الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الثاني

أشواق عباس

2005 / 5 / 15
الادارة و الاقتصاد


أسباب تحول القروض إلى مديونية
الفكرة الأساسية في الحصول على القروض كانت بالنسبة للبلدان النامية هو تحقيق التنمية الوطنية و تطويرها و استمرارها كما سبق الإشارة إليه في الجزء الأول .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا تحولت هذه القروض إلى ديون تثقل كاهل هذه البلدان؟ ، مع العلم انه كان يجب على هذه القروض أن تظل ضمن نطاق القروض ، أي أموال تأخذ ليعاد تسديدها على دفعات يتم خلال الوقت الذي يفصل الأخذ و التسديد استعمالها في تحقيق تنمية وطنية لتسدد بعدها من مخرجات هذه التنمية .
يزعم البعض أن التزايد الكبير و السريع في ديون هذه البلدان النامية عامة و بشكل خاص البلدان العربية يعود بشكل أساسي إلى انخفاض حدود التبادل التجاري بينها و بين البلدان التي قدمت هذه القروض أي البلدان الصناعية ، و بمعنى أكثر وضوحا يرجع أساسا لارتفاع أسعار السلع التي تصدرها للبلدان الصناعية ، و بذلك تتحمل البلدان النامية جراء ذلك خسارات مالية تزيد من الضغوطات الشديدة على النقد الأجنبي الذي تحتاجه هذه البلدان أصلا من اجل تمويل مستورداتها ، و تشغيل آلياتها الاقتصادية إضافة إلى ارتفاع سعر الدولار و أسعار النفط المستورد المصنع ، و بالتالي الفوائد المترتبة على ذلك ، و هنا علينا أن نقر بأثر هذه العوامل على زيادة العجز في ميزان المدفوعات الخارجية للبلدان المتخلفة و بالتالي زيادة ديونها الخارجية .
إلا أن ذلك لا يبرر وحده مسألة تراكم الديون على البلدان العربية بشكل خاص .إن أساس المشكلة و جوهرها يكمن في الطريقة التي عالجت بها الطبقات البرجوازية الناشئة و القيادات السياسية التي حكمت البلاد بعد استقلالها مسألة بناء الاقتصاد الوطني و النهوض بالمجتمع ، فهدفها كان الاستقلال السياسي بأسرع طريقة ممكنة و تحقيق النمو الاقتصادي السريع و التخلص مما تركه الاستعمار من تخلف و تبعية .
إلا أن الطريق الذي سلكته تلك البلدان لانجاز طموحاتها المشروعة طبعا شكل جوهر الأزمة ، فالفكرة التي سيطرت على القيادات السياسية تلك ، و التي قامت بتنفيذها عمليا هي النظرية الرأسمالية التي تقوم على فكرة أساسية فحواها أن التنمية الاقتصادية تتحقق بزيادة الاستثمار ، أي انه بالإمكان و خلال فترة قصيرة جدا قد لا تتجاوز العقدين أو الثلاثة انجاز المهمة الملقاة على عاتقها ، و ذلك طبعا يكون باستيراد التكنولوجيا الغربية و بالتالي تختصر هذه البلدان الفترة الزمنية التي تحتاجها هذه التكنولوجيا لتصل مباشرة إلى تشغيلها و بالتالي الأرباح المباشرة ، إلا إنها لم تأخذ في حسبانها محدودية قدرتها على الادخار و بالتالي قدرتها على الاستيراد و بسبب ضالة القطع الأجنبي لديها و الذي يجب أن يتأتى من تصدير السلع و الخدمات منها إلى تلك البلدان الصناعية .
فوجدت بذلك نفسها مجبرة على الاقتراض و طلب المساعدات لتمويل و تنفيذ مشاريعها الاقتصادية .
و لم تكلف نفسها عناء البحث في كيفية أو آلية إيفاء هذه القروض ، لان النظرية الجاهزة التي تبنتها تقول أن مردودية هذه الاستثمارات في البلدان المتخلفة هي أعلى بكثير مما هو في البلدان الصناعية فهي لا تقل عن 25 % و قد ترتفع لتصل إلى 50 % ، و إذا حاولنا تحليل هذه النظرية المشار لها فهي ظاهريا تبدو صحيحة على الأقل لأنه من البديهي إن الاستثمار هو أساس تجديد الإنتاج و توسيعه ، أي هو أساس النمو الاقتصادي .
لكن الإشكالية الكبرى التي تكمن في النموذج الذي طبقته الدول النامية هو أن إنشاء هذه المشاريع الذي اعتبر أساس التنمية دون النظر لأسباب التخلف و جذوره العميقة و إلى القوى الفاعلة الأساسية في عملية التنمية من حيث شموليتها لجميع البني اقتصادية و سياسية و فكرية و ثقافية .
أي أن هذه النظرية التي طبقت لم تؤدي إلى التنمية بل أدت إلى تفاقم أزمة المديونية ، هذا من جهة أما من جهة ثانية فقد لعب عامل ثاني دوره في تفاقم هذه الأزمة هو عدم قيام هذه القيادات بتوزيع الاستثمارات وفق إستراتيجية هدفها التنمية المدروسة على أساس أوضاع البلد و طريقة تطوره و عدم ترشيد عمليات الاستثمار كإعطاء الأولوية للمشاريع الأكثر جدوى اقتصادية .
أي انه كانت حالة هدر كبير في طريقة الإنفاق الاستثماري كمدجلات و ضالة الجدوى الاقتصادية كمخرجات .
الأمر الذي أدى إلى استجداء المزيد من القروض، الأمر الذي أدى إلى عدم إيجاد زيادة في الإنتاج وبالتالي ضالة الصادرات و عدم توفر القطع الأجنبي اللازم لتسديد إقساط القروض ، مما حولها إلى ديون أثقلت كاهل هذه الدول ووضعتها في موقف صعب ، فهل تقبل بما تفرضه هذه الدول عليها من شروط علها تمنحها المزيد من القروض أم تأبى ذلك لتحافظ على خصوصية سيادتها و لكن إلى أي حد ستكون بإمكانها المحافظة على خصوصيتها و مقاومة عملية لاندماج تلك .
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 بالصاغة


.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل




.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده


.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال




.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.