الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداع يليق.. رسالة خاصة إلى د/ البرادعي.

مختار سعد شحاته

2013 / 8 / 16
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


وداع يليق بك:
يقول الشاعر: "ودع هريرة إن الركب مرتحل"...
هو وداعٌ يليق يا رجل، لكنه يليق بنا نحن، ويليق بما عرفناه عنك، ويليق بكل ما تعلمناه وحلمنا به، وداعٌ لا يجعلنا نغمط لك فضلا أو ننكر جميلا حين ألقيت بتلك الحجرة في بئر سياستنا الآسن، وداعٌ نعرف به كيف نختلف بود واحترام، وداعٌ يأتي دليل خصام لكنه غير فاجر، نعم هو وداعٌ وإيضاحٌ لك ولأنفسنا ولكل العالم، فغدا تُكتب التواريخ بما للرجال وما عليها، وتُسجل المواقف بما يدعو للفخر أو يوصم بالعار إلى الأبد، هو وداعٌ يا سيدي المحترم، وآخر من كان في نظرنا من الرجال المحترمين من جيلكم، فيبدو أن أجيالنا تعلمت الاحترام بما يليق بعصرنا وفكرنا وثقافتنا التي صارت فاصلا من منمنمات هويتنا الإنسانية يا رجل.

لا أنكر الفضل أبدًا:
أعليت قيم إنسانيتي فوق كل الخلاف في وقت ما، وانتصرت لما آمنت به، فتشت في داخلى عن معنى للحقيقة كي أتمسك به، وكلما كانت تعلو من حولي حناجر الصاخبين، عرفت أنني على الطريق الصحيح، ولا أنكر –يارجل- أن كانت أفكارك التي أعادتني إلى ثابت إنسانيتي ملاذا لحمايتي وتقويتي، تعلمت كيف لا يعلو ولا يزايد فوق ثوابت الإنسان مهما اختلفت مع الآخر، كيف تسمو فوق كل خلاف، أقسم لك –يارجل- اعليت من إنسانيتي وإيماني بك إلى الحد الذي عرض حياتي الشخصية للهلاك، بل هددني في أحب الناس إلى قلبي من أهلي وخاصة بيتي، وكنت تعلمت منك سياسة الصراحة مع النفس قبل الآخرين، والرأي بكل وضوح مهما كان الاختلاف وبهدوء، ودفعت الثمن كبيرا فوق ما تتخيله يا رجل، وفي النهاية كعادتك معي انتصرت انت وما تعلمته منك، فكنت مصدر تقديري وإعجابي، وزاد تعلقي بك شخصيًا كمن كان ينتظر مخلصه من أتون العفن والمتاهات العبثية، وأدركت أنها فتنة تصيبني في كل مفاصل حياتي، لكنك –أنت وفقط- من أخبرني في منامي أنك روح وفكرة، لا شخص من لحم ودم، وانتصرت لي ولك يا أيها الرجل الفكرة والحلم.

إنسانيتي وطني، ووطني إنسانيتي:
أعلن الآن يا معلمي ومانح روحي الكثير- أن فضلك يغمرني، وأنك معجزتي في زمن لا يعترف بالمعجزات، وكلما كنت أزيد الروح حضًا على اتباع أثرك واقتفاء المبدأ، أراني أنتهي إلى كل ما تعلمته منك، حتى جاءت أم المحن، نعم ام المحن يا سيدي، يوم كان علي أن ألتزم بالدفاع والتبرير لمواقف بعينها، أو قرارات شخصية تخصك –حسبتها مبدأ- وهي فقط تخصك وتلزمك بما تعرفه أنت عن نفسك وامكانياتك الإنسانية التي ربما غابت عني وعن من هو مثلي متيم بالفكرة والحلم الذي زرعت فينا، نعم؛ الآن أراني انتصر بأريحية لما دربت الروح عليه حين استلمت طريقك الذي عبدت لنا لنسير فيه، نعم، الآن وجب أن نحتكم إلى ثوابت أخرى تتوازي مع كل ما تعلمناه منك، فلا إنسانية بلا وطن، ولا وطن بلا إنسانية، صنوان هما يا سيدي الآن، وقاطرتنا ما بين الفكرة والحلم لن تستوي عجلاتها متى سارت على قضيب اوحد، فلا إنسانيتنا يمكنها أن تستقيم بلا وطن يؤمن بها ويؤمن ويؤسس لها، ولا وطننا يمكنه ان يصير لنا ولغيرنا وطنا بلا إنسانية تنتصر للجميع، وتعرف أن الأرض هنا تتسع للجميع، لذلك الآن يا معلمي الروحي اسمح لي أن انطلق بهذا التوازي ولو خلفتك ورائي، سأخلفك تخليفًا رفيقًا شفيقًا به من الاحترام لكل ما تعلمته منك.

فلتسمح لي أن أختلف:
يحتم الوضع في مصر الآن أن أختار ما بين خيارين، إما مع الوطن والأرض وإما ضدده، وهو ما لا أعتبره تشكيكًا فيك او تفتيشًا عن نواياك الداخلية، فانا أحترم خياراتك الشخصية، بل وأقدرها، ويكفيني أنها دومًا معلنة منك بلا مواربة، لكني الآن يا سيدي أُلزم النفس والروح وكل الأفكار والمباديء أن تنحاز بصدق نحو الأرض والوطن، وهو انحياز واع لا أعطي به غطاءًا لتوسكرتي منتقم أو دموي متلون، أو رأسمالي عفن منتهز للفرص، هو فقط غطاء ألوذ به من الاتهام الموجه للفكرة بانها ضدد ثوابت الأرض، فحين يقوم مجلس الأمن ولا يقعد لما يحدث في مصر، ومتى تتعالى الصرخات الحقة لتنل باطلا، وتسعى الآليات والمعسكرات لهزيمة وطني بخسة وافتعال وتبيت ليل خسيس، هنا يا سيدي لا مبدا يعلو فوق الوطن، فهو وإنسانيتي وجهان لعملة واحدة، وكما قلت لن تسير قاطرتي بطرف واحد، يا سيدي الرائع الآن أجدني وفقط، إما مع وطني في خندق واحد او ضدد وجوده. أعرف أنها إشكالية وارتباك بغيض ما تمنيت ان أوضع فيه يوما، وأعرف كم الاتهامات التي قد تطال مني بشكل شخصي، أعرف أنه انحيازا قد يستغله البعض لتصفية الحسابات، او ربما لتخطيط دنيء أكون ضحيته فيما بعد، لكن لا أقوى يا سيدي سوي أن انتمي لهذا التراب، أن أقول أني الآن قدرت موقفك وربما تفهمته لكنه لا يناسبني، ولعلي بهذا أدفع شبهة ما اتهمني بها البعض في لفظهم العامي، فرفعت عن نفسي تلك التهمة "خرفان البوب"، ليكن اختلافي هذا معك انتصارًا لكلينا في آن واحد. أعرف يا سيدي، أننا تعودنا منك أنك لا تحيد عن رايتك، وان الجميع مهما زايد عليك يعود إليك، لكن اسمح لي بلا مزايدة أو تطاول ان اختلف الآن اختلاف يكون آخر الدروس لكل هؤلاء المهاجمين لك في شخصي كأنني أنت –وهو شرف أتمنى أستحقه ولا أنكره- سيكون درسًا أخيرًا لا آخرًا، بأننا –نحن- من اعتنقنا الرجل الفكرة والحلم، إنما كان انحيازنا إلى فكرة وطن جسدته الفكرة وشفَّه الحلم فطاب لنا أن نحلم ونحلم به وطنًا يتسع للجميع.

أخير، قول الفصل:
- دكتور محمد البرادعي؛ سامحك الله يا "بوب"، وأتمنى أن يحفظ الله الفكرة والحلم، وحتى إن اختلفنا، فيقيني بحسن النوايا هو ما دفعني لكتابة تلك الرسالة، وأبدًا لن أفجر في الخلاف معك، فأجعل من مقالي هذا بابا للتشويه لك، فهو تأكيد على احترامي لك وتفهمي لأسبابك ورفض لكل محاولات التفتيش عن النوايا والاتهام التي نالت وتنال منك، فتقبل خلافي وابق كما أنت رمزًا تعلمت منه الكثير ولا أنكره.
- أيها القاريء العزيز كما قال عن نفسه، هو قائد لمجموعة من الأحرار "لهم أراؤهم وحرياتهم" غير ملزمين برأي واحد يسوق الجميع. لذا أنا هنا انتصر للرجل واعترف بفضله وباختلافي معه، فأرجوك لا داع للمزايدة على شخصه أو شخصي، فقط اسمح لنا بالتفهّم والاختلاف قدر المستطاع، واتفق معنا على أن هذا الوطن –مصر- يستحق من الخير الكثير. وهو وطن أهل للخير بأهله وكل ما فيه.

مختار سعد شحاته.
Bo Mima
روائي.
مصر_ الإسكندرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إني أخترتك يا وطني
عتريس المدح ( 2013 / 8 / 17 - 11:49 )
إني أخترتك يا وطني حبا وطواعية
إني أخترتك يا وطني فليتنكر لي زمني
ما دمت ستذكرني
يا وطني الرائع يا وطني

يقول نزار قباني
إختاري الحب أو اللا حب اختاري
فلا يوجد منطقة وسطى بين الجنة و النار
فجبنا أن لا تختاري

أحترم و أقدر موقفك، لكنها لحظة التخلي عن بعض الحلم لاجل حماية كل الحلم
مع تحياتي

اخر الافلام

.. الشيوعيون الروس يحيون ذكرى ضحايا -انقلاب أكتوبر 1993-


.. نشرة إيجاز - حزب الله يطلق صواريخ باتجاه مدينة قيساريا حيث م




.. نشرة إيجاز - حزب الله يطلق صواريخ باتجاه مدينة قيساريا حيث م


.. يديعوت أحرونوت: تحقيق إسرائيلي في الصواريخ التي أطلقت باتجاه




.. موقع واللا الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت في قيساريا أثناء و