الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء عقل مصر فى دستور جديد

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2013 / 8 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لم يتحرر شعب فى التاريخ دون أن يدفع ثمن الحرية بالدم، لم تتحرر شعوب أوروبا من بطش الكنيسة والاقطاع الا بالدماء.
دفع الشعب المصرى (منذ ثورته فى يناير 2011 وما تلاها من ثورات حتى اليوم من أغسطس 2013) دماء غزيرة، وأصبحت مصر تستحق الحرية والعدالة والكرامة عن جدارة.
نحن فى حاجة الى تقييم الأحداث الماضية والأشخاص أيضا، وقد سقطت الأقنعة عن كثير من الأفراد والجماعات الدينية والسياسية التى تنكرت وتلونت وخدعت الناس طويلا، تقييم ما مضى يجب ألا يشغلنا عن بناء النظام الجديد الذى تستحقه مصر بعد ما دفعت الثمن بالدم والألم.
هدم النظام القديم وتنظيف المكان ثم وضع الأساس للبناء الجديد. الأساس هو الدستور الجديد. فالدستور هو العقل الذى يوجه جسد الوطن ويسير به الى مستقبل يقوم على الحرية والعدل والكرامة للجميع بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو الطبقة أو العرق أو المذهب أو غيرها، لا يمكن تحقيق هذه المساواة بين الجميع دون النص الواضح الصريح الدقيق على أن الدولة والوطن للجميع دون تفرقة من أى نوع، يعنى ذلك فصل الدولة عن الدين تماما حتى يتحقق عدم التمييز الديني، ويجب النص بوضوح ودقة على المساواة الكاملة بين الرجال والنساء فى جميع القوانين فى الدولة وفى الأسرة حتى يتحقق عدم التمييز الجنسى، دأبت الثورة المضادة داخل مصر وخارجها (منذ فبراير 2011) على تعطيل أى عمل لبناء دستور جديد بعقل جديد يحرر مصر من الخضوع للاستعمار الخارجى والفاشية الدينية الداخلية المتعاونة معه، منذ فبراير 2011 تم تشجيع جماعات دينية متطرفة متخلفة فكريا لتكوين أحزاب سياسية، رغم أن القانون يمنع تكوين الأحزاب على آساس ديني وتم تصعيد جماعة دينية محظورة قانونا (الاخوان المسلمين) الى حكم مصر.
وكانت النتيجة مفجعة، دستور أكثر تخلفا من دساتير القرن الماضي، برلمان هش هزلى يعود بنا الى عصور القرون الوسطي، مزيد من التمييز الدينى والجنسي، مزيد من الفقر والديون والقروض والمعونات الخارجية، مزيد من التبعية للاستعمار الخارجى والتفريط فى أمن مصر وأرضها وكرامتها، تدهورت الأحوال فى كل المجالات حتى قامت ثورة 30 يونيو 2013، خرج أكثر من ثلاثين مليونا من الرجال والنساء والشباب والأطفال، يطالبون بسقوط نظام مرسى والاخوان معا سالت دماء كثيرة، ولم يعد هناك مجال للمراوغة وارتداء الأقنعة، أصبح الصدق ضروريا والاستقامة والمواجهة أدرك الجميع أن مصر تستحق دستورا جديدا يؤكد استقلالها السياسى والاقتصادى، ويحررها من التبعية الخارجية، الدستور الجديد ليس عملا قانونيا فحسب، بل يشمل كل نواحى الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والفنية والأخلاقية وغيرها.
من يضع الدستور الجديد هو عقول مصر المستنيرة فى جميع المجالات وليس فقط فى المجال القانونى يقوم الدستور الجديد على مبدأ المساواة والعدالة والحرية والكرامة للجميع هذا المبدأ يجب أن يكون الأساس لثقافة جديدة وتعليم جديد وأسرة جديدة.
تحدث الكثيرون عن خطورة جماعة الاخوان المسلمين على الأمن القومى وضرورة اعتبارها جماعة ارهابية، لأنها تحمل السلاح وتقتل المواطنين وتحرق منشآت الدولة وتشجع جماعات ارهابية خارجية لضرب قلب مصر وليس فقط أطرافها على الحدود.
هناك ارهاب آخر تمارسه هذه الجماعات والأحزاب الدينية، الارهاب الموجه ضد العقل والخلق والابداع، تجاهل المباديء الانسانية العليا فى جوهر الأديان وترويج التفرقة العنصرية، والإرهاب الموجه ضد جنس النساء والأطفال البنات، وهناك العديد من الظواهر المرضية الوافدة على مصر: فالطفلة عمرها تسع سنوات تخفى رأسها بالحجاب أو النقاب، هذه الطفلة الموؤودة تسير أمامنا كل يوم داخل كفنها الأسود وهى على قيد الحياة؟
انها تجسد الارهاب ضد العقل هذا الارهاب يقتل عقول النساء منذ طفولتهن، يصبحن أمهات بلا عقول، ينشئن أطفالا بلا عقول، هذا الارهاب المسكوت عنه، لا تتحدث عنه الأحزاب المدنية (يمين ويسار) مجاملة للأحزاب الدينية، ولتقسيم الدوائر الانتخابية بينهم ثم كراسى الحكم. فى الدستور الجديد لا بد من نصوص واضحة تحرم الارهاب الفكرى بكل أنواعه، وبناء ثقافة وتعليم وقيم جديدة تعيد بناء العقل المصرى منذ الطفولة، فالأطفال البنات ليس لهن حزب وليس لهن قوة، وإذا تغلبت القوة على الحق فهذا هو الارهاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا شغيلة اليد والقكر وكمونيوا العالم اتحدوا
فؤاد محمد ( 2013 / 8 / 21 - 13:18 )
د نوال الغالية
سيبقى فكركم نبراسا للحرية والكرامةا
اعانقكم


2 - مصر والاسلام
على سالم ( 2013 / 8 / 21 - 16:05 )
لاجدال ان الاسلام كان السبب الاساسى فى تخلف مصر وارتدادها على مر العصور ,منذ حكم المخبول الحاكم بامر الله والذى كان صبيا عندما حكم مصر الى كارثه العصر الحديث محمد مرسى العياط وعصابته الاجراميه سفاكه الدماء ,مصر لن تتعافى من محنتها الا بالتخلص النهائى من الاسلام الرهيب


3 - دستور اييه؟مابني على باطل فهو باطل
عبد الله اغونان ( 2013 / 8 / 21 - 18:29 )
بس

اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي