الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة العاملة .. جوهر الصراع الطبقي صوب قيادة البروليتاريا 3/1

أصيل القباطي

2013 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


يوصف لينين في معجم الماركسية النقدي المفهوم الأساسي للطبقاتِ الإجتماعية ..
"إن ما نقصده بالطبقات هي مجموعات كبيرة من البشر تتميز من بعضها بحسب الموقع الذي تحتله في نظام إنتاج اجتماعي محدد تاريخيا و كذلك بحسب ما لها من علاقات بوسائل الإنتاج و هي علاقات تضبطها و تكرسها قوانين معينة في أغلب الأحيان و كذلك بحسب دورها في التنظيم الاجتماعي للعمل أي حسب الطرق التي تحصل بها على الثروات الاجتماعية و ما تحوزه منها. إن الطبقات هي مجموعات من الناس يستطيع بعضهم ابتزاز عمل الآخرين لا لشيء إلا أنهم يحتلون موقعا متميزا في بنية معينة من الاقتصاد الاجتماعي. إن الواضح هو أن إلغاء الطبقات نهائيا لا يتطلب مجرد الإطاحة بالاستغلاليين و الملاكين العقاريين الكبار و الرأسماليين أو إلغاء ملكيتهم، بل يجب كذلك إلغاء كل أشكال ملكية وسائل الإنتاج و ردم الهوة بين المدينة و الريف و بين العمال اليدويين و المثقفين..."(1)
و هكذا بدأ المفهومُ الطبقي يسري بشدة في صفوفِ أبناءِ الطليعةِ الثوريةُ البلشفية لينقلوا بعد ذلك المفهومَ الطبقي من شيء مقتصر على هذهِ النخبة الثورية الى وعي ثوري طبقي يهتم بمقتضيات الصراع الطبقي الساعِ الى الوصول الى حكم البروليتاريا ـ هذهِ الطبقة الثورية التي ستشكل من مزيجِ من الطبقاتِ العاملة النقابيون فيما بعد و الكادحة و الفلاحين ـ ، لهذا ركز المؤسسون الاول للحزبِ البلشفي كلينين و رفاقهِ أنذاك تروتسكي و بوخارين و شيئاً ما ستالين على الطبقةِ العاملة على أساس أن هذهِ الطبقة هي قوةُ الدفع الأقوى و القوة الأكثر قابلية للتنظيم و التي ستكون فاعلة بعد ذلك للوصول الى البروليتاريا رثة .
فمن منظورِ الشيوعية ينقسم المجتمع ذو نمطِ الإنتاج الرأسمالي إلى طبقتين متقابلتين تماماً حيث تتضح و تتمايز الطبقة البرجوازية ذاتُ رؤوس الأموال الضخمة من جهة مع الطبقة العاملة التي تحوي كل من يكون كسلعة يستعملها رأس المال تتقارب في فكرةِ الثورة مع فئاتِ الفلاحين و البرجوازيين المثقفين و الفئةُ الماومية ، لذلك هنا دائماً ما تكمن جذورُ الثورة .
عندما وضع ماركس و انجلز عنوان "يا عمـال العـالم اتحـدوا" كانا دقيقين في جملتهما القصيرةِ جداً و التي أصبحت شعاراً أممياً ترددهُ كل لغاتِ الأرض ، لم يقصدا هنا الطبقة العاملة و لم يريدا أن يقصدا ذلك ، فالعامل في نمط الإنتاج الإقتصادي الشيوعي يختلف تماماً عن العامل في نمط الإنتاج الإقتصادي الرأسمالي ، فالعامل الشيوعي هو كلُ من يعمل ، و العمل هنا هو كل ما يُبذل من جهد سواء كان في مصتع أو في مزرعة أو في سلكِ الدولة ، فيا " عمال العالم " تعني كل الطبقات التي يهمشها النظام الرأسمالي سواءاً في المصانع ببرجوازيتهِ في التعامل أو في المزارع بإقطاعيته المعروفه .

لهذا الطبقة العاملة أساسُ الثورات :

ان العمال لا يملكون الا قوة العمل. ان الأجرة التي يتقاضوناها مقابل عملهم لا تشكل أكثر من 25 في المائة من قيمة ما ينتجونه في الوحدة الرأسمالية، و هي غير كافية لتوفير شروط حياة انسانية مقبولة، و لا يمكن أن تضمن أي مستقبل لاطفالهم خارج الاستغلال و الحرمان ان لم نقل البطالة. ان الطبقة العاملة مؤهلة موضوعيا للقيام بدور طليعي في الكفاح من أجل مجتمع تنعدم فية الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، و بالتالي ينعدم فيه استغلال الانسان لأخيه الانسان ، فالطبقة العاملة تنتج خيرات الوطن و لا تستفيد منها أضف الى ذلك ان الطبقة العاملة بحكم تواجدها في وحدات عصرية تتميز بامتلاك علمية و تقنية متقدمة (نتيجة استعمالها للآلاات المتطورة)، و بمتلاك الخبرة التنظيمية الضرورية ، و بالوعي بضرورة العمل الجماعي المتضامني في مواجهة مختلف المشاكل داخل المقاولة ، و لان الطبقة العاملة منفتحة على تجارب الكادحين عبر العالم؛ فهي طبقة أممية قبل كل شيء (ان معاناة الكادحين لا تختلف باختلاف الأوطان).

الحاجة الى الحزبِ الثوري الذي سيؤطر هذهِ الطبقة الثورية :

الصراع الطبقي يقودنا إلى تناول دور الحزب في التاريخ. إن الصراع الطبقي ليس فقط صراعًا بين الطبقات وإنما أيضًا داخل الطبقات. فلكي تتمكن الطبقة الصاعدة من تمثيل تحدي فعال للنظام الاجتماعي القديم، يتعين عليها أن تبلور رؤية واضحة للتغيير المنشود. والخطوة الأولى في تكوين هذه الرؤية هي حدوث استقطاب داخل هذه الطبقة الصاعدة، حيث تظهر داخلها أقلية تبلور بديلاً أيديولوجيا متماسكًا للمجتمع القديم. ومع نضج الصراع العملي والفكري داخل صفوف الطبقة الصاعدة وعلى صعيد المجتمع بأسره، فإن هذه الأقلية تتبلور في كيان سياسي مستقل ـ أسمى هذا الكيان نفسه اسم الحزب الثوري أو لا ـ يستهدف التأثير في وعي الطبقة الصاعدة بأسرها، وتعبئة الجماهير من خلال أفكاره وممارسته في حركة سياسية تطيح بالمجتمع القديم ، فعلى مر التاريخ إذن يلعب الحزب الثوري دورًا هامًا في التحولات الاجتماعية والسياسية الكبرى. إلا أن هذا الدور يكتسب أبعادًا خاصة في حالة الحزب العمالي الثوري الحديث، وذلك بحكم خصوصية الثورية الاشتراكية بالمقارنة بكافة الثورات السابقة في التاريخ، ومنها الثورات البرجوازية. إن الثورة الاشتراكية أكثر عمقًا من الثورة البرجوازية فالثورة البرجوازية تقوم على أساس حركات إجتماعية على النقيض من الثورة الاشتراكية التي تخرج من معاناة طبقات كادحة و الثورة البرجوازية دائماً ما تكون صاحبة شعارات براقة كالحرية و العدالة و ما شابه ، إلا أن الشعوب التي ثارت طبقاتها البرجوازية فقط تصطدم بإن كل هذه الشعارات كانت خدعة ، إن ضرورة الحزب تنبع من أن العمال لا يستطيعون تحويل وعيهم السياسي الذي يكتسبونه عبر الصراع الطبقي النقابي أو غيره إلى وعي ثوري دون التوجيه السياسي الذي يقوم به الحزب وهو بالتالي يصبح من خلال الدعاية الثورية المستمرة المنارة التي ترشد جموع العمال إلى الطريق الوحيد لتحقيق مصالحهم الاستراتيجية. إلى جانب ذلك هناك الوظيفة الأخرى التي يقوم بها الحزب والتي تتمثل في توحيد حركة العمال الذين يتمتعون بقدرات أعلى ووعي أعلى من غيرهم في كيان سياسي مستقل عن "الطبقة بأسرها"، لكنه في الوقت نفسه ينخرط بأقصى طاقة في حركة "الطبقة بأسرها".


يتبع


المراجع :
(1) معجم الماركسية النقدية ( فلاديمير لينين )
Lénine :La grande initiative, 1919, œuvre 29,
(2) البيان الشيوعي ( كارل ماركس ، فريدرك إنجلز )
(3) كراسات سجن ( انطونيو جرامشي )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لن أسمح بتحطيم الدولة-.. أمير الكويت يعلق بعض مواد الدستور


.. في ظل مسار العمليات العسكرية في رفح .. هل تطبق إسرائيل البدي




.. تقارير إسرائيلية: حزب الله مستعد للحرب مع إسرائيل في أي لحظة


.. فلسطينية حامل تودع زوجها الشهيد جراء قصف إسرائيلي على غزة




.. ما العبء الذي أضافه قرار أنقرة بقطع كل أنواع التجارة مع تل أ