الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تراث الشيخ برونشتاين

عبد الغني سهاد

2013 / 8 / 16
الادب والفن


من تراث الشيخ برونشتاين
اسمه الحقيقي دافيدوفيتش برونشتاين ..ازداد سنة 1879, واغتيل على يد المخابرات الستالينية سنة 1940 بالمكسيك وهو مؤسس الجيش الاحمر واحد قادة الثورة البولشفية الكبار 1917-1924,ومؤسس المعارضة السياسية الثورية لحكم ستالين البيروقراطي الشمولي , وتلقب بتروتسكي كاسم حركي له في الثورة ,,وفي اواخر حياته بالمنفى سماه اصدقاؤه في الاممية الرابعة بالشيخ ,,,وهو هامة وقامة ماركسية كبرى في اواخر التاسع عشر وبداية القرن العشرين وبلاجدال الدراع اليمنى لمهندس الثورة الروسية ابان انطلاقها لينين ,,,
ان القسم الاكبر من كتابات الشيخ التي الفعا في سنوات النفي لم تكن لا جدلية ولا سسياسية محضة باعتبارها موجهة لعموم الناس اكثر منها موجهة الى اعضاء الاممية الرابعة او الى الاحزاب الثورية التي تناهض الستالينية والامبريالية ,وفيها يظهرتروتسكي ككاتب ملهم من كبار كتاب القرن العشرين ليس في الميدان السياسي بل كذلك في المجالات الادبية , , تمكن رغم القمع والمطاردة ومرارة الهزائم السياسية امام جهاز البيروقراطية الستالينية الكاسحة تمكن من الظهور على مسرح الثقافة الروسية ككاتب فذ عظيم يجاوز ما بين الفن والادب والسياسة ,
ففي كتابه – حياتي –قطع عنائية عن شباب لينين ثم سيرة ستالين مكتوبة باسلوب ساحر وساخر وعننيف احيانا ,وفي كتابه – الثورة المغدورة –نجده يجمع فيه افكاره المتدفقة حول الستالينية واساليبها في خيانة الثورة البولشفية الكبرى , لكن اهم كتبه في مرحلة النفي التي – الاثنى عشرة الاخيرة –كان بلا منازع كتاب –الثورة الروسية الذي مزج فيه ما بين الاسلوب الشعري الملحمي والمواقف السياسية التاريخية الكبرى في مطلع القرن العشرين ,,,
الف كتاب – حياتي – مباشرة بعد وصوله تركيا وتبدو قوة البلاغة والبيان في الفصول الاولى قوية وهو كراس يتحدث فيه عن الطفولة التي قضاها الشيخ في الاحياء الاريستقراطية ففي ازل فقرات الكتاب يضع الشيخ نفسه في مصاف الكتاب والادباء الروس الكبار وهو يقول :( ان تلك الذكريات الغنية عن ايام الشباب والصور عن الحياة الريفية كما نجدها في قراءة اكساكوف- و تولستوى –وترجنيف – سأ سجلها هنا ,,,) فكل صفحة في هذا الكتاب مفعمة بحب الحياة وما فيها من ارضوهواء وغرام بالاشياء الصغيرة , وانغماس في عالم الحواس بشكل ينذر في المذهب الماركسي الكلاسيكي , فهو يكتب عن طفولته في مزرعة الوالد باسلوب يظهر يظهر بكل جلاء مبلغ طكرياته وما تعلق بحياته الادبية المتميزة وهو يقول :( ان المثل لعهد الطفولة يبدا فيما ياخده المحظوظون من ثقافة ,فعهد طفولة امنة رغدة دون تعكير ,,,طفولة تصرف في منزل مرفه غني بالاداب أبا عن جد ,,طفولة حب ووداد ,,,هي طفولته –بينما معظم الناس الاخرين فلا يسترجعون من ذكرياتهم سوى السواد والجوع والسغب والاعتماد على الغير ,,,فالحياة تنال من الضعيف ,,,وهل هناك اضعف من الطفل ,,,,؟)
جل الفقرات والفصول السياسية في كتاب –حياتي – هي الى حد ما تفتقر الى الوضوح اذ يظهر ان الشيخ كان يتحدث فيه عن احداث سبق له ان عالجها في مواضع وكتب اخرى ,,لكن فيه لمعات سياسية ذكية كثيرة الى جانب السخرية الصريحة من زعماء الاحزاب الديموقراطية الاشتراكية ,كذلك نجد ان كتا ب- جياتي – بعيدا كا البعد عن نمط السيرة الذاتية ربما لكون الشيخ كان يعتبر نفسه شخصية عامة ...خصوصا تلك النذرة في الحكي عن حياته الداخلية من احاسيس ومشاعر كعلاقته مع النساء والاطفال فهو يسدل عليها ستارا سميكا من الغموض و الصمت ,,لذلك ففي هذا الكتاب شيء من الضعف ربما لانه الفه في باكورة حياته وكونه ليس قصة حيانه الشخصية تماما ولا سجل عام شامل ,,انما يتعاقب الامران معا في هذا الكتاب في شيء من التردد اللامع ,
- اما تحف كتب برونشتاين على الاطلاق فهو ( تاريخ الثورة الروسية )
الذي الفه في 13 شهرا حين وجوده بالمنفى ,,وهو يشمل على ثلاثة مجلدات ولا شك انه اعظم كتاب يتحدث عن تاريخ الثورة الروسية ,ويبحث في المسائل الماركسية الثورية باسلوب سهل ,,ويمكن عده كتابا شعريا يامتياز في اسلوبه وتناسقه , رائع في اساليبه اللفظية وسرعة سرج الاحداث التي يتذكرها الشيخ كل سهولة مصحوبة باسهاب وعاطفة مرموقين ,لقد تفوق في هذا هذا الكتاب على الكتاب السابق – حياتي - بادراج التفاصيل اللاذعة والضربات الساخرة والملخصات الدقيقة عن الشخصيات السياسية والادبية بعبارات لا مثيل لها جعلت منها صرحا مثينا ,,وهو كتاب تارخي يدل على تمام الوعي السياسي والادراك التاريخي للموضوع المتناول اي الثورة الروسية في منعطفاتها الكبري,,
يقول عن الزعيم الراديكالي (تشيرنوف):( لقد اصبح الامتناع عن التصويت بالنسبة اليه نوعا من الحياة السياسية ...)
وعن كرينسكي يقول : ( انه ليس ثوريا انما كان يحوم حول الثورة ,,,)
( وانه اكب على نوع من الفصاحة التي لا يستسيغها العقل و لا الارادة ولكنها تؤثر على الاعصاب ,,,)
وقال عن مارتوف :( ان ان اللحظة التي يصبح فيها الميزان في حالة نارجح هي ساعته , انه لرجل دولة خلاق ولكنه دائم التذبذب والتردد ,,,,)
واخيرا يقول عن لينين مهندس الثورة عند عودته الى روسيا ابريل سنة 1917:( لقد تحمل سيل كلمات الثناء وكانه شخص فاقد الصبر ينتظر في مدخل بيت لحظة سقوط المطر ,,,,)
اما عن الجماهي فهو يقول :( تتميز الثورة دائما يقلة الادب والوقاحة , ومن المحتمل ان سبب ذلك هو ان الطبقات الحاكمة لم تزعج نفسها بان تعلم الشعب حسن الاخلاق في الوقت المناسب ,,,,)
ان هذا الكتاب عبارة عن ملحمة بطولية تتبع المنحى القصصي للملاحم التقليدية الكبرى باسلوب ادبي ساخر من قدر الاشياء تمليه حتمية الواجب العظيم الذي كرس الشيخ نفسه لانجازه على احسن وجه ,فلا شك ان تشكيل شعب جديد كان هو الهدف الاعظم لهذا الاسلوب .
وفي الختام نسمع اليه وهو يستغيث يسانت بترسبورغ عشية الثورة في المفطع التالي الذي هو جدير بكتابات الادباء الكبار :
( لقد تغير كل شيء ومع ذلك بقي كل شيء على حاله , لقد هزت الثورة البلاد ووسعت الفجوة واخافت البعض واحزنت الاخرين – ولكنها لم تمح بعد اي شيء , كما وانها لم تستبدل اي شيء,,,
ويبدو لي ان هذه البلدة الملوكية مستغرقة في سبات نوم عميق ولكنها ليست ميتة ,,, لقد غرزت الثورة اعلاما حمراء صغيرة في ايدي الانصاب الحديدية للملكية ,,,لقد تدلت البيارق الحمراء الضخمة في واجهات ابنية الحكومة ,,,ولكن يبدو بان القصور والوزارات والمقرات كلها تعيش حياة منفصلة تماما عن هذه الاعلام الحمراء التي قد تغير لونها بسبب امطار الخريف ,,,لقد مزق النسر الامبراطوري ذو الراسين مع الصولجان الامبراطوري حيثما امكن ذلك رغم انهم عادة كانوا يكسونها او يعيدون رسمها بشكل سريع ,,, تبدو جميعها وكانها كامنة هناك ,, كل روسيا كامنة وقد كشرت عن انيابها غضبا ,,,,,)

كتاب تاريخ الثورة الروسية لا يعد ملحمة فحسب فهو ايضا سرد تاريخي بسيط وساخر لاشط بان من يستسلم لقوة تروتسكي القصصية سيجد هذا الكتاب مثيرا لاعجاب الجميل والفضول التاريخي الممتع ,,
طوال فترة النفي كان الشيخ برونشتاين وعائلته هدفا لحملات التشهير والاظطهاد على يد الستاليين رفاق الامس واعداء اليوم وعانى من العزلة من قبل النخبة المثقفة الغربية والشرقية لكنه لم يستسلم ولم يتخل عن النضال المرير عملا وكتابة لاجل ماركسية خالصة غير تحريفية وبناء الحركة الثورية الحقيقية ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حملة هاريس: انتخبونا ولو في السر و فن


.. -أركسترا مزيكا-: احتفاء متجدد بالموسيقى العربية في أوروبا… •




.. هيفاء حسين لـ «الأيام»: فخورة بالتطور الكبير في مهرجان البحر


.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت - الشاعر حسن أبو عتمان | ا




.. الرئيس السيسي يشاهد فيلم قصير خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى