الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق شخصية (4)

وديع العبيدي

2013 / 8 / 21
سيرة ذاتية


من وقت لآخر كنت أحاول نظم قصائد عمودية، وهي التي كنت أعرضها على الأستاذ ظاهر في المدرسة لمراجعة الوزن، أما النصوص النثرية فلم أعرضها على أحد، خارج العائلة. وذات مرة طلب مني والدي أن أعطيه بعض القصائد، فسألته ما يفعل بها، فقال أنه يريد أن يعرضها على شخص يعرفه. سألته ان كان شاعرا، فقال أنه كاتب.
بعد فترة جاء والدي وبيده جريدة أعطانيها، فتصفحتها، وتركتها على جنب، فسألني: ألم تجد فيها شيئا؟.. قلت له: شيء مثل ماذا؟..
ألم تجد فيها اسمك؟
وعدت أتصفحها من جديد.. فوجدت أبياتا شعرية مقرونة باسمي، وفرحت كثيرا.. هذا يعني أن ما أكتبه يصلح للنشر!.. وكانت تلك نقلة معنوية كبيرة في نفسي، زادت من اصراري على الكتابة، وشجعتني على مراسلة الصحف والمجلات أيضا. ولم يكن عمري يتجاوز الثانية عشر يومها.
وفي تلك السنة أيضا، كان رحيل عميد الأدب العربي طه حسين، فنظمت شعرا في رثائه، فأخذ خالي القصيدة معه إلى الشغل، وعاد ومعه نسخ مطبوعة على الآلة الكاتبة. وكان ذلك أمرا مشجعا من عائلتي. وبدأت أراسل الصحف والمجلات ، مرة باسمي، ومرات بأسماء مستعارة.
في نفس الوقت كنت نشيطا في المشاركات المدرسية والأنشطة الطلابية، ومن نشاطات المدرسة إلى أنشطة الاتحاد العام لشباب العراق (في بعقوبة) ومهرجانات مديرية التربية ومركز شباب بعقوبة. ولا أذكرا كثيرا من الأسماء التي كانت تساهم يومها، ما عدا الشاعر الفقيد أديب البهرزي [أديب البكري/أديب أبو نوار]، وربما أتذكره من خلال أخي (وليد) وعملهما المشترك في فرقة ديالى للفن الحديث للتمثيل باشراف الفنان سعدي الزيدي. يومها نقل لي أخي أن الاستاذ سعدي الزيدي رأى لي قصيدة في احدى الدوريات الفلسطينية، لكني لم أحصل عليها.
من الشعراء الآخرين أذكر حميد الخفاجي وفلاح عسكر الذي قرأ في مناسبة احتفالات مارس في حدائق مركز شباب بعقوبة، قصيدة من الشعر الشعبي بعنوان (عربي ويحبّ كرديّة)، وذلك بحضور محافظ ديالى يومذاك (عيادة كنعان الصديد) وشاركت أنا بقصيدة نثر عامة. وثمة شاب شاعر من خانقين كان اسمه عادل (كما أعتقد) شارك معنا في المهرجان الشعري لمديريات تربية ديالى وذلك في قاعة النشاط المدرسي في بعقوبة.
ورأيت أعلانا في التلفزيون عن مسابقة ثقافية لتلفزيون ميسان في مجالات الشعر والقصة والمسرحية والتمثيلية والبرنامج الاذاعي، فقررت المشاركة بقصيدة من الشعر العمودي، أرسلتها على العنوان المذكور، ذلك كان عام 1975. وفي أول عام 1976 نشرت نتائج المسابقة في الصفحة الأخيرة من جريدة الجمهورية، وكان أسمي الفائز الثاني في جائزة الشعر، مرفقة بدعوة الفائزين للحضور في بهو تلفزين ميسان لاستلام الجوائز. بين أسماء الفائزين في تلك المسابقة كان عديد الأسماء المعروفة اليوم، سيما في مجال القصة والرواية، وكنت أنا أصغر الفائزين سنا.
ومما نشرته يومذاك قصيدتان في مجلة [الاخاء/ قرداشلق] التي كانت تصدر عن نادي الاخاء التركماني في بغداد.
وفي عام 1974 ذهبت برفقة أخي إلى بغداد، - وكان طالبا في معهد الفنون الجميلة-، وزرنا مكتب (مجلة الطليعة الأدبية) في بداية ظهورها، وكانت في بيت سكني في حي المغرب من بغداد، على مسافة من مقر الاتحاد العام لنساء العراق إذذاك. كان يشرف على المجلة أربعة من الشعراء الشباب (شعراء السبعينات). في صالة المنزل، كانت طاولة كبيرة مربّعة تتناثر عليها نصوص أدبية ورسوم وأوراق بلا انتظام. كانت المجلة في فوضى تامة، دون وجود مظاهر نظام أو تخصصات في العمل. يومها كانت تصدر بدون رئيس تحرير أو سكرتير، وتتضمن أسماء الشعراء الأربعة..
قصيدة السبعينات كانت تنتظر ولادة جديدة، وكان الجيل السبعيني يعيش حالة صراع أو مخاض داخلي، ويتسلح بدرجة من الغرور والنرجسية، في مواجهة نفوذ الجيل الستيني، سيد البرقراطية الثقافية في كل البلدان العربية حتى اليوم.
تلك الصورة كانت مفجئة ومفجعة في الواقع، وشعرت بشيء من الضياع في تلك الفوضى. تكلمت مع بعضهم، دون أن أفهم شيئا عن المجلة، لا يتوفرون عليه هم أنفسهم. كانت المجلة تهتم بالدرجة الأولى بالأدباء العرب واستقطابهم للثقافة العراقية. وليس الاهتمام بالأدب العراقي الجديد . وكانت يافطة المجلة هي [تعنى بأدب الأدباء الشباب]، دون تحديد للبلد أو الجغرافيا الوطنية. وقد استمرت تلك المجلة حتى بعد انتقالها إلى مجمع (آفاق) في راغبة خاتون وانتظم عملها - ظاهريا- معنية بتقديم ملفات عربية للشعر والقصة خاصة بكل بلد عربي على حدّة، مع حصة بائسة للعراقيين، غالبا من دائرة العلاقات والمحسوبيات أو التزكيات الرسمية. أما القصيدة التي سلمتها للمجلة، فكانت سريالية قصيرة، ولم أراجعها ثانية، إلى ما بعد عقد من السنين، في مجمع أفاق وكان سكرتير تحريرها الشاعر زاهر الجيزاني،.
بالنسبة لي، كانت قصائد السبعينيات النثرية طويلة، تتعدد فيها الرموز والأفكار والصور، وتحلق بعيدا عن الواقع، ويصعب الامساك فيها بوحدة الموضوع. كما كتبت مطولات شعرية، منها واحدة أسجل فيها حركة سير موجات (النمل) على الجدار وهي تتجه نحو السقف، في طريق متعرج متسللة في شق هناك. كنت أراقبها يوميا وأصف زحفها/ بحيث شغلت دفترا مدرسيا من فئة ستين صفحة. وغير ذلك كثير، إلى جانب القصص ومحاولات الرواية.. لكنها كانت مجرد تمارين في الكتابة، ذهب كثير منها مع الريح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء أتال يقدم استقالته للرئيس ماكرون الذي يطلب منه


.. مدير الشاباك الإسرائيلي يتوجه لمصر لمواصلة المحادثات بشأن وق




.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على جنوبي غزة وسط توغل بري وإطلاق ل


.. قراءة عسكرية.. فصائل المقاومة تكثف قصفها لمحور نتساريم.. ما




.. هآرتس: الجيش الإسرائيلي أمر بتفعيل بروتوكول -هانيبال- خلال ه