الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساتنا أننا متخلفون

عارف آشيتي

2013 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


قرأت بعض المقالات للأخوة الكتاب يلقون فيها باللوم على حزب الاتحاد الديمقراطي (ب. ي. د.) بسبب هجرة الكرد لمناطقهم. ويبينون في مقالاتهم هذه أن سبب الهجرة هو فقدان المواد الغذائية الأساسية وارتفاع الأسعار، وكذلك انقطاع الماء والكهرباء. يعزون سبب ذلك إلى الحزب المذكور. منهم من في مقالته يترجى أن يعي هذا الحزب ويعود إلى رشده ويكف عن الإضرار بالشعب، وغيره، ومنهم من يعتبره عميلا للنظام...
إذا أردنا الحقيقة باستحكام العقل والمنطق فحزب الاتحاد الديمقراطي ليس هو من يسبب فقدان المواد الغذائية والأدوية، وانقطاع الماء والكهرباء. ما هو حاصل وواقع في مناطقنا يقوم به النظام، ولا غيره. سبب عزونا كل هذه النتائج إلى حزب الاتحاد الديمقراطي هو عدم معرفتنا التامة بأساليب النظام، وأيضا غياب المقارنة والمطابقة لدينا مع تناسي تاريخ السلطات الحاكمة. وكل ما نقوم به هو تفسير الظاهر والحكم بموجبه. إذا أخذنا مثالا لتوضيح ما نقوم به سيكون مفيدا. إذا حكمنا على المصابيح الكهربائية التي تنور الظلمة في ليالينا والأماكن التي لا تصل إليها أشعة شمس النهار، لقلنا أن المصباح هو مصدر النور والضياء، لا أكثر. لأن الظاهر لا يرينا المولد الذي يحركه المحرك أو التوربين الذي تدوره شلال الماء من السد. كلنا يعلم أن المصباح جزء مكمل لنظام هدفه انتاج الطاقة الكهربائية التي تؤدي الكثير من الخدمات منها الإضاءة. فحزب الاتحاد الديمقراطي (ب. ي. د.) هو جزء من هذا النظام كالمولد للطاقة الكهربائية. في هذه الحالة لا يحق لنا أن نعزوه إلى مجموعة غير مجموعته.
عندما نحسبه على الحركة الكردية، نقع في خطأ كبير. فهو لا ينتمي إلى المجموعة الكردية إلا أن عناصره من الكرد. إذا كان الجيش الأميركي لديه كتيبة من الكرد، هل هذا يعني أن هذه الكتيبة هي كتيبة من كتائب الجيش الكردي؟ لماذا نصر أن هذا الحزب هو فصيل كردي ونحسبه على الكرد؛ بينما هو جزء من أجزاء هذا النظام، وعليه يجب التعامل معه على هذا الأساس، وعلى جميع الأصعدة. حينما نحسبه على الفصائل الكردية يتمكن النظام منا كما يشاء، أما إذا بيّنا للعالم أجمع أنه فصيل من فصائل النظام، فكل ما يقوم به سيحسب على النظام، وقتها يمكن للمنظمات العالمية وكذلك المحافل الدولية أن ينظروا إلى قضيتنا بزاوية صحيحة، بعيدا عن مآرب ومخططات النظام. هذا الخطأ الذي نقع فيه يكلف على حراكنا السياسي وعلى الشعب الكردي برمته كثيرا.
يبدو أننا نسينا التاريخ الحديث، عندما قدمت فرنسا وبريطانيا إلى مناطقنا شكلتا منا حكومات وسمتها بالحكومات الوطنية، وكذلك وضعتا لنا برلمانات وفرضت علينا انتخاب أعضائها منا وما إلى هنالك من هذه الإجراءات. ولكن أجدادنا وآباؤنا لم يرضوا بحكومات فرنسا وبريطانيا المشكلة منا ولم يعترفوا بها ولم يحسبوها على أنها تمثلهم وكذلك برلماناتهما، فكانوا ثوارا يلقنونهما أروع دورس النضال والمقاومة. ولم تعترف المحافل الدولية بتلك الحكومات كحكومات وطنية، بل كانت تعتبر حكومات الانتداب والاستعمار. باعتبار وضعنا لا يسمح أن تكون لنا حكومة وطنية من قبل النظام، فاستعاض عنها بهذا الحزب. من المفروض أن نعتبره حزب السلطة كما كان الأجداد والآباء يطلقون على حكوماتنا الوطنية أثناء فترة الانتداب والاستعمار. لو أننا تصرفنا حيال هذا الحزب كما أسلافنا، لما استطاع سيادة الرئيس مسعود البارزاني إهانتنا بذلك الشكل عندما خصه بنصف المقاعد فيما يسمى بالهيئة الكردية العليا.
نقوم بحل المعادلة بطريقة خاطئة ومن ثم نلوم العالم بأسره لماذا لا يساعدنا في الحل. أولا علينا اثبات جدارتنا، وليست تبعيتنا للغير، وعدم الانجرار بما يوهمنا الغير أن ما صنعه هذا الغير هو جزء منا ويمثلنا، للعالم، والتأكيد أن هذا الحزب ليس فصيلا من فصائلنا، بل هو النظام في لباس الكرد، وقتها إذا رفض العالم مساعدتنا؛ حينها علينا أن نعترض، ونلوم.
فقدان المواد الغذائية وانقطاع الماء والكهرباء، هو محاولة النظام لكي ننضم إليه في محاربة الثورة السورية، بالرغم من اختراق هذه الثورة من قبل النظام، مع ذلك تبقى وطنية بالتزكية؛ لأنه ليس بوسعنا تنقيتها لتصبح وطنية خالصة، ولا نملك بديلا عنها. طالما لا نقبل الانضمام إلى معسكر النظام، لن تكون هناك المواد الغذائية ولا الأدوية ولا الماء ولا الكهرباء. والأدهى من هذا أن النظام فشل في إرضاخنا للانضمام إليه، قام بمحاولات أخرى، وهي تكليف سيادة الرئيس مسعود البارزاني ليجرنا الأخير إلى الانضمام إليه، وكانت أولى مبادراته تشكيله للهيئة الكردية العليا. حين وجدها غير مجدية عدل عنها إلى غيرها واصطدم بالفشل إلى أن أسعدنا حين استوهمنا أنه سيحقق في دعايات حزب الاتحاد الديمقراطي بصدد مهاجمة الإسلاميين للكرد وهدر دمهم مع سبي أولادهم ونسائهم. فطلب بتكليف تشكيل لجنة وإرسالها إلى سوريا لتقصي الحقائق إن ثبتت صحة المعلومات تلك سيدافع بكل ما أوتي من قوة عن الكرد الأبرياء! هذا التكليف خطير جدا، وينم قبل كل شيء عن عدة أشياء تخص سيادته وعداها يعتبر وعدا من وعوده الباطلة، كما يقول كعب بن زهير بن أبي سُلمى:
"صارت مواعيد عرقوب لها مثلا*****وما مواعيدها إلا الأباطيل
فليس تنجز ميعادا إذا وعدت*****إلا كما يمسك الماء الغرابيل ".
بصدد ما يخص سيادته
أولا، يطلب تشكيل لجنة لتذهب إلى سوريا من أجل تقصي الحقائق! لا يمكن لسياسي حاكم أن يتصرف بمثل هذا، فسوريا دولة مستقلة لها سيادتها ولا يمكن لأي دولة أن ترسل إليها لجان لتقصي الحقائق إلا بموافقتها (سوريا) بشكل رسمي، وهذا غير حاصل، على الأقل، لم يخبرنا سيادته أنه حصل على موافقة سوريا لإرسال تلك اللجنة إليها. وهذا يوحي إلينا أن سوريا إحدى محافظاته سيرسل إليها لجنته الحميدة، وقتها، من حقه القيام بذلك. إن دل هذا على شيء؛ إنما يدل على جهله التام بأمور الدول والعلاقات الدولية. شخص على هذا القدر من الجهل بأمور الدولة وبعلاقات الدول فيما بينها كيف لنا أن نثق به كقائد سيقودنا إلى النصر. واضح أنه سيؤدي بنا إلى الدمار المحيق. واستغرب كيف لشعب مثل الشعب الكردي في سوريا يُسَلِّمُ أموره لهذا المحنك والداهية. وما تسكعنا، حتى هذه اللحظة، على أعتاب أبواب المعارضة السورية، إلا من تسليم أمرنا إليه والائتمار بأوامره، ابتداء من المجلس الوطني الكردي ومرورا بالهيئة الكردية العليا والتحالف السياسي والحزب الكردستاني السوري... من المعيب جدا السير خلف هذه الداهية، أهيب بجميع كرد سوريا أن ينفضوا من حوله. لم نجنِ منه، حتى الآن، سوى تضييع الوقت والفرص. كل مَنْ انضوى وينضوي تحت رايته يعتبر مخطأ ومغررا به.
الدفاع عن الكرد الأبرياء. هنا، كيف له أن يدافع عنا والنظام يسحقنا، ونكاد أن نموت جوعا وعطشا، وسيادته لم يستطع أن يفرض على النظام عدم قطع الماء والكهرباء وتوفير المواد الغذائية الأساسية حتى لا نموت، وهذه من ضروريات الحياة بفقدانها يفقد الكائن الحي حياته. نسرد بعض المعطيات الطبية عن حالة العطش لدى الإنسان:
في حالة العطش الشديد تنخفض كمية اللعاب في الفم؛ بحيث لا يستطيع الإنسان القيام بعملية البلع.
في ظل الأجواء الشديدة الحرارة وبدون ماء فأقصى ما يستطيع الإنسان مقاومة العطش والبقاء على قيد الحياة يوم أو يومين أو ثلاثة أيام.
إذا فقد الإنسان 5% من ماء جسمه فقد صوابه والحكم على الأمور، وإذا بلغت النسبة 10% صمت أذناه وأخذ بالهذيان مع فقدان الإحساس بالألم، أما إذا بلغت النسبة 12% فيستحيل البقاء حيا وإن وجد الماء.
وليس هذا فحسب، بل خاصم حزب النظام من أجل واردات معبر سيمالكا، وأغلقه دون أن يراعي معاناتنا من شحة المواد الغذائية والأدوية، ليس بسبب شيء سوى الجانب المادي. ألا يكفينا هذا مثلا أن سيادته لا يهمه مشقتنا وعذابنا ومعاناتنا؛ فالمهم في هذا بالذات كان الواردات. لو كان صادقا في محبته لنا وليس محبته للمال، لدفع لحزب النظام فضلا عن الواردات علاوات إضافية، لكيلا يموت الأطفال والرضع جوعا، وكذلك رأفة بالمرضى أن يموتوا بسبب فقدان الأدوية!
أعود وأكرر أن مَنْ منا يتغاضى عن هذا، ويمدح سيادته وينسب إليه الأمانة تجاه قضيتنا الكردية في جزئنا المنضم إلى سوريا لن يكون سوى انتهازي ومتملق، لا فرق بينه وبين سيادته وحزب السلطة.
تزور وفود سيادته كلا من دمشق وأنقرة وطهران، كما تزوره وفود النظام، ولسيادته ممثل لدى النظام السوري المعروف لدى سكان القامشلي قبل سنوات عديدة. ولم يقطع سيادته علاقته مع النظام الدموي يوما. مع ذلك نعطيه الثقة! وهذه الثقة المعطاة هي مصيبة المصائب لنا نحن أبناء هذا الجزء.
أخاطب الكتاب والمثقفين والأدباء بملء الفم، وبصوت عالٍ: استخدموا عقولكم ولا تصدقوا ما يعدنا به سيادة الرئيس مسعود البارزاني، بل ردوا عليه بصريح العبارة كفاك كذبا ودجلا علينا، وكفاك إرضاخنا للنظام. ولا تدعوا لأبواقه من الكتاب والأحزاب والمتملقين والانتهازيين أن يضللوا الجماهير؛ وذلك عن طريق كتابة المقالات وإجراء الدراسات وإقامة التحاليل المتناولة أكاذيب هذه الأبواق. إذا لم تفعلوا ولم تتحملوا المسؤولية في ذلك فلا تلوموا إلا أنفسكم. غدا، إن بقي الأرض أرضنا، ونجا من الجوع والعطش هذا الشعب المعاني سيسوي بينكم وبين حزب الاتحاد الديمقراطي (ب. ي. د.). إذا أردتم ذلك لأنفسكم أي السكوت عما يفعله بنا، وقتها لا بد أن نكون متأكدين أن كرد سوريا صاروا كهنود الحمر في أميركا وكندا. بل أقل منهم؛ لأن للهنود الحمر محميات ويتلقون أجرة أرضهم ومعفون من الضرائب؛ بينما لن يكون لنا ذلك، وسنصبح في خبر كان. وهذا هو الأرجح.
ملاحظة: ألفت عناية الأخوة القراء بالدخول إلى موقع الحوار المتدن، هو الموقع الوحيد الذي ينشر أمثال هذه المقالات. فالمواقع الكردية، السورية بشكل خاص، تمتنع عن نشرها. ولا أدري سبب ذلك، ربما يكون سببه أنها تتقاضى من هذه الجهات التي تتناولها هذه المقالات مبالغا من المال أو أنها تتلقى التهديدات منها. طبعا، إذا كانت أمثال هذه المقالات تثير اهتمامكم.
----------------------------------------------------
عارف آشيتي [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط