الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من نوري السعيد الى غرو هارلم

فارس حميد أمانة

2013 / 8 / 20
كتابات ساخرة


نفتقد الحرية الشخصية والديمقراطية في مجتمعاتنا العربية والاسلامية .. من سيقول عكس ذلك؟
هل نستطيع بناء مجتمع متمدن يقوم على أساس الحرية في الرأي والمعتقد ؟ هل يستطيع العلماني أن يجاهر بعلمانيته في الكثير من البلدان العربية والاسلامية دون التعرض للاعراض ان لم يكن السب والتقريع ؟ هل يستطيع المتدين أن يؤدي طقوسه المفروضة عليه حسب مذهبه ودينه دون تداخلات أو ضغوط أو تهديدات من الآخرين من المتشددين على افتراض ان أغلب مجتمعاتنا هي مجتمعات تزخر بمختلف الأطياف الدينية والمذهبية التي تعايشت على أرض واحدة منذ فترات طويلة جدا ؟ هل يستطيع الفرد في مجتمعاتنا من اعلان رأيه المخالف لرأي حكومته دون التعرض للأذى أو الاعتقال أو ما شابه ذلك ؟
رغم ما يسمى بالربيع العربي وموجة التظاهر للتعبير عن الرأي فلا زلنا لم نتقدم الا خطوات قليلة في طريق الحرية الطويل .. ان فكرة ضياع الوطن ان لم يبقى هذا أو ذاك في السلطة مازالت مسيطرة على عقول من شاخ والتفرد والدكتاتورية العنيدة تتعفن في عقليته .. لازال الكثير ممن هم على رأس هرم السلطة يناور ويضغط للبقاء فترة أخرى رغم مخالفة ذلك للدستور .. فلماذا اذن وضع الدستور ؟ الم يوضع ميزانا وناموسا تسير عليه السلطة الحاكمة ومعها الشعوب ؟ الى متى نظل نطوع دساتيرنا لتتوائم مع رغباتنا الشخصية وليذهب الجميع الى الجحيم ؟ ان بقاء كل حاكم متفرد في السلطة اثني عشر عاما على سبيل المثال يعني ان نفس السياسة داخلية كانت أم خارجية ستبقى دون تغيير مكرسة معها ما يقف خلفها من سلبيات وأخطاء.. ناهيك عن سنة سيئة ينتهجها كل من وجد نفسه القادر الوحيد على قيادة سفينة الوطن وما أكثر ما تزخر به أوطاننا من شخصيات كهذه ..الى متى ستبقى شعوبنا شعوبالا تتفهم المعنى الحقيقي للحرية والديمقراطية في غالبها .. غير قادرة على استيعاب الآخرين .. ومحكومة بالحاكم الأوحد .. المستفيد الوحيد من تشرذمها ؟ لماذا نعتقد ان انتهاء حاكم مستبد وسقوطه عن عرش تفرده يعني نهب ممتلكات الدولة ومصالحها وأبنيتها ؟
لماذا نفكر بعقلية الأنا .. والأنا فقط وسحقا للآخرين ..
اننا لا نعيش وحدنا على أرض الوطن .. بل يعيش معنا من هو على غير ديننا وغير مذهبنا بل يعيش معنا من يخالفنا رأينا .. فهل سنذبحه انتصارا للدين ؟ أو هل سنكمم فمه ثم نرميه في غياهب المعتقلات ؟
لا تعني الديمقراطية والحرية أن أكون حرا في رفع علم دولة غير علم دولتي ولا أن أرفع صورة رجل من دولة آخرى مهما كانت القيمة الروحية أو السياسية لهذا الرجل .. ولا تعني الحرية والديمقراطية أن أسب الآخرين أو أكفرهم فقد نشأ كل واحد منا وقد ورث دينه ومذهبه عن والديه .. فلو ولد كل منا في منطقة أخرى أو في دولة أخرى لما كان دينه نفس الدين ولما كان مذهبه نفس المذهب بل ولما كانت عقيدته نفس العقيدة التي هو عليها.. وأجد ان من يغير مذهبه أو دينه الذي ولد عليه وعن قناعة وتفهم وتمعن رغم ما سيتعرض له من أذى قد يصل الى التجريم وربما القتل لهو أشجع من الكثيرين رغم تحفظي واحترامي لعقائد الناس ..
هل نقدر ان نرى في مجتمعاتنا يوما حاكما نزل اختياريا من على كرسيه نزولا عند رغبة شعبه الذي لا يريده على هرم السطة ؟ هل سنرى حاكما استمع الى رأي معارضيه ؟ هل سنرى مرشحا وصوره جنبا الى جنب مع صور بقية المرشحين سواء بسواء ولا نرى صورا فريدة للحاكم والزعيم الأوحد الذي لم تنجب الأمة سواه ؟
خريف عام 1981 عندما كنت متدربا لعشرين يوما في العاصمة النرويجية أوسلو.. كنت أرى صور وبوسترات المرشحة Gro Harlem بشعرها الأشقر القصير وابتسامتها اللذيذة المبرزة لأسنانها البيضاء جنبا الى جنب مع بقية صور المرشحين وهي لاتزال رئيسة للوزراء اذ لم تنته فترة رئاستها بعد ( وكان عمرها حينذاك اثنان وأربعون عاما فقط ) .. وغالبا ما كنت أرى شبابا يرمون صورها بالطماطم أو يرسمون على شفتها العليا شاربا يشبه شارب هتلر دلالة على وصفهم لها بالدكتاتورة .. أية دكتاتورية يا سادتي وهي لن تزج بمن شوه صورتها في المعتقل ؟ مرة شاهدت شخصا يرتقي منصة ويظلل سنا من اسنانها الظاهرة في الصورة ويترك سنا آخر فتبدوا من بعيد كالساحرة العجوز .. اقتربت من شرطي كان يقف على مقربة منا جامدا كعمود النور الذي انتصب خلفه وسألته لماذا لا يمنع الرجل من تشويه صورة رئيسة وزرائهم بهذا الشكل مما يقلل من هيبة الدولة والحكومة ؟ أجابني ببرود الأسكندنافيين المعهود : " انه يعبر عن رأيه ولا يستطيع منعه من حق وهبه له الدستور" .. وأردف قائلا : " لو عملت في فترة رئاستها بما يرضي الشعب لما كان مصير صورها هكذا " ..
ابتعدت عنه وأنا أتذكر نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي أبان العهد الملكي وهو يترك الوزارة عدة مرات ليكون وزيرا للداخلية مرة وعضو برلمان بدون وزارة مرة آخرى وبدون وزارة أو عضوية برلمان مرة ثالثة .. وكانت نتيجة هذه الديمقراطية سحب الرعاع من الشعب لجثته وجثة الوصي عبد الاله في شارع الرشيد ببغداد عام 1958 .. هل سنسب نوري السعيد أو نسب العهد المباد كما يفعل البعض ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-