الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النحات (فمان اسماعيل) ورحلته الخالدة في ادراك الحقيقة...

سيروان شاكر

2013 / 8 / 19
الادب والفن




ثورتي في التعبير صا متة

قد تقرأ أعمال هذا الفنان المبدع بشكل بسيط فتقف عند جزيئاتها ومادتها وتشعر في كل منطقة منها وحدة متكاملة بواقعها وشدة تأثيرها وهذا هو سر تعبير فمان . لقد وهب من طاقة شعورية عالية استطاعت بحق ان توقف المشاهد امام تجربته الحية وامام شكله الذي بلغ العاطفة و التركيز والعمق والرؤية فجعله يترك اثارا بصور لا تقرأه العين بسهولة ، وانما يقع في جنون الفكر فيشتكي من ذاته لغرض مصاحبة هذه الكتل الجامدة والحية في آن واحد ، قادرا على تصوير الصراع العاطفي في نفس المتذوق ، حيث ان اعمال هذا الفنان توقف الفهم في بعض الاحيان ليصل بالفكر والرؤية الى عوالم اخرى يخلق نمطا جديدا للحياة التأملية ، لم يكن فمان خالقا للشكل فقط وانما اعطى لهذا الشكل روحا ايحائيا يتعدى عالم الاشكال الجامدة في الظاهر فقد استطاع بكتله ان يكون علاقة اجتماعية ذاتية يكون بمثابة حوار ذاتي الشكل مع الشكل والشكل مع الرؤية والشكل مع الذات هذه كانت فلسفته في الحياة الفنية فرموزه غير مقتصرة على نوع معين من الاساليب الحديثة بل تعدى عدة اتجاهات معاصرة ليعبر عن القيمة الذاتية في مفهوم بناء القيم الانسانية ، ذلك انه يؤمن ان المعرفة الذاتية غير محددة الاطار بل انها قادرة (الذات) على الوصول الى الحقيقة المطلقة من خلال تجاربه التي لا تقف عند أي مفترق وهي قادرة للوصول الى الوحدة الجوهرية التي تكمن وراء هذه الاشكال .
اعمال الفنان فمان اسماعيل تختلف من حيث الشكل فكل عمل فني له شكله الخاص ، شكل تجريدي قريب الى الاساليب التعابيرية له خصوصية تبرز اعماله من بين اعمال معظم النحاتين دون التركيز حيث من اول وهلة يمكنك ان ترى قيمته الذاتية وخصوصيته الروحية ، ففي اعماله ترى ايضا الصدق ومدى تاثيره بالحدث الذي عاش هذا الفنان ومن تجارب حياتية فكان خلاصة تعابيره قطعة ثمينة تحاكي الرؤية والذات والوجدان ، دون شك هذه القطعة تاريخ لفنان مبدع صادق مع مادته والاته النحتية وتجاربه الفعلية والتي امتزجت جميعها فكونت هذا الشئ المسمى بحاسة التذوق الفني او الوصول الى الحساسية الصحيحة لتذوق الفن ، الذي ليس مجرد تعبير فني يتأثر به بل انه تصور جديد في عالم الفن والفن التشكيلي فذهبت فلسفته التعبيرية الى قراءة الاسس الفنية التي تحكم عليها الذات فغابت الحقيقة الشكلية لتظهر حقيقة الذات في مضمون هادف مثيله قليل في عوالم الثلاث ابعاد ويبرهن على ان اسلوبه والوانه في هذه الكتل ذات الثلاث ابعاد لها مقاصده وحضارته ومعالمه المتطورة تصاحبه الخلق الفني ، فقد قام هذا الفنان المبدع على خلق معالم انسانية من خلال خلق ايحاء صوري ذي علاقات اجتماعية وفرض عليها نمط التعبير العاطفي فتوقظ في نفوسنا ذكريات جميلة ليكون هذا العمل الفني في الاخير شكلا رمزيا تصاحبه نقاط التعبير الحقيقي .
اذن فقد ادرك الفنان صاحب الذوق الرفيع ان كل ما يعمله هو حكم الاثر الانساني على فنه وتقديره الكبير للعمليات التغيرية ، يشغل هيكل اعماله رؤية تفصيلية موحدة تعني ماذا تتأمل وتحاكي وجدان البشر في نضوجها ، ثقافات معاصرة وتيارات مختلفة ظهرت على الساحة الفنية هنا في كوردستان ، والكل لها مضمون يختلف عن الاخر وشكل لا يجادل الثاني ، الا ان فمان خرق هذه المعاهدة بصوره الذاتية ليبحث ما وراء المعاصرة والحقيقة الانية أي حضارة مستقبلية يبنيه هو ذاته دون اللجوء الى ماهو ماضيه في هذه الاساليب المتطورة فجعل من شكله خلقا فنيا واعيا وناضجا ليست مجموعة تجارب متطورة عن رؤية فنان فحسب حيث ان ثقافة هذا الفنان تختلف من ظهوره للشكل الواحد وله فلسفة في رؤية الاشكال فياخذ هذا الشكل دراسة تطورية في تكوين الذوق حتى ينمو ويؤدي عمله تنظيما خاصا لهذه التجارب والاساليب ، ومن هنا كان هذا الفنان ذو التجارب المتعددة في ميدان عالم الفن عرضة دائما ان يؤخذ بقدر ما يقع في تيارات الابداع .
وهكذا يؤكد فمان جانبه العملي والدراسي وكيفية تطورها وهو اساس في تكوين الذوق حتى ينمو ويؤدي عمله في نشاط ابداعي ، ولقد عزز فكرته في اعماله وفصل جسده عن ذاته ليتعمق حشره للشكل الواحد او ربطه بين الكتل في نموذج واحد فهذه العملية كونه له ذوق كبير للاستمرارية في مصاحبة تهيئاته ليكون اثار فنيه يكون فيه اثرا قادرا على ان يعطي اسبابا معينة وثقافة جديدة تكون كافية لمنهجية الغرض الايحائي قبل ان يتعمق في جذور الذوق ، فامكن حالته النفسية ان يعبر عما في وجدانه بكل المعاني الانسانية فولد به فنانا ذوقه من ناحية خاصة وله اتجاه معين ، يتطور ذوقه الفني لينضج في اساليب فنية اخرى ويبحث في مكتسبات الذات شكلا ومضمونا فكرة وهدفا ، وهكذا تبدا الذاتية في الشكل الفني الى محو الفروق والازدواجية بين الاساليب الفنية المعاصرة وانعكاس الوجود الذاتي في شكل العمل الفني وكما قلنا تكرارا ان ذات الفنان ليست بمرآة او كاميرة تنقل اليك الحدث بل هو انعكاس للوجود الذاتي والمؤثرات الخارجية التي تحرك الاحاسيس والوجدان وتضع صيغة جديدة لمواقف الفن والفلسفة الوجودية ، فاذا كانت مهمة العلم تعتمد على الادلة والبراهين فان مهمة الفن او الفنان هو تفسير الوجود ومحاولة ادراك حقائقه من خلال اسرار ذاتية وفهم الواقع بطريقته الفردية ، فيدرك الحقائق بحواسه ويسير في خطوات تنقلية لا يستعين بالبرهان والدليل ، فهذا الفنان ادرك حقائق العالم بفهم خاص وبطريقة لا يكتفي بالاستدلال العقلي او الاستعانة بالحواس الظاهرة وانما عن طريق الحدس الذي ينكشف فيه المخفي بين الذات المدركة والتعبير عن الفكر او الموضوع .
يبدع هذا الفنان من كل ما سبق في الاثر الفني تعبيرا وخلقا وادراكا وهو حصيلة ممارسة هذا الفنان في ربطه ذاته بالعالم الخارجي وعالمه الخاص معا فاوجد تعبيرا قويا يؤثر بعمله على الغير فيزيد من مسوؤليته تجاه العالم ليكتشف حقائق لا يمكن لاي شخص ان يصل الى هذه الحصيلة الانسانية بسهولة فرسم فنا بأسمى الصور ليظهر بذلك شكلا بثلاث ابعاد والبعد الرابع هو البعد الانساني والاخلاقي الذي نهجه هذا الفنان حيث ان للمادة روح وخيالا وقوة تمكنه من ان يخلق لنا عملا ليتجسد فيه مبدا الانسجام بين المتناقضات والاشكل المتضادة .
كما استطاع في ادراك الاصالة لاعماله ذات الابعاد الثلاثة وادرك الذاتية في شرط اساسي ليتفوق هذا الفنان في اجتيازه وبلوغه درجة الاصالة التي هي سمة من سمات الابتكار والابداع في العمل الفني ، واذا اردت ان تدرك ما لهذه الذاتية من اثر فعال في اعماله فما عليك الا ان تعود الى التاريخ والحركة الفنية في عصور الانسانية المختلفة وتنظر الى اعمالهم لترى الى أي حد يمكن ان يكون امتياز هذا الفنان واصالته شرطا اساسيا في تخليد كل عمل فني ، لقد ورث تراثا في بيئته فامتلك ثقافة تتشابه تلك التي تخلق عصرا اثريا وصوريا باسلوب جميل لاصل واحد ، فليس من شك عندنا في ان اعماله النحتية هي عملية فكرية ذاتية نابعة من وجدان انساني يزيد نفعا مباشرا للانسانية ويضع قيمة حقيقية للبشر في اطار الفكر الاجتماعي الموروث في بيئة معينة وثقافة قوية تنبع من اعماق جوهره التي تميزه وتختلف اعماله النحتية في شكل الى اخر ومن اسلوب يفرقه عن غيره من الفنانين المبدعين ، فشرط هذا المبدع انما يعبر في اعماله هي اعمال ذاتية وهذا سر تطور فنه وتطور وجوده الفني ، وبهذه الحقيقة استطاع (فمان) بان يضع له تيارا خاصا يعيش في عالم مليء بالتناقضات الفكرية فحدد طاقته وفق افكاره التغيرية والتعبيرية ولكل عمل مغزاه وصدقه فهذا الفنان له ميزة خاصة قلة قليلة يملكون هذه الخاصية من الصدق والشفافية في التعبير عن اشكاله وعالمه البسيط ولكنها تمر في عالم كبير لها مميزاتها العظيمة .
وهكذا نلاحظ ان منحوتات هذا الفنان لها صوتا ولغة تخلق الاثر في نفوس المتذوق ليستطيعوا ان يعوا ذاتهم ويضع فكرهم في اتجاه خلقي لا تسير الا مع الذين يملكون هذه الافكار المعاصرة ليدرك ما في الفن شانا يقود الانسان الى اظهار ما تحمله من القيم الانسانية والاخلاقية والهادفة الى تنظيم الاحاسيس والذات وفق تعبيرهم فيذهبون الى رسم واقعيتهم بكل شفافية ويتحمسون اكثر لجعل الواقع اكثر مفهومية وجمالا حيث وضع عالمه في كف التغير والانتصار على الكون يجب ان يكون برموز واهداف جديدة وحقيقية تساعد الذات في اظهار تكوينات حرة فمن خلال رؤية اعمال هذا النحات يمكن مشاهدة عدة مفاهيم حرة وقوة التعبير وترى من خلال الوانه تكوين ذات ترابط حسي بين الشكل والرؤية ويختلف في طبيعته بين التعبير والفكر ، فكل ما يرمز اليه هذا الفنان هو ان يضع هذه الاشكال الفوق واقعية او عالمه الخاص في اطار المؤلفية والمنهجية الانية وحتى المستقبلية ، كل كتلة يد مج حدث ويعطي للذاكرة زمنا اجمل ويسجل نهجا جوهريا وفلسفيا في ابراز معالمه الحاضرة والتاريخية ، مساهمات فنية لهذا المبدع لا تقتصر كتلك الاعمال التي حازت اعجاب الملايين من الاعمال القيمة والنادرة فصنع لتاريخه لحظات ابداعية لا يمكن ان تمحو من الذاكرة بسهولة .
اعمال الفنان فمان جميلة هذا يمكن وصفه ذلك لانه يدرس فلسفة الجمال في مضمونه ، وكل عمل فني جديد يعمل على انتشار الاحساس بالجمال وقد يبدو غريبا قول هذا الشيء ولكنه قول صادق ، فباعماله يسعد رؤية العالم والمتذوق فيقدم الاحاسيس ويتصدى الموجات الاتية التي تبحث عن المواضيع ، فعنوانه واحد معتمدا على الزمن الذي يخرق وجدانه وتحتضن دراسة الفن من البداية وحتى النهاية ...اليس هذا يصنع امرا جميلا ، لكن مبعث السعادة الحقيقية ان اعمال هذا الفنان يعبر عن ذاته ويقدم شكلا غريبا للمشاهد ، مدخل متميز في شموله واحاطت هذا الشكل الجميل في اشكال الفلسفة الفنية ويمكن ان نصنف اعمال فمان الى نقطتين يستعرض اولهما الاسس النظرية والمنهجية لمفهوم الفن حيث يؤكد للمشاهد ما يقدمه في العمل الفني من حيث مواكبة الاتجاهات المعاصرة والافادة من احداث التيارات الفكرية في الفن والثقافة والنقد الاجتماعي للفن في المجتمع المعاصر .
ثانيا : يمثل الجانب التطبيقي او العملي لمفهوم الفن وابدع في وضع رؤيتنا على نقاط هامة ورؤى وافاق التحليل في ميادين التصوير والبعد الثالث ، فوسيلة اتصاله بهذا العالم لا تتوقف ويجعله يستمر في كل دقيقة من خياله وهذا يزيد من عظمة هذه الاعمال فلن يجد ابدا مدخلا يلبي كل الاهتمامات ويرضي كل التوجهات الا ان الفن يحقق قوة تحتضن الفنان والمجتمع باقوى صورة في ترجمة الواقع وبشديد الامانة ووضوح العبارة ولذلك انتهز الفرصة لاسجل لهذا الفنان بعض الكلمات حول انجازه المتميز وبنائه لحضارة متميزة .
الحقيقة ان قراء اعمال هذا الفنان ليس من السهل استيعابه الا اذا تمعن في وضعية هذا الشكل حسيا وذهنيا حيث انه دخل الى عالم محاولا تغيير نمط الفن في المجتمع ومع هذا خلق ازمة في ابعادها واشكالها ولكن ثمة سبيل للخروج وهذا ما يريده هذا الفنان الوصول بالمجتمع الى المعالم والخفايا الانسانية الحقيقية – لا تظهر لنا شكلا واضحا ولا تختفي فيه التيارات الاجتماعية والفكرية المعاصرة ويمكن لكل من يفكر ان يرى قدرته الكبيرة في انماء الوعي الذاتي وان يدخل بالخيلات الى اتجاهات واسعة .
الامر بسيط ان تاريخ اعمال هذا الفنان يسجل انقضاء زمن كامل لتوصله الى هذا التخصص بشكل اكاديمي وابداعي فقد بدات اعمال فمان بالظهور حال البدء بالدراسة الاكاديمية ولعل هذه الامور تتضح لنا بجلاء اكثر لو تاملنا في الاشكال ما بعد الاكاديمية في حقل الفنون المعاصرة ويرجع ذلك اثر المفاهيم المدركة في عالم الفلسفة الفنية والابداع لاسيما الاستفادة منه لتخصصه الاسس النظرية الحقيقة الثابتة ، فالامر لافت للنظر عند هذا الفنان حين يدخل مرحلة التامل يغيب عنه النظر للعالم الخارجي فيدخل منطقته الحديثة ويسجل ثقافة حسية في شكل دائري اشبه ما يحاوره الذات مع سلطة الخيال ،هكذا ساهم هذا المبدع في تغير مسار حركة النحت الى ثورة فكرية جديدة لعالم الثلاث ابعاد .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي