناك منذ عشر سنوات. وهنالك أخوه عبد السلام الذي يعيش في تل الزعتر وينشط في النضالات العمالية وأعمال المقاومة. ولكن مركز الثقل يميل إلى الساحة الفرنسية لأننا نتعرف على الأشياء من خلال رسائل يبعثها سالم بالفرنسية، وأحاديث عبد السلام رسائل يبعثها إلى أخيه يعكس بها أوضاعه وأوضاع تل الزعتر.
ماذا كشف لنا القاسم بروايته؟ هذا السؤال هو الأهم. في الحي العمالي يعرض لنا سالم شخصياته؛ حسين السكير، وعائلة لحسن المغربي، وعائلة ماري؛ أمها وأخواها أنطوان والمستهتر أندريه، ومارتا العجوز السنغالية التي تعيش مع سالم، وعصام العاطل المتسكع، وعادل الذي يعد أطروحة في الجامعة ويعتنق الأفكار الاشتراكية اعتناقا خياليا متزمتا ...وغيرهم. تدور أحداث القسم الأول في الشتاء القارص والجليد يغلف كل شيء، وقد حاول الكاتب أن يمزج بين الجليد والواقع القارص الذي يعيشه سكان الحي، كما فعل غالب هلسا في رياح الخماسين في إطار آخر. وقد صور ضياع المهاجر والحياة الصعبة التي يعيشها بحثا عن عمل وعن حياة آدمية، مع إشارات إلى تخلف الواقع العربي الذي دفع بهم إلى هناك. وتبدأ علاقة حب بين سالم وماري الشابة الجميلة العاملة، لكنها تتصدع بعد أن تهرب ماري إلى قصر صاحب المعمل الثري ليتزوج منها ثم توجد مقتولة بعد حملها ويشاع أنها انتحرت! وهنالك حوارات سياسية بين المهاجرين. أما في تل الزعتر فإن عبد السلام يعكس ظروف النضال الصعبة وخطط أبو أرز وأبو الهول لقمع عمال معمل البسكويت. ثم تأزم الحرب الأهلية وانقسام الشعب تحت ضغط الدعاية الدينية الرجعية.
في أقسام الرواية التالية تتوالى الأحداث في الجانبين وتدور الأحداث حول نفس المضامين المذكورة آنفا. ويتعرف سالم على مارلين التي تبيع جريدة (التقدم) قرب المصنع الذي يعمل فيه، وتسافر أختها مادلين إلى لبنان لتشارك في الحرب وتتعرف على أخيه فيحبها. ويتابع الكاتب نضال عمال النسيج ضد إيقاف العمل وتسريحهم ودعم الأحزاب والبلديات اليسارية لهم. ولا مجال لسرد الأحداث بتفاصيلها، لأن التفاصيل والشخصيات في الرواية كثيرة بشكل مميز.
ما تبقى هو مدى نجاح الرواية كعمل روائي يكشف ويقدم رؤيا متكاملة ويتعمق في موضوعه. هذا السؤال محيّر فعلاً. فالفكر الذي ينتشر فيها ويوجه فكر كاتبها واضح وتقدمي ولا اعتراض عليه. ولكني برغم ذلك لا أشعر بالامتلاء منها، لا أشعر أنها هزتني تلك الهزة التي ننتظرها من الروايات المميزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا