الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مآل الثورات العربية بين الإرهاب الإسلامي و الإرهاب العسكري

ابراهيم فيلالي

2013 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


الإحساس بالضعف و العقم و تراكم الهزائم و الفشل و انعدام الرؤية و غياب المشروع و البرنامج و التخبط بدون منهاج ولا غاية و افتقار للاستراتيجيات و فساد مستشري في الحياة اليومية و مؤسسات اقتصاد الريع. هذا هو وضع الأنظمة على طول خارطة البلدان المسماة عربية.في المقابل شعوب مقهورة تاريخيا و مشبعة بالخرافة و الدين و قشور أو شعارات الإيديولوجيات المختلفة، المتصارعة و المتناقضة.
تهميش و حكرة و استغلال و قمع و استبداد و نهب للخيرات و تدمير للأدمغة، أي للمستقبل و الحاضر و توزيع للأوهام و نشر مكثف للجهل و للأفكار المقطوعة الصلة بالواقع.
كل هذه الأشياء و غيرها جعلت من هذه الأنظمة مجرد عصابات تخدم لصالح المافيات الدولية باسم الاتفاقيات غير المتكافئة التي تبرم و هي تشكل ابتزازا و ضغطا و استغلالا. وتتحول الأنظمة بالفعل إلى سماسرة و جلادي شعوبها التي تؤدي الفاتورة في نهاية المطاف.
الثورات بدون وعي تتحول إلى كارثة كما يقع الآن.
هناك أوهام يذهب ضحيتها حتى المتعلمين، سواء عن وعي، يعني بخلفية معينة، أو بدون وعي، أي ما يرونه فعلا موقفا صحيحا و هو غير ذلك.
هؤلاء هم كل الذين كانوا يصفقون للجيش المصري، بناء على الاسترزاق بتاريخ معين أو بلحظات منه. و هم أيضا الذين يمدحون القضاء المصري و يدعون استقلاليته و نزاهته. و هم كذلك الذين يدافعون عن حزب الله باسم المقاومة... و هم كذلك الذين يدافعون عن نظام سوريا باسم التصدي للمؤامرة...
إذا كان المثقف هو العين التي ترى بها المجتمعات طريقها واضحا ، و هو الذي يضطلع بمهمة محو الأوهام و استئصالها من خلال المعرفة و نشر قيم التحرر ، إلى غير ذلك مما يدفع إلى الأمام و يسمح لنا بدخول تاريخ الإنسانية و المساهمة في سعادتها و ازدهارها و تحررها من كل ما يعرقل مسيرتها عبر الزمان و المكان... إذا كان دور المثقف هو هكذا، فان نشر الأوهام يضرب في العمق دوره كمثقف و يحوله إلى بوق للدعاية.
و ما دور الجيش أصلا إن لم يكن احتراف القتل و القمع؟ و هو ضمانة لسلامة الأنظمة و استمراريتها مهما بلغ ضعفها و تخبطها و وحشيتها. قلنا و كتبنا و سنكتب مرة أخرى و نقول إن هذه أنظمة بدون مصداقية و ليست فاقدة لها. إنها أنظمة غير قائمة بذاتها ، بل هي مزروعة و هي دركي في خدمة الأنظمة الاستعمارية و هي ما يسهل النهب و الاستنزاف باسم العلاقات الدولية و المصالح المشتركة.
ما المشترك بين الامبريالية و أذيالها سوى الاستعباد و الاستغلال و تنمية أرباح الشركات المتعددة الجنسيات ؟
و ما دور جيوش لا تطلق رصاصة واحدة إلا في وجه الشعوب ؟
و ما هو العدو إن لم يكن هو الشعب ؟ فهذا الأخير هو الذي يقتل إن انتفض ضد النظام.
قلنا إن الدولة بأجهزتها و بكل مكوناتها المختلفة بما فيها الجيش ، باعتباره الدرع الواقي و الواقف ضد أي احتجاج أو انتفاضة شعبية . هذا الجيش لم يكن مكونا أصلا و منظما و مسلحا و مدربا ليقاتل عدوا خارجيا، بل لمحاربة الوعي و تقتيل الشعب. لا وجود لأرض حررتها الجيوش العربية عبر التاريخ الحديث. هزائم تلو الهزائم . هناك في الجولان و سيناء و شمال المغرب و جزر هنا و هناك في البحرين الأبيض و الأحمر و المحيط. ليست سبتة و مليلية هما المحتلتين فقط ، بل على امتداد شواطئ الشمال و المياه الإقليمية من طنجة إلى السعيدية ترفرف راية اسبانيا. في باديس و هي صخرة في الأرض المغربية على بعد 50 كلم من الحسيمة في اتجاه طنجة وهي تطل على البحر مباشرة قرب شاطئ صغير . و في الحسيمة و في أماكن أخرى ... ماذا تفعل هذه الجيوش ؟ و ما معنى الوطن الذي يتحدثون عنه ؟ و ما معنى إطلاق الرصاص و القنابل و الصواريخ أرضا و جوا على الاحتجاجات و الظاهرات السلمية هنا و هناك؟
حينما يقول البعض انه ضد النظام و هو جزء منه، هل يشكل تغيير الوجوه تغييرا للنظام القائم ؟ و هل الإخوان المسلمون خارج بنية النظام المصري؟ و هل يمتلكون أصلا مشروعا مجتمعيا بديلا للنظام القائم ؟ و هل الجيش يشكل عنصرا محايدا و/ أو وصيا على الشعب المصري حتى يسقط هذا الرئيس و ينصب ذاك ؟ و هل " حافظ" الجيش المصري و غيره على استقلال البلد ؟ و لماذا لم يسقط أنوار السادات حين وقع اتفاقية السلام مع اسرائيل ؟ بالعكس . أول موقف له بعد نهاية مرحلة مبارك كان هو تشبث الدولة المصرية بجميع الاتفاقيات الدولية التي وقعتها قبل الثورة. و لماذا ما زال علم إسرائيل يرفرف في سماء القاهرة إن كان هذا الجيش يدعي حماية مصر و المصريين ؟
لأن وجود السفارة أو التمثيلية الدبلوماسية يعني انتشار للمخابرات و الجواسيس و أشياء أخرى.
أما الإخوان المسلمون فليسوا أقل وحشية و همجية من جيش النظام. هم يريدون أخونة جميع المؤسسات ليحكموا القبضة على حياة الناس فيشكلون لجان على الطريقة الأفغانية باسم أخلاق الدين المهترئة و تسمح لنفسها بالتدخل في الحياة الخاصة و العامة و من ثمة إرساء دعائم دولة دينية استبدادية قرسطوية.
إن جميع الأحزاب و الجيوش و كل التنظيمات القانونية هي أجزاء مكونة للنظام و دولته. لا توجد دولة قائمة بدون جيش و مساعديه و أحزاب أو ما شابه ذلك. هذه مسألة ضرورية لتوهيم الآخرين.
إن الصراع القائم هو صراع على السلطة و ليس صراعا نتيجة للتناقض.
لا يحمل الإخوان المسلمون مشروعا و لا يحمله الجيش. إن هذا الصراع يعبر عن حدة الأزمة التي يعيشها النظام و عن ضعف البديل الحقيقي و تشرذمه.
لا يمثل الخروج للشوارع و الميادين و تحدي آلة القمع سوى وجها ظاهريا للثورة. أما الثورة فهي تدمير للنظام من أساسه و بناء نظام بديل يتجاوز نوعيا وعمليا النظام السابق. هذا لم يحصل. كل ما في الأمر أن الشعب انتفض و ثار و قدم تضحيات من أجل ألا يعود إلى الوراء . استشهادات و اعتقالات و إعدامات و تعذيب ... و في الأخير سرق الذين كانوا ينتظرون مثل هذه اللحظات كل ما أنجزته الجماهير، سرقوا الثورة في الوقت الذي لم يشاركوا فيها. و كأن الشعوب كانت تناضل من أجل الرجوع إلى الوراء، إلى القرون الوسطى.
كان شعار جميع الشعوب هو الحرية و الكرامة و حقوق الإنسان. أما الجيش و الإخوان المسلمون و غيرهم من ألوان الإسلام السياسي فهم أعداء الحرية و الكرامة و حقوق الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل