الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفقر في الأراضي الفلسطينية

رائد محمد حلس
(Raid M. Helles)

2013 / 8 / 17
الادارة و الاقتصاد


بالرغم من كل الإنجازات التي حققها الإنسان والتطورات العلمية والتكنولوجية الهائلة إلا أن مشكلة الفقر لا تزال تتصدر قائمة المشكلات العالمية, وما زال ربع سكان العالم يعيشون في حالة من الفقر الشديد. وتظهر مشكلة الفقر وآثارها في الدول الصناعية والدول النامية على حد سواء وتنتشر جيوب الفقر في مختلف المناطق في العالم, وإن كانت مظاهره تختلف من حيث شدتها ونوعيتها. كما أصبح من الواضح أن هناك علاقة قوية بين التنمية وتوزيع ثمارها على الناس, وأن الفقر البشري ما هو إلا نقيض للتنمية بمفهومها الواسع. ومن هنا بدأ العالم يولي اهتماماً أكبر لمفهوم الفقر وأسبابه وعلاقة ذلك بتوزيع الثروة في المجتمع أو طرق الحصول عليها, والأسباب البنيوية التي تتعلق بميزان القوى في المجتمع والعلاقات بين الأفراد, والفئات المهمشة في المجتمع.
وتعتبر ظاهرة الفقر سمة أساسية, وظاهرة لا يمكن إغفالها في المجتمع الفلسطيني, وظاهرة مهمة جداً في تحديد الملامح العامة للاقتصاد الفلسطيني فهي ظاهرة لا تخلو أي فئة منها, وهي قضية مألوفة ومتناولة من حيث أنها ظاهرة اقتصادية, واجتماعية بحتة تؤرق أصحاب القرار في الدولة الفلسطينية, إذ أن هناك فجوة كبيرة بين أعداد الفقراء في فلسطين.
وتتميز ظاهرة الفقر في الأراضي الفلسطينية بخصوصية شديدة تنبع من خصوصية القضية الفلسطيني, وما تعرض له الشعب الفلسطيني من أحداث طوال قرن من الزمن, ولا سيما استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وما ينتج عن ذلك من حصار ومصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات وبناء الجدار العنصري والتحكم في الحدود والمعابر وسرقة المياه وتدمير قطاع السياحة وغيرها, الأمر الذي أدى إلى افتقار دائم لفئات واسعة من الشعب الفلسطيني بسبب هذه العوامل.
وقد عرف البنك الدولي الفقر بأنه عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة, أما الفقر في فلسطين: يمكن تعريفه بأنه حالة عدم الحصول على مستوى للمعيشة يعتبر لائقاً وكافياً بواسطة المجتمع الذي يعيش فيه الفرد ، ويمكن تعريف الفقر أيضاً بأنه مستوى غير مقبول من الأوضاع المعيشية، ووضع يتسم بالحرمان من موارد أو قدرات تعتبر ضرورية لحياة بشرية لائقة. وتشير مفاهيم أخرى متعلقة بالفقر وبرامج وسياسات مكافحته إلى الفقر المدقع، والفقر النسبي، حيث يعطي المفهوم الأول حداً معيناً من الدخل، وتعتبر الأسرة فقيرة إذا قل دخلها عن هذا الحد، في حين يشير الفقر النسبي إلى الحالة التي يكون فيها دخل الأسرة أقل بنسبة معينة من متوسط الدخل في البلد، وبالتالي تتم المقارنة في هذه الحالة بين فئات المجتمع المختلفة من حيث مستويات المعيشة. ولقد عرَف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني كلا من :-
الفقر المدقع : الأسرة المرجعية (5 أفراد) التي يقل إنفاقها عن الحاجات الأساسية من مأكل وملبس ومسكن عن 1783 شيقل لعام 2010.
الفقر : الأسرة المرجعية التي يقل إنفاقها عن الحاجات الأساسية والصحة والتعليم والمواصلات وغيرها عن 2237 شيكل لعام 2010.
ومن واقع البيانات والإحصاءات الرسمية للجهاز المركزي للإحصاء المركزي الفلسطيني وتقارير البنك الدولي حول نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية للفترة (1995-2011), يتضح لنا:
-;- أنه خلال الفترة (1995-1999), بلغت نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية 14% عام 1995, بواقع 10% في الضفة الغربية و20% في قطاع غزة وارتفعت نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية عام 1999 لتصل إلى 23.2%, بواقع 13% في الضفة الغربية و32% في قطاع غزة, من الواضح أن نسبة الفقر في قطاع غزة مرتفعة بصورة أكبر من نسبة الفقر في الضفة الغربية, ويعود ذلك بشكل أساسي إلى انخفاض دخل الفرد في قطاع غزة بنسبة أقل من الضفة الغربية, بالإضافة إلى تعرض قطاع غزة إلى حصار شامل عام 1996, وتضمن هذا الحصار حرمان السكان من حرية الحركة, وتواصل القيود المفروضة على المعاملات التجارية الغزية عبر أراضي48, ومنع العمال من التوجه لأعمالهم في إسرائيل, والذي انعكس بدوره على ارتفاع نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية بشكل عام, وفي قطاع غزة بشكل خاص.
-;- أما خلال الفترة (2000-2002), فقد شهدت تلك الفترة ارتفاع نسبة الفقر بشكل ملحوظ, ويعزى ذلك الارتفاع إلى الأوضاع السياسية المتأزمة على الساحة الفلسطينية بسبب اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000, ومن ثم الاجتياح الإسرائيلي لمدن الضفة الغربية عام 2002.
-;- ويتضح أيضاً, انخفاض نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية من العام 2003 وحتى عام 2006, إذ بلغت نسبة الفقر 35.5% عام 2003, اتصل إلى 24.5% عام 2006, ويعزى ذلك الانخفاض إلى حالة الاستقرار الاقتصادي في تلك الفترة, وزيادة التوظيف في القطاعين المدني والأمني الأمر الذي انعكس على مستوى المعيشة وانخفاض نسبة الفقر. ومن ثم ارتفعت نسبة الفقر في العام 2007, إذ بلغت 31.2%, وذلك بسبب حالة الانقسام وانتشار الفوضى والفلتان الأمني في ذلك العام.
-;- أما خلال الفترة (2008-20011), فقد ارتفعت نسبة الفقر في تلك الفترة من 24% عام 2008 بواقع 16.1% في الضفة الغربية و43% في قطاع غزة, لتصل إلى 25.8% عام 2011, بواقع 17.8 في الضفة الغربية و38.8 في قطاع غزة.
إن ازدياد الفقر في الأراضي الفلسطينية يعود إلى عاملين أساسيين هما: الأول تراجع مستوى المعيشة (انخفاض الدخل), ففي مستوى المعيشة, أشرنا سابقاً إلى انخفاض الدخل المتوسط في الأراضي الفلسطينية, حيث تشير إحصاءات البنك الدولي أن الأراضي الفلسطينية تأتي ضمن شريحة الدخول المتدنية. أما من حيث البطالة وهي أحد الأسباب المؤثرة وبشكل ملحوظ في تراجع مستوى المعيشة وارتفاع نسبة الفقر. حيث بلغت نسبة البطالة 20.9% عام 2011 بواقع 17.3% في الضفة الغربية و28.7% في قطاع غزة.
واستناداً لما سبق فإن الفقر يشكل خطراُ على فئات كبيرة من المواطنين إذ أن نسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر وصلت إلى 70% من المجتمع الفلسطيني وذك حسب إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني, ومن الجدير ذكره أن هذه النسبة تشمل جزءاً كبيراً من الموظفين الذين يعملون في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية, كما أن هناك مئات من العمل الفلسطينيين الذين كانوا يعملون في مصانع وشركات ومتاجر, وأصبحوا بدون عمل نتيجة إغلاق تلك المصانع أو توقفها عن العمل بسبب تدميرها من قبل الاحتلال أو من خلال منع المواد الخام لتلك المصانع.
وعليه فإن مشكلة الفقر مرتبطة بعاملين أساسيين دخل الفرد وارتفاع البطالة, لذا من الضروري أن تقوم الحكومة الفلسطينية بتبني سياسات من شأنها مواجهة الفقر والحد منه, وان تتبنى سياسات لتوفير فرص وتنمية القدرات والموارد الطبيعية, بالإضافة إلى إعادة توزيع الدخول ثم الحاجات الأساسية, وتكثيف العمالة من خلال إقامة المشاريع التي تحتاج إلى أيدي عاملة, وتوفير المنح من أجل تزايد الاستثمار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل


.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده




.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال


.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.




.. محمد رفعت: الاقتصاد المعرفي بيطلعنا من دايرة العمل التقليدي