الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤتمر الوطني بين رؤيتين

قاسيون

2005 / 5 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


قبل تحديد موعد عقد المؤتمر القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي بكثير طرحت قوى عديدة فكرة عقد مؤتمر وطني في سورية كإطار جامع لكل القوى السياسية في البلاد، يمكن أن تعالج من خلاله ما يواجه البلاد من مخاطر خارجية وداخلية.
وقد ترافق طرح الفكرة مع تباينات جدية بين مختلف القوى السياسية التي طرحتها إزاء المضمون وآليات عقد المؤتمر الوطني والجهات الداعية والمشاركة فيه، الشيء الذي زاد من حجم الالتباس فيما يخص الهدف المركزي من عقد المؤتمر خصوصاً أن المطالبة بعقد المؤتمر الوطني كانت تزداد طرداً مع ازدياد الضغوط والتهديدات ضد سورية منذ إقرار قانون محاسبة سورية إلى القرار 1559 إلى التطورات الأخيرة على الساحة اللبنانية واستمرار الاحتلال الأمريكي ـ الصهيوني في العراق وفلسطين.
كنا قد حذرنا من خطأين جديين في الرؤية السياسية لدى الذين طرحوا فكرة عقد المؤتمر الوطني أو الذين عارضوها وشككوا بمقاصدها، حيث كان أصحاب الفكرة ينطلقون من أن لاوجود للوحدة الوطنية والمؤتمر هو الذي سيخلقها، وهذا غير صحيح لأن أسس الوحدة الوطنية موجودة وتحتاج إلى تعزيز وتطوير، وبالمقابل كانت ردود بعض أهل السلطة تعتبر فكرة عقد المؤتمر الوطني عقلية انقلابية يغذيها الخارج، وكانت تلك الردود تعتبر أيضاً أن الجبهة الوطنية التقدمية هي سقف الوحدة الوطنية وهذا أيضاً خطأ جسيم، خصوصاً أن آليات عمل الجبهة قد استنفدت نفسها مع الزمن، ولم تعد قادرة على حل القضايا الوطنية والاجتماعية والديمقراطية التي تواجه البلاد بعد أن بلغت درجة متقدمة من التماهي بين تلك الأحزاب وجهاز الدولة، جعلت من الأحزاب السياسية تابعا ًلجهاز الدولة وبالتالي ابتعدت عن مصالح البلاد والعباد، والأخطر من ذلك أن الكثير من قيادات تلك الأحزاب أصبح جزءاً من آلية الفساد والنهب التي عانت وتعاني منها البلاد حتى الآن.
والآن، ومع اقتراب موعد عقد المؤتمر القطري لحزب البعث، نلاحظ تعدد الآراء التي تعكسها أجهزة الإعلام حول ماهو مطلوب من المؤتمر القطري في هذه المرحلة، بين اتجاهات عدة. منها من يريد الوقوف في المكان مع ميل شديد نحو المساومة وتعزيز نظرية «الانحناء للعاصفة»، واتجاه آخر يعتبر ماهو قادم، مخططاً عدوانياً أمريكياً ـ صهيونياً لاتنفع معه إلا المقاومة، وهو اتجاه منفتح على الحوار مع القوى الوطنية الأخرى في البلاد، التي ترفض بشكل مطلق منطق الاستقواء بالخارج على الداخل، وتطالب بعدم التفريط بالسيادة الوطنية ووحدة التراب الوطني واعتماد خيار المقاومة.
في هذا الظرف العصيب على المستوى الدولي والإقليمي، والداخلي، وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية الكبرى، ومن الدور الريادي الذي لعبته سورية تاريخياً في الدفاع عن السيادة الوطنية، لابد من إنجاز الحوار الوطني الشامل دون إبطاء بين جميع القوى الوطنية من أحزاب وتجمعات وشخصيات وصولاً إلى مؤتمر وطني على مستوى البلاد، ليس لأن سورية تقع في حالة فراغ، وليس مطلوباً منه الاتفاق على برنامج حكم أو تقاسم المغانم، أو القبول بمنطق الذين يطالبون بمؤتمر وطني على أساس «أعراق ومذاهب وطوائف..»، بل الوصول إلى برنامج مواجهة يؤسس لقيام جبهة شعبية وطنية عريضة بين مقاومين حقيقيين، تلتزم بخيار المقاومة الشاملة وتقوم بدور التعبئة وتنظيم قوى المجتمع على الأرض بما يحفظ ويؤمن كرامة الوطن والمواطن. وهذا يسمح بإصلاح وطني – سياسي شامل يحصن الأمن الاجتماعي الداخلي ويسهم في صياغة دور جديد للدولة بعيداً عن الشكل الوصائي والأمني، ويعزز دور سورية الإقليمي المرتبط بتعزيز اقتصادها ومضاعفة دخلها الوطني وإطلاق الحريات السياسية لجماهير الشعب سياج الدفاع عن الوطن.
إن الحاجة لعقد مؤتمر وطني على الأسس والمبادئ التي ذكرنا تزداد طرداً مع ازدياد المخاطر المحدقة بسورية، ومن هنا فإن المواجهة مع الغزاة الجدد قادمة والاستهانة بها تفضي إلى التفريط بالسيادة الوطنية وتفتيت الدولة وبنية المجتمع، وهذا مافعلته قوات الاحتلال الأمريكي في العراق.
■■








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA