الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل الإسلام السياسي في تجارب الحكم الحديثة

هفال زاخويي

2013 / 8 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


سيكون التقييم خاطئاً عندما يأتي البعض ليحكم على تجربة الإسلاميين في الحكم بالنجاح مستنداً بذلك على تجربة حزب العدالة والتنمية التركي أو كما يسميه البعض بـ (التجربة الأردوغانية) ، إذ ان للتجربة التركية الإسلامية في الحكم خصوصية علمانية ملتصقة بالدستور الأتاتوركي العلماني الحديث المحصن والمحمي من قبل المؤسسة العسكرية التركية التي تمتلك القدرة على كبح جماح أي طرف يريد تغيير وجه الدولة تبعاً لمعاييره ، وهذا ما هو ملموس في تركيا ، فالتجربة تجربة دولة هناك ، ورغم المحاولات والنوايا لحزب العدالة والتمنية لإضفاء طابع اسلامي على الحكم وأسلمة الدولة ، لكن تبقى المحاولات عقيمة ، في وقت ليس بمقدور أحد أن ينكر أيضاً نجاح أردوغان في إدارة الدولة المدنية العصرية وبمفاهيم وأساليب عصرية لا تتعلق بطقوس أردوغان في الصلاة والصوم والدعاء ، فالرجل أثبت بأنه رجل دولة وعلى عدة مسارات وهذا بحث آخر.
لقد أثبت الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي فشله في مشاريع إدارة الحكم وبشكل ملفت للنظر ، فالتجربة الإخوانية المصرية دليل على بؤس مشاريع الإسلام السياسي في مجال أدارة شؤون الحكم وتسيير أمور الشعوب ، وظهر ذلك جلياً من خلال سنة واحدة أراد فيها اخوان مصر اختزال الدولة بكاملها في حزبهم واراد مرسي اختزال مصر وتاريخها وشعبها وقيمها وفنها وثقافتها في شخصه من خلال خطاباته البائسة المحتشدة بمفردة ( أنا ، أنا ) تلك المفردة التي تدل على الجهود المخلصة له لإختزال مصر العريقة بكل توجهاتها في شخصيته التي بُنيَت من قبل مؤسسة الاسلام السياسي .
أما الحال في ايران – ورغم مرور عدة عقود عجاف على التجربة – فليست الحال بأقل بؤساً من التجربة المصرية القصيرة ، فالفارق في الصبر وسايكولوجية المجتمع ، ولا يخفى بأن سايكولوجية الشعوب الإيرانية معروفة بالهدوء وطول النفس والصبر ، أضف الى ذلك ميزة القمع والقسوة التي تتصف بها مؤسسة الحكم الاسلامية الايرانية التي اغرقت ايران في حصار دولي عمره اكثر من ثلاثة عقود وتدهور حاصل في كل مفاصل الحياة ، وعزلة رهيبة عن العالم ، ومصادرة للحقوق والحريات بقوة الحديد والنار ، كما ان الجيش في ايران بكافة صنوفه أداة طيعة بأيدي النظام السياسي ، على عكس المؤسسة العسكرية المصرية التي تنماز بالإستقلالية .
وليست التجربة الأفغانية التي تمثلت في نظام طالبان المتخلف في الحكم بعيدة عن حديثنا والتي أعادت بأفغانستان مئات السنوات الى الوراء في تجربة قمعية متخلفة ، وما تسببت به ممارسات طالبان في فتح ابواب الجحيم على المنطقة برمتها منذ ايلول 2001 .
لا يخفى بأن الأنظمة الراديكالية في المنطقة ، عاشت في ابراج عاجية وكانت الفجوة بينها وبين شعوبها واسعة وخطيرة ، كنظام مبارك في مصر ، وبن علي في تونس ، والقذافي في ليبيا ، والبعثي الأسدي في سوريا ، وقبلها نظام صدام الدكتاتوري الدموي في العراق وقبله نظام شاه ايران (محمد رضا بهلوي)، تلك الأنظمة التي ألََهت نفسها ، من خلال أجهزتها القمعية ومن خلال سطوة المال وسطوة الإعلام وشراء ذمم جيوش المرتزقة من الطبالين والزمارين وما رافق ذلك من المحاولات الناجحة للإخصاء الفكري والثقافي ، ولا يخفى على أحد بأن الإنقلابات العسكرية القميئة التي حدثت في مصر وسوريا والعراق في خمسينيات وستينيات القرن الماضي قد ساهمت بشكل فاعل في صناعة الطغاة وتذليل الشعوب وتجويعها وتقزيمها والقضاء التام على الديمقراطية ... كل هذه العوامل ساهمت في أن يستغل الإسلام السياسي بشقيه (السني والشيعي) عواطف الشعوب وعقائدها واستخدامها كأدوات وآليات للخلاص مستخدمة بذلك خداعاً كبيراً وتنويماً مغناطيسياً للشعوب المتكئة على الأحلام وأمجاد التاريخ الزائفة ، بل والأنكى من ذلك ان هذا الإسلام السياسي قد وقف يتفرج على ثورات الشعوب التي خاضها الشباب ودفعوا ارواحهم ثمناً للتغيير والحرية ، فجاء الإسلام السياسي قافزاً من فوق أكتاف الأهالي وراكبة ثوراتهم للوصول الى الحكم بسهولة بفضل عاطفية الشعوب في هذه الدول وسايكولوجيتها المرتبكة الغارقة في التصديق بوعود (ظلال الله على الأرض) في ان الدول التي ستحكمها الأنظمة الاسلامية ستتحول الى جنة مثلى ... وهي بالفعل جنة مثلى بفضل قوانين التأمين على الحياة والضمان الصحي والضمان الإجتماعي والحريات العامة والفردية وحقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة ...!
لا يمكن لأية تجربة اسلامية سياسية في الحكم أن ترى النجاح خصوصاً ان أحزاب الاسلام السياسي مؤمنة ومعتقدة بحقها التاريخي الطبيعي في حكم الشعوب ، وهذا الحق الطبيعي معناه ركوب الشعوب وتطويعها وتذليلها مستخدمة لذلك نظرية التفويض الإلهي ومستغلة بذلك مشاعر الشعوب الدينية ... وها هي مصر تبعث برسالتها الى العالم لتقول بأن سنة واحدة من حكم الإسلام السياسي قد أضاف بؤساً على البؤس الذي تسبب به نظام مبارك ، وكادت مصر ان تسير نحو الأفغنة الحقيقية بعد ان كانت قرارات مرسي من اعلانه الدستوري وما تذيل به تخنق يوماً بعد يوم نفس الحرية وتطفيء الأضواء لتتحول بذلك مصر الى ظلام دامس كما تحولت ايران الى ظلام .
ان علمنة الدولة ، وفصل الدين عن السياسة او كما هو معروف فصل الدين عن الدولة لا يعني أبداً الإنقلاب على الدين ، بل بالعكس لقد احترمت الأنظمة العلمانية الدين ووضعته في مكانه المناسب ومنحت المؤمنين ومن كل الأديان كامل حقوق ممارسة طقوسهم ، وما فرار الإسلاميين من بلدانهم المسلمة الى دول اوربا والغرب - دول الكفر حسب توصيفات الإسلاميين- الا دليل واضح وبرهان ساطع على ذلك ، فهم يبحثون عن الحرية (كل الحرية) في بلاد الكفر ! فهل بمقدور أنظمة الحكم الإسلامية توفير عشر القدر من الحرية والكرامة والرفاه لشعوبها ، كما توفر دول الكفر ذلك لغير شعوبها وخصوصاً للاجئين الإسلاميين منهم ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه