الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر و الحسابات السياسوية

حنان بن عريبية
كاتبة

2013 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


ما حصل في مصر ليس إقصاء للإخوان فقط و إنما لكل القوى المدنية و التقدمية. وهو ما يذكرنا بثورة 1952 بداية تقهقر النهضة المصرية التي عرفت أوجها في العصر الذهبي للفترة الليبرالية التي عرفتها مصر في النصف الأول من القرن 20. وهي الفترة التي أعطت لمصر و العالم العربـي الشخصيات العظيمة التي نعرفها في جميع الميادين الفكرية و الفنية و الثقافية.... لم يسجل التاريخ ازدهار دولة عربية و تقدمها في ظل حكم الجيش. و بتفحص التاريخ نجد أن جميع الدول التي شهدت حكم العسكر عرفت تقهقرا على جميع المستويات وحتى الدولة العثمانية رغم استمرارها لمدة تفوق الستة قرون و سيطرتها على أجزاء كبيرة من العالم لم تخرج لنا فيلسوفا أو عالما في أي ميدان و إن عرفت بعض الأسماء العظيمة في مجال المعمار الذي كان مرتبطا بالطبيعة العسكرية للدولة .

و هذا دليل آخر أن عسكرة الدولة يؤدي دائما إلى تقهقرها. بعد ثورة 25 يناير و بعد الانتخابات و بنزول الشعب المصري للشوارع معبرا عن رفضه حكم الإخوان أقرت المؤسسة العسكرية المصرية ظاهريا تبنيها للمطالب الشعبية. مما أفرز بديهيا تأجج الوازع الديني للجماعات الاخوانية التي ترى في مرسي نصرة للإسلام قبل التفكير في صلاحية هذا الشخص لتأسيس مسار ديمقراطي و هو وازع بعيد كل البعد عن الوازع الوطني الباحث عن مصلحة البلاد في التعايش السلمي في كنف حماية الحريات الأساسية للأفراد. زيادة أن الحل الأمني واجهة أخرى تعبر عن تسلط و توغل الجيش في جميع مؤسسات الدولة و دواليبها.

الخطر يكمن في التطرف العسكري و الاخواني. فالتجاذب بينهما عبارة عن حلبة صراع الآن من أجل الحكم و بالتالي بقاء المصريين في ظل الاستبداد. فالجيش المصري في فكه لاعتصام رابعه العدوية بالطريقة القمعية ليس له مبرر إذا نظرنا من زاوية أنهم مواطنون مصريون واعتصامهم سلمي و لا يشكلون خطرا على الأمن العام. أما تســاقط الضحايا و فك الاعتصام برفع السلاح يصبح الأمر عبارة عن إبادة فكرة حتى و لو لم يستحسنها الأغلبية فهي تبقى مجرد فكرة اختارت الاحتجاج السلمي. و بهنا تصبح النتيجة واحدة تعصب عسكري و تعصب طائفي مما يكون سببا رئيسيا في إضعاف الدولة

و في ظل ما جرى لن يكون الحديث عن دولة مدنية و ديمقراطية و إنما دولة صراع و تناحر من أجل السلطة.

إن منطق إما الكل أو الدمار سيجعل مصر تعاني تراجعا و ترديا على الصعيد الاجتماعي و الاقتصادي. فلا تعاطف مع القتل و تبرير الجريمة سواء كان من السلطة أو ممن ضد السلطة خاصة أن فتح بوابة الاقتتال و العنف سيدفع بكل الأطياف الطائفية من داخل البلاد و خارجها في مواجهة ما يطلقون عليه بالطاغوت و إشعال لهيب التكفير لتتحول مصر ساحة معركة. هي بالأساس معركة مصريين ضد مصريين لتسعد مصالح كل من يتربص شرا بهذه البلاد. فإضعاف الدولة المصرية و هز تاريخها يلقى ترحابا عند ممن يرون في تقدم مصر و انتعاشها و رقيها خطرا حقيقيا..

هنا يجب على القوى التقدمية أن تلعب دورها باصرارها على مبادئها مهما كانت الظروف وبعيدا عن منطق الحساب السياسوي و أن تواجه المنزلق الذي تعيشه مصر والذي سيؤدي بها إلى انقسامات قد تكون بوادر انتشار عقليات جهادية الشعب المصري في غنى عنها و لا نرجو لمصر ما حصل في الجزائر و سوريا و إن اختلف السيناريو. من ناحية أخرى قد نصفق للجيش و ننحني له عندما يكون واجبه وطنيا حماية من الأخطار الخارجية لكن الموضوعية في المسألة المصرية تشير إلى انتهاج منظومة عسكرة الدولة الذي لم يحقق تقدما قط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رفض
مواطن ( 2013 / 8 / 17 - 04:08 )
حكم الجنرالات ولا حكم الميليشيات


2 - هل يعترف مجمع اللغة العربية بنحت كلمات كالسياسوية؟
ليندا كبرييل ( 2013 / 8 / 17 - 05:57 )
الأستاذة حنان بن عريبية المحترمة

مع احترامي للكتاب الذين يلجؤون إلى مصطلحات جديدة فإني أسأل بذات الوقت
هل يعجز كتابنا عن استخدام ألفاظ اعتاد القارئ عليها وفهم استعمالها لينحو إلى كلمات جديدة لا ندري إن كانت من العربية التي اتفق عليها مجمع اللغة العربية؟
أم أنها من بنات أفكار أحد الكتاب وقام الآخرون بتقليده؟
أو هي لإضفاء صبغة( الثقافوية)على شخصية الكاتب الذي يلجأ للغريب؟

كنت أتجاوز الأمر لو أنكم حضرات الكتاب تعمدون إلى نحت ألفاظ جديدة
أما أن نقول( سياسوية) ولفظة السياسة أمام عيوننا
و( ثقافوية) ولفظة الثقافة بين أيدينا
فهل يعجزكم أن تقولوا اقتصادية وثقافية وسياسية وغيرها من الألفاظ التي بدأت تتسرب للغتنا دون داع؟
أم تريدون من هذه ال( ويّة) تغليب انطباع معيّن؟
كل القصة واو مكسورة لكنها تبعد القارئ عن الكاتب نفسيا
إنها فذلكات أحدهم أراد أن يوحي بثقافته العالية وهو يعمد لطعج لسانه واللجوء إلى الغريب غير المعروف

نزار قباني ومحمد الماغوط جعلوا اللغة تأكل وتشرب معنا وفتحوا بألفاظهم كل أبواب اللغة
فعلام هذه الموضة الجديدة؟
انحتوا لنا الجديد في العلم وربّوا أجيالنا على لغة متواضعة
شكرا





3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 8 / 17 - 11:51 )
ما حصل في مِصر هو إنقلاب عسكري على الشرعيّه , و الآن , هذا الإنقلاب يمارس الديكتاتوريّه بحق المطالبين بالشرعيّه عبر السلميّه .


4 - تحية
خلدون طارق ياسين ( 2013 / 8 / 17 - 22:35 )
الاخت حنان المحترمة
ان البديل عن الحكم العسكري هو الحكم المدني وحكم الاحزاب السياسية ولكن يا اختي الكريمة ان الاحزاب السياسية في البلاد العربية هي احزاب فاسدة بامتياز وتمارس القمع بامتياز وراجت وفاحت منها رائحة الفساد ولم يستطيعوا الى الان من بناء الدولة المدنية والدليل انا اتكلم عن ما يحدث في العراق وفي لبنان وفي تونس وفي كل البلاد التي تمارس الحكم الديمقراطي , انها تجارب فاشلة بامتياز وان الحكم العسكري بعيوبه قدم لنا تجاربا تنموية في مصر وفي العراق افضل مما قدمه الحكم الديمقراطي ولكن كان عيب العسكر في تلك الدول انهم كانوا لا يعرفون متى يغادرون وهذه هي العلة اما عن تجاربهم التنموية فهي افضل بكثير من تجارب الحكم المدني .

اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار