الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غازات سامة ليس لها صاحب

حسين القطبي

2013 / 8 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


حين يتبادل طرفا النزاع في سوريا الاتهامات، فان افضل وسيلة للحصول على ضغط دولي على الخصم، حسب ما يبدو، هي ارتكاب مجازر بحق المدنيين، واخراجها بابشع صورة ممكنة، ثم عرضها على العالم على اساس انها من جرائم الطرف الاخر.

والسبب الذي يدعو قوى الصراع في سوريا اتباع هذه الستراتيجية هو انها تعرف جيدا بان العالم الاخر (خارج حدود الشرق الاوسط) هو عالم سوي، تتحكم بغالبيته مشاعر انسانية، لا يمكن ان يستسيغ مشاهد الموت بهذا الشكل، ولذلك، حسب اعتقادهم، سوف يحصلون على دعم مادي اكثر، من ناحية، ومن ناحية اخرى يساهمون بعزل الخصم دوليا وتجريده من دعم حلفائه.

وقد تكون هذه الستراتيجية ناجحة، فهل هنالك شريط فيديو يمكن ان يثير التقيؤ من شدة الصدمة، لدى الانسان الغربي، من مشهد الاختلاجات الاخيرة لطفل يرتعش بحركات مؤلمة، وهو يحتضر على بلاط المستشفى، متجشأ سوائل امعائه، دون وجود احد من ذويه كما في هذا الشريط.

http://www.youtube.com/watch?v=W4PkP4Y3L0A#t=11


مجزرة الاربعاء 21 اب(اغسطس) في ريف دمشق راح ضحيتها حوالى 1300 مدني معظمهم من الاطفال، قضوا بغاز السارين السام، صارت مثل "البطاطس الساخنة" كل طرف يرميها على الاخر، دون ان يعرف بالتحديد من هو المرتكب الحقيقي لها.

والمتتبع لوسائل الاعلام يتيه في تحديد هوية المجرم الحقيقي، فكل وسيلة اعلامية تكاد تكون منحازة لطرف ما، وتمارس ديماغوجية في فبركة ادلة كلها غير صادقة.

وصحيح ان من ارتكبها كان يستهدف الضغط على الطرف الاخر وتسجيل نقاط سياسة في مرمى الخصم، بغض النظر عن من تكون الضحية، ولكن فعلا، من الذي اقترفها؟

جبهة النصرة تجاهد في سبيل الله، وقد حولت هذا الاله الى وحش يذكرني بشخصية ازدهاك في التراث الكردي القديم، الحاكم الذي تعيش على كتفيه حيتان تتغذيان من لحوم البشر، والههم هذا بالتاكيد لا يتألم لمشهد طفل يحتضر، و"الجبهة" لا تتوانى عن اداء هذه الفريضة ابدا.

الجيش الحر هو الاخر، ارتكب من المجازر في مناطق سيطرته ما لا يختلف عن مجزرة ريف دمشق، وهو الذي يتفنن في استدرار عطف الدول الغربية لمشروع مماثل لمشروعها في ليبيا، وليس من المستبعد ان يقترف جريمة مثل هذه لتبرير مبتغاه.

اما "الجيش العربي السوري" فقد ارتكب من المجازر ما يفوق الطرفين، على مدى عقود كانت ثقيلة على صدر سوريا، ومن اجل الظهور بشكل المدافع عن العلمانية وقيم المجتمع المدني، ولمحاولة عزل خصومه ومنع تسليحهم، فانه لا يتوانى عن القيام بمجازر اكثر بشاعة.

فمن هو الطرف المتهم، من نقل الغازات السامة، ومن القاها، ومن هو صاحبها؟ لا احد يدري، فالشعارات الدينية يتبناها الجميع، اما غازاتهم السامة، فليس لها صاحب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لؤلؤة إفريقيا غير المكتشفة-.. هذا ما تقدمه أوغندا لعشاق تجا


.. اجتياح رفح يشعل التوتر بين مصر وإسرائيل | #غرفة_الأخبار




.. الأردن يحبط مخططا إيرانيا تخريبيا للعبث بأمن واستقرار الممل


.. محمد خضر.. فلسطيني يشهد على جرائم الاحتلال في ذكرى النكبة




.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية شمال قطاع غزة