الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف مما يحدث في مصر

محفوظ أبي يعلا

2013 / 8 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


" لا أحد يتعلم من التّاريخ " ـ هيجل

تصارع الإخوة الأعداء في مصر بعد يوم 30 يوليوز . فتدخل الجيش ليميل إلى جهة على حساب جهة أخرى . فمال إلى صفوف المعارضة و حارب الإخوان المسلمين الذين فشلوا في سياسة البلد و في تحقيق برنامجهم الإنتخابي و مشروعهم الضخم الّذي نظروا له و هو مشروع النّهضة .

اليوم , تفاقمت الأزمة في مصر . و عمت الفوضى . و البلد أصبح في طريقه إلى حرب أهليّة . فجماعة الإخوان المسلمين دخلت في صراع مع الجيش . دخلت في كر و فر , في قتل و عنف لا يبدو أنهما سينتهيان في القريب العاجل .

و أمام هذا الوضع الخطير , كانت الأسئلة تنبثق داخل كل فرد منا ـ سواء كان مصرياً أو عربياً أو مغاربياً ـ أسئلة عن الموقف مما يحدث في مصر , أسئلة من قبيل : هل أتعاطف مع الإخوان لأنهم أصحاب حقّ , لأنهم مسلمون و غيرهم كفار, لأنهم تعرضوا لتسلط الديكتاتوريّة العسكريّة؟ أم أميل للعسكر باعتباره مخلص البلاد من الفاشيّة الإسلاميّة, من أخونة الدّولة , من رئيس دولة يحكمه رئيس آخر؟

و لما كانت هذه هي الأسئلة التي تطرح , كنا أمام اضطراب و بلبلة الأفكار . أي أمام فتنة . و الفتنة أشد من القتل كما جاء في الفكر الإسلاميّ . فما بالنا أمام فتنة و قتل يحدث يومياً ! من هنا يجوز لي أن أسأل : ما الموقف الذي ينبغي أن نتخذه من فتنة مصر؟ هل نميل لجهة على حساب جهة أخرى؟ أم نعتزل الجميع؟

أمام موضوع مصر أستحضر الصراع القديم الّذي وقع بين المسلمين , بين أنصار "علي" من جهة و أنصار "معاوية" من جهة أخرى . و لو قسنا على الفتنة القديمة لقلنا : أن أنصار الإخوان هم أنصار "علي" و أن أنصار العسكر هم أنصار "معاوية" , فلأي الأنصار نميل؟ صحيح أن القياس ليس دقيقاً لكنه , كما أرى , دقيق في مسألة وجود فتنة . فنحن في القديم أو اليوم أمام فتنة , و أمام طائفتين مسلمتين متقاتلتين .

في الواقع , انقسم النّاس , و أخذوا مواقفهم من الأحداث في مصر . كما أخذوا مواقفهم من الفتنة الكبرى قديماً . فمال البعض لصفوف الإخوان , و هؤلاء لا يكفون عن وضع أشرطة تبين القتل و التقتيل , و لا يكفون عن رفع خطابات المظلوميّة و البكائيّات . و قسم آخر مال لصفوف العسكر , و هذا القسم أيضاً لا يكف عن وضع أشرطة تبين تسلح الإخوان و قتلهم للعسكر . و هؤلاء , أنصار الطرفين , يشعلون الفتنة دون شعور . يظنّ الطرف الأوّل أنه يدافع عن الحقّ , فيساهم في اشعار نار الحقد و الضغينة . و يظنّ الطرف الثاني أنه يدافع أيضاً عن الحقّ فيقوم بما قام به الطرف الأوّل . و ما يشعرون!

ما العمل اذن؟

الحقّ أنه لا عمل سوى ما عمل به بعض المسلمين أمام فتنة علي و معاوية , فماذا عملوا؟ لقد اتخذوا موقفاً حيادياً من الفتنة و اعتزلوا الفريقين , فلم يساهموا في الفتنة بشكل من الأشكال . بمعنى أنه لا ينبغي علينا أن نساهم في الفتنة من خلال التعاطف مع فريق على حساب فريق آخر . بل ينبغي علينا أن نعتزل العسكر و الإخوان معاً . لا نميل لجهة على حساب جهة , و إن كان الفريق القديم من المسلمين فضل الاعتزال والصمت بدلاً من الوقوف مع طرف من الأطراف أو التعبير عن الموقف من الفتنة نظراً لأن المتخاصمين صحابة رسول الله . فإننا اليوم , و إن كنا ملزمين باتخاذ موقفهم , و اعتزال الفريقين , أي اعتزال الإخوان و العسكر , فإننا ملزمين فضلاً عن ذلك بالتعبير عن موقفنا من الفتنة ككلّ . ملزمين بذم الفتنة و أطرافها لا الصمت .

و من هنا , يسعني , في النهاية , القول : إن الموقف الجدير بالاتباع , حسب نظري , مما يحدث في مصر هو اعتزال الأطراف المتصارعة , و ذم الفتنة و جميع أطرافها حتى المشاركين فيها من خلال تعاطفهم مع جهة على حساب جهة أخرى .















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ