الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الشركاء

كاظم الواسطي

2013 / 8 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ظلت العملية السياسية في العراق متأرجحة في سلسلة من الدوّامات المتعاقبة خلال العقد الأخير الذي اعقب سقوط النظام الدكتاتوري السابق ، وقد انعكس ذلك على واقع المجتمع بمجالاته المختلفة ، وخصوصاً في المجال الأمني الذي مازال يشكّل الهمَّ الأول في حياة المواطن العراقي . وصارت التفجيرات ، وعمليات القتل المختلفة ، هاجساً يومياً يفتك في نفوس المواطنين ويشّل عقولهم بترويع مشهد الدم المسفوح ، كل يوم ، في الشوارع والاسواق ، والاحياء المكتظة بالسكان . والمشكلة التي تضفي على هذا الهاجس تعقيداً مركبّا ، والكثير من الالتباس والغموض ، هو أن مساحة الموت المتفجرّة على مدار هذه السنوات تتسعُ في ظل نزاع الساسة الشركاء بغنيمة السلطة ، وتأخذ طبيعة مسارات العلاقة فيما بينهم ، ودائما ما تتفاقم عند درجة الغليان التي يقف عندها ، معظم الأحيان ، مؤشر هذه العلاقة . والمثير للملاحظة ، على المستوى الشعبي ، أن هذا المؤشر يأخذ بالنزول التدريجي عندما تأخذ العلاقة منحى نزاعٍ فعلي يهدد مصالح شركاء الغنيمة ، حيث يبدأون بالمناورات والصفقات التي تثبّت حصصاً اضافية لهذا الطرف أو ذاك لأنهم يعرفون جيداً ما سوف تؤول اليه الأمور عند تحوّل هذا النزاع الى حربٍ أهلية تضع حدوداً فاصلة للشراكة، وتفتح أبواب جهنم على الجميع دون استثناء . ويبقى التمييع المؤقت للفجوات الفعلية بين الشركاء المتخاصمين محفوفاً بأجواء التنافس والنزاع الذي لايمكن ضمان السيطرة عليها في ظل تجذّر الانقسام المجتمعي . وبخبرة الناهبين للمال العام عبر شرعية العمل في مؤسسات الدولة ، وحماية القانون التي يوفرها هذا العمل ، وتوظيف ما يُنهب من ثروات الشعب على شكل رواتب مرتفعة ، وصفقات عملٍ تتحايل على القانون بسلطة المنصب ، للنفوذ وسط جمهورٍ يُسيسُ طائفياً وحزبياً ويُعبأ للضغط والابتزاز ، ويكون تحت السيطرة في لعبة صراع الارادات المنتهكة لمفهوم الوطن والمواطنة. إن استمرار هذه اللعبة السيا – لصيّة يهدد بنية المجتمع ، ويمزّق نسيجها التاريخي عبر تجزئة الشعب الى جماعات وطوائف متصارعة تستمد كلٌ منها قوتها من لصوص الدولة الريعية الذين خربّوا كل مصادر الموارد غير النفطية ليظلوا أرباب عمل وحيدين لجيوش البطالة في العراق ، وللفئات الطفيلية التي تعودت الاسترخاء في ظل صدقات الآخرين . وهم بذلك يسهّلون لقوى الارهاب العمل في وسطٍ جاهز ليكون حاضنة وإمدادا بشرياً يشركونه في لعبتي السياسة والموت الممتزجتين حدَّ التماهي في خارطة الفساد السياسي الحالية في العراق . إن حلقات الارهاب والفساد تترابط فيما بينها بقوة الخروج على القانون وتغتذيان من ذات المال المسروق ، لذا لايمكن أن يفرّط بعضها بالبعض الآخر ، بل هناك شراكة متينة بينها تتنامى بمرور الوقت ، وتأخذ أشكالا تدميرية من أجل استمرارها ، مثلما هو حاصلٌ اليوم من عمليات ارهابية نوعية في التخطيط والتنفيذ ، وليس آخرها عملية تهريب عتاة الارهابيين من سجني التاجي وأبو غريب التي أظهرت بشكلٍ مفضوح هشاشة وجود دولة أو حكومة ، بل غيابهما المعيب جداً عن حماية أمن الوطن والمواطن. وإلاّ كيف يمكن تفسير هروب أكثر من " 500 " سجين إرهابي ، بحسب تصريحات مسؤولين في الدولة ، من سجن أبو غريب ؟ إن وجود عدد من عمليات تهريب سابقة في أكثر من سجن تقضي بوضع آليات عمل أمنية جديدة على ضوء التحقيق في طبيعة تلك العمليات وتحديد المسؤولية عن وقوعها لغرض تجنب تكرارها مستقبلاً ، فكيف بأمر حدوثها بهذا الشكل النوعي من التنفيذ والعدد الكبير من الهاربين ؟ لا يختلف إثنان على أن مثل هذه العملية لايمكن أن تتحقق فقط بقوة من خارج السجن ، إذ لابد من وجود تنسيق مع عناصر فاعلة في الإدارة أو الحماية ، خاصة وأن المعلومات تشير الى حدوث بعض اعمال الشغب وانقطاع للتيار الكهربائي قبل حدوث العملية . إن القدرة النوعية على تنفيذ مثل هذه العمليات ، وتسارع وتيرة التفجيرات الأخيرة في بغداد وبقيّة المحافظات ، وورود أخبار عن عمليات تهجير تقوم بها بعض المليشيات في ديالى ، واستمرار الاغتيالات بالكواتم في وضح النهار ، تثير الكثير من التساؤلات في أذهان المواطنين عن واقع الحكم في العراق ، وعن طبيعة القوى السياسية المتشاركة في ادارة شؤون البلاد . ولكن ما يبقى راسخاً في ذهن المواطن العراقي هو تنصل الجميع عن تحمّل مسؤولية ما يحدث ، وكأن الأمر كله قدرٌ علينا واجب القبول به ، باعتبارنا مخلوقات تستحق لعنة فساد الساسة ، وجرائم الإرهاب .. فماذا علينا أن نفعل ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا