الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤوس الشياطين

يوسف الأخضر

2013 / 8 / 18
الادب والفن


إن أغلب الناس غلبه التودد من الحياة سلبا لها، و اشتد به قلق المستقبل فاستعبد بها، فهي أصل الرق و موطن استلاب الحرية. إن أجل الموت ليعجل من قلق الموت أتناء الحياة، حتى و إن تناساه الناس يظل يستحود أرقه على تفكيرهم الصامت، ليجعل الموت يتربص بين سراديب البقاء بفريسة تشبع رغبته الجامحة في التلاشي و الفناء. أي سر هذا يجعل الناس تغوص في جنون غريب؟ هنالك شيء أو لا شيء يربض مغترا حد التخمة في أعلى الممكن أو أسفله! فليس الوجود إلا لعبة شديدة التعقيد و الإتقان، صعب المراس على الذين يتقنون لعبها، بينما، وأغلب الناس لا ينظرون إلا بعين الجد المتعالي، يسهل عليهم عبور جسر الوجود بأعين مغمضة، فكل الطرق تؤدي إلى نفس المصير.

إني أشد الطالبين من الناس على العلم و المعرفة، و عليكم. و الحق يقال هنا لأجله لا من باب تقدير النفوس. أن تشحدوا كل قواكم من أجل استحضار وعي أنيق بالواقع، واجعلوا منها رغبة جديدة و أصيلة بالحياة، فبالرغبة تأتي الحياة. إنه لمن أشد الأسف أن تسمو الإنسانية على الإنسان. فبالإنسان تتطلع الإنسانية للإرتقاء والاعتلاء، ألم تكن تائها وسط الأدغال! غارقا في وحل التوحش و الظلام ! فهاذيت سلما بين الفرق وسلّمت نفسك تسليما، ألم تنحث السنوات و العقود و القرون على تقاسيم وجهك شيئا من علل الطبيعة! فلتتكشف كل الأسرار حتى يزول الحقد و تذهب المحن وما تبقى من الضغينة. إن حبي و حبك على حبهم وحبهن يجعل الحب منتصرا أشد انتصار و طاغيا أرق طغيان، على الأرائك الثمينة يجلس المقتدرون من الناس، بينما التعساء منهم افترشوا الأرض الضيقة بين الأرائك الكثيرة، ويا ليث تلك المراتب تشبه بعضها فلا يكون هناك تفاضل بها، بل إنها لغرابتها تُؤخذ، و لحدة جمالها تُملك، فلفرط زينتها تُقتدر، حتى إن هي بلت ورتث تجد لها مشتريا صابرا قنوعا، فتجد في قلبه رحابة و استبصار، بتفاصيلها البالية تأخذ عليه التقدير و بعض الاحترام، يختلط صبره بصبرها حتى التماثل فأيه استهزاء، فحينا يغالي المرء ممترءً حد الجنون فيحسب كل بخس خاتما من لُجَيْن، أتراه يهب أن بين البياض و نور الشمس لمعانا حكرا عليه، إنما هم الناس جميعا بين السماء و الثرى يصنعون يقيمون فيهدمون، استطاب المرء الماء أو استشنعه فلسيظل طيّبا مستطابا لظمإ العطشان ولغليل الوجدان.

في غفلة الواهمين تتجلى حكمة القضاة، و بانتصار الجنود يتربع الملوك على عروشهم مئات المرات، لم ينل الشعب قط ما ارتآه، ولكن هم الحكام من زينوا على جذران قصورهم كل انتصار، و جعلوه لوحات تختزل التاريخ أشد و أمكر اختزال، أترانا نعبد الله بعد شفاعة الأوتان، قد راق للإنس تقمص الجن و الشيطان، فافترى الإنسان على الإنسان، فجرّ بنفسه على نفسه الحروب و الويلات، شيّد هنا قصورا وبنى هناك بيوتا عِجال، وفوق سطوح البيوت استكان للضيْم كثير من الناس، فهيا بنا نسكن القصور أنسة بصاحبها نتقاسم معه الأفراح و الأحزان...والمكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر